حماس: هجوم المهزوم- عادل عبد الرحمن
حركة حماس ، فرع الاخوان المسلمون في فلسطين، بحكم الروابط التنظيمية واللوجستية والعملياتية والجغرافية مع جماعة الاخوان في مصر المحروسة، تعيش حالة فقدان وزن، وتوتر وارباك لم تشهده طيلة عقود وجودها في المعترك السياسي، ناجم عن الهزيمة النكراء، التي ألمت بالجماعة في جمهورية مصر العربية. فأصابها من الارتدادات ما أصاب كل فروع الجماعة في العالم، لا بل أكثر وأعمق من باقي الفروع، لان حركة الانقلاب تورطت، تورطا مباشر في جرائم وانتهاكات تنظيم الاخوان في مصر ضد الشعب المصري وجيشه واجهزته الامنية.
وكونها شكلت أداة التنفيذ للارهاب الاخواني، ومازالت تلعب دورا خطيرا ضد قوى ثورة ال 30 من يونيو 2013.
الصدمة قوية في اوساط قيادة حركة حماس من اقصاها الى اقصاها وخاصة التيار المتنفذ في محافظات الجنوب (قطاع غزة)، مما افقد القيادة الاخوانية الفلسطينية الحكمة السياسية، وأضاع بصيرتها، وأغرقها في دوامة الاغتراب أكثر فأكثر عن الجسم الوطني، والبقاء في دائرة التبعية المطلقة لقرارات مكتب الارشاد المصري والتنظيم الدولي، ولم تحاول تدوير الزوايا للتقليل من حجم الخسائر الناجمة عن الهزيمة الصاعقة في مصر للجماعة والرئيس المخلوع محمد مرسي.
هذا الواقع حصر رؤيا حركة حماس، في زاوية احادية الجانب، غير قادرة على رؤية المشهد بكل تلاوينه، مما جعلها اسيرة ردود الفعل الطائشة والعبثية، معتقدة أن مقولة "خير وسيلة للدفاع هي الهجوم !" أسلم سلاح لمواجهة الارتدادات والاهتزازات الناجمة عن الزلزال الثوري المصري، الذي دفن أحلام الاخوان المسلمين على الاقل لخمسين عاما قادمة. لكنها نسيت او تناست، ان وسائل وادوات واليات ولحظة تنفيذ اي هجوم أمر مقرر في مصير هذا الهجوم او ذاك. وبالتالي إن فقدت المقولة المذكورة آنفا إرتكازاتها ونواميسها، تكون النتيجة عكسية، وأكثر ضررا وتعميقا للهزيمة.
التزوير الذي شنته حركة حماس بلسان احد قياديها في غزة، صلاح البردويل، والوثائق، التي إستخدمها في هجومه المعاكس على الرئيس محمود عباس، وعضو اللجنة المركزية لفتح، وجهاز المخابرات، ورئيسه اللواء ماجد فرج وإيراد بعض الاسماء مثل اسم الشهيد فخري العمري، الذي استشهد في يناير 1991 في تونس، وبشير ابوحطب، قنصل فلسطين في السفارة الفلسطينية في مصر وغيرهم، كشفت مباشرة ودون عناء حجم الغباء، وبؤس وهشاشة الهجوم، لانه كشف عن خواء غير مسبوق في العقل التآمري لجماعة الاخوان الانقلابية في محافظات غزة.
لا اود هنا الدخول في الرد التفصيلي على عملية التزوير المبتذلة والتافة، لان احد إستهدافات ( وهي بمحض الصدفة، وليس نتيجة تخطيط واعي) جر القيادة الشرعية برئاسة ابو مازن، وجهاز المخابرات العامة واللجنة المركزية لحركة فتح وغيرها من المؤسسات، الى الدخول في لعبة التفاصيل، والسعي لخلط الاوراق في الساحة، والهروب من إستحقاق المصالحة الوطنية، والتغطية في ذات الوقت ، عن تورطها المباشر في الحرب على الشعب والجيش المصري من خلال إرتكاب الجرائم والعمليات الارهابية في سيناء وداخل القاهرة بواسطة الخلايا النائمة المزروعة في أحياء ومدن مصر كلها، وايضا عبر منابرها الاعلامية، التي تبث السموم والاشاعات المغرضة لتشويه الجيش المصري العظيم مع قناة الجزيرة وغيرها من الفضائيات المأجورة.
ولان المطلوب تسليط الضوء على خليفات ومرتكزات حركة الانقلاب الحمساوية في إستخدام النهج المفرط في الكذب، والتزوير وقلب الحقائق رأسا على عقب، لتبرير الجرائم والانتهاكات ، التي إرتكبتها ضد الهوية الوطنية ووحدة الارض والشعب والنظام السياسي التعددي، والتوقع في مستنقع الامارة الاسن.
اولا حركة حماس كجزء من تنظيم الاخوان الدولي، ليس لها هدف وطني. ولا تؤمن بالوطنية والقومية. لا بل هي أداة تخريب وتمزيق لها. وكل السياسات ، التي اتبعتها منذ قامت كان الهدف منه تفكيك اواصر الوحدة الوطنية.
1-مع تأسيس المجمع الاسلامي، إرتبط فرع الاخوان المسلمين بقيادة احمد ياسين مع ضباط المخابرات الاسرائيلية، الذي امده بالسلاح ( وهو ما إعترف به محمود الزهار مباشرة على فضائية الجزيرة، وبرره بانه نوع من التكية ) وقام فرع الاخوان بملاحقة القوى الوطنية والديمقراطية في الجامعات والمنابر المختلفة، وقام بحرق مكتبة الهلال الاحمر ، التابعة للدكتور الشهيد حيدر عبد الشافي.
2- منذ انطلقت حركة حماس مع إشتعال الانتفاضة الكبرى رفضت العمل في نطاق القيادة الوطنية الموحدة. وأصرت على العمل وفق اجندة خاصة بها، وخارج نطاق التنسيق بمعاييره الدنيا.
3- ارتكبت في إطار الانتفاضة ابشع اشكال الارهاب ضد القوى الوطنية والجماهير على حد سواء تحت عناوين مختلفة، وتمكنت للاسف من فرض منطقها الاسلاموي على قطاعات واسعة من الشعب. وفي السياق ، كانت تقدم خدمات مجانية للاحتلال الاسرائيلي من خلال تسريب المعلومات ضد الوطنين.
4- بعد إقامة السلطة حاولت بالسلاح والقوة فرض منطق إزدواجية السلطة في الاراضي الفلسطينية ، الامر الذي ادى الى التصدي لها في 18 نوفمبر / تشرين ثاني 1995، وقامت آنذاك بحرق سينما النصر والعديد من المؤسسات الوطنية والفندقية تحت دعاوي كاذبة .
5- في اثناء إستلام الاجهزة الامنية والسلطة عموما للاراضي الفلسطينية من سلطات الاحتلال الاسرائيلية ، قامت كتائب القسام التابعة لحركة حماس وبتنسيق مع الاجهزة الامنية الاسرائيلية والاميركية وبعض العربية مع كل إعادة إنتشار للجيش الاسرائيلي بتنفيذ عمليات عسكرية والزج بابناء الشعب الفلسطيني في إتون المذبحة الاسرائيلية لقطع الطريق على الانسحاب الاسرائيلي من الاراضي الفلسطينية.
6- تنفيذها الانقلاب على الشعية الوطنية اواسط 2007 ، رغم وجود الراعي المصري والتوقيع على ثلاثة عشر إتفاقا لوقف الاحتراب الداخلي، ولكن قيادة حماس أصرت على خيارها التقسيمي والتفتيتي. وقبل ذلك أصرت على تشكيل قوتها التنفيذية، اداتها الخاصة في 17 مايو / ايار 2006 لتنفيذ مخططها الانقلابي.
7- عطلت حتى الان كل الاتفاقات المبرمة لاعادة الاعتبار للمصالحة الوطنية. ومازالت تعمل على تعطيل المصالحة والوحدة الوطنية. وتهربت من استحقاق اتفاق شباط 2007 (مكة) وكل الاتفاقات السابقة واللاحقة.
ثانيا هذه وغيرها من الانتهاكات الخطيرة لوحدة الشعب العربي الفلسطيني وهويته الوطنية، التي سعى البعض لتغيبها لاعتبارات خاصة به، واخضع نفسه والشعب والقوى السياسية لحسابات ضيقة ولتصفية حساب مع حركة فتح، وسعى ذلك البعض لمساواة الحركتين، ووضعهن في سلة واحدة!؟ كان خطأً فادحاً فكريا وسياسيا وثقافيا . لم يفرق فيه البعض بين اخطاء وخطايا فتح التنظيمية والوطنية وبين حسابات وخلفيات حركة الانقلاب الحمساوية التآمرية. ولم يميز ذلك البعض بين الاستعمالات المبتذلة، التي نفذتها حركة حماس من خلال إستخدامها للشهداء من ابناء الشعب الفلسطيني ، الذي رأوا في حركة حماس ملاذا لانتمائهم الوطني، وبين اهدافها التآمرية المخربة والمدمرة للهوية الوطنية.
ثالثا التزوير الذي إستعمله صلاح البردويل، كان فضيحة بامتياز. وكان سقوطا مريعا للحركة السوداء. لانه واركان قيادته أعماهم الحقد، وغاب عنهم ابسط ملامح الذكاء، فاستخدموا اسماء اشخاص شهداء، واوراق واختام ومعايير في المراسلة لا تمت للواقع بصلة . والاهم من كل ما تقدم بشأن الامر التفصيلي، ان المخابرات المصرية، التي حاول الرئيس مرسي الـتآمر عليها، كونها جزءا من اجهزة الدولة العميقة، كانت ومازالت عصية على البردويل وهنية ومشعل ومكتب الارشاد. وبالتالي الحديث عن إمتلاكه وثائق من جهاز المخابرات او وصلت لجهاز المخابرات، تنم عن فقر حال في تمرير وإشاعة اي كذبة.
رغم كل ما ورد اعلاه، فإن الفرصة متاحة لردم الهوة إن تراجعت حركة الانقلاب عن خيارها الاخواني التآمري، واعتذرت للشعب والقيادة الشرعية،وان اعتذرت للشعب المصري العظيم على تورطها في الدم المصري، والتدخل في الشؤون الداخلية المصرية، وارتضت خيار الشراكة السياسية، الذي رفضتة من لحظة وجودها في المشهد السياسي الفلسيني، وقبلت النظام التعددي الديمقراطي، وطبقت النظام والقانون (الدستور) الفلسطيني، ونفذت استحقاق المصالحة وفق اعلان الدوحة وورقة المصالحة المصرية . قادم الايام سيكشف الكثير من الخطايا والجرائم ، التي وقعت بها حركة حماس. وسيعلم الذين وضعوا على عيونهم كمامات سوداء كبقر الساقية، اي منقلب إنقلبوا، واي مآل بلغوا بغبائهم السياسي، الذي هدد ومازال يهدد مصير الوطنية الفلسطينية ، ان لم تطوى صفحة الانقلاب.