تصفية الانقلاب الآن .. الآن- عادل عبد الرحمن
شهدت مدينة غزة اول امس مظاهرتين الاولى امام فندق المتحف والثانية امام بيت الاعلامي يحيى رباح.
الاولى طالبت بطرد وفد حركة فتح بقيادة الاخ امين مقبول وعدد آخر من المجلس الثوري من القطاع! والثانية طالبت بحرق بيت الكاتب الصحفي، وعضو قيادة اقليم فتح في غزة، والقصاص منه بالاغتيال، لمجرد انه عَّبر عن موقفه من معتصمي رابعة العدوية والنهضة في جمهورية مصر.
المظاهرتان، التي لا يزيد تعدادها عن العشرات، حركهما قادة ميليشيات حركة حماس، لارسال رسالة لابناء الشعب الفلسطيني ولقواه السياسية وللقيادة الشرعية، بأن قيادة الانقلاب تعلن على الملأ رفض خيار المصالحة، وتتمسك بالانقلاب والامارة بغض النظر عن الاتفاقات ، التي وقعت بين الحركتين :فتح وحماس وبين الكل الوطني؛ والرسالة الثانية تشير الى رفض حركة حماس الاتعاظ من تطور الاحداث الجارية في مصر وتونس وليبيا، وتتمسك بمنطق واجندة الاخوان المسلمين عميقة الصلة بالمخطط الاميركي الاسرائيلي والتركي؛ والثالث رفض قيادة الانقلاب الاصغاء لصوت الشعب، الذي جدد التفويض للقيادة السياسية بطي صفحة الانقلاب في الرابع من يناير كانون الثاني 2013، حينما خرج في مليونية حقيقية في الذكرى ال (48) للثورة الفلسطينية المعاصرة وحركة "فتح" . والرسالة الرابعة شاءت فرع جماعة الاخوان المسلمين في فلسطين، ان تقول : إن محافظات الجنوب (قطاع غزة) "حاكورة خاصة" لحركة حماس، ولا وجود لاية قوة سياسية فيها، وهو ما رفضته الجماهير الغزية طيلة اعوام الانقلاب السبعة، وعلى مدار تاريخها السياسي، واكدت مرة تلو الاخرى، انها للكل الوطني، وترفض القمسة على هذه القوة او تلك، بل هي كما كل مدن وقرى ومحافظات الوطن وتجمعاته في داخل الداخل والشتات للكل الوطني الفلسطيني.
الحراك العبثي لجماعة الانقلاب الحمساوية جاء تتويجا لحملة التحريض، التي تركزت على شخص الرئيس محمود عباس طيلة الايام والاسابيع الماضية، وترافقت مع تطور الاحداث الدراماتيكية في مصر الشقيقة بعد عزل الرئيس الاخواني المخلوع الدكتور محمد مرسي، نتاج تعمق الازمة البنيوية للمشروع الاخواني عموما والحمساوي خصوصا، لعل الهجوم على الرئيس عباس مع الموافقة على الموافقة على المفاوضات مع اسرائيل، يشكل شماعة لهم للتحريض على الرئيس ابو مازن، هذا من جهة، وفي نفس الوقت يعزز موقعهم نسبيا في اوساط الشارع الفلسطيني، لا سيما وان العديد من القوى السياسية رفضت العودة للمفاوضات، من جهة ثانية.
لكن قيادة الانقلاب الاخوانية، نسيت ان الشعب الفلسطيني وقواه السياسية والاجتماعية والثقافية والاعلامية والاكاديمية في ارجاء الوطن والشتات وخاصة في غزة يرفض المنطق الفئوي، ويرفض خيار الانقلاب والامارة، وعمل ويعمل على طي صفحتة السوداء، واعلن (الشعب) بالفم الملآن بان جماهير غزة ورفح وخانيونس ودير البلح وبيت حانون وبيت لاهيا ومخيمات محفظات الجنوب في جباليا والشاطىء والمنطقة الوسطى وتل السلطان ويبنا والشابورة ومخيم خانيونس، التي حملت راية الثورة والمشروع الوطني تاريخيا، ترفض اجندة حماس وخيارها الانقلابي، ولن تسمح لها بمواصلة سياساتها التخريبية والتدميرية لوحدة الارض والشعب والقضية والنظام السياسي التعددي، لذا اعلنت بوضوح تفويضها للقيادة الشرعية بقيادة الرئيس المنتخب محمود عباس بتحريرها من الانقلاب.
بناءا على ما تقدم، وحتى لا تمضي حركة حماس قدما في مشروعها التدميري لوحدة الارض والشعب، ولقطع الطريق على ما تحظر له في قادم الايام من سياسات تهدد بشكل اخطر مما سبق مصير الشعب العربي الفلسطيني برمته، تفرض الضرورة على القيادة السياسية وضع خطة إستراتيجية وتكتيكية الان ، واليوم قبل غد لطي صفحة الانقلاب الحمساوي الاسود، لاعادة الاعتبار للمشروع الوطني ولهوية الشعب الفلسطيني الواحد والموحد تحت راية منظمة التحرير. ولا يجوز التلكؤ والمراوحة في ذات المكان، لان اللحظة السياسية لن تعد تحتمل سياسة المراوحة والتسويف في طي الصفحة السوداء طيلة الاعوام السبعة الماضية. وهذا يفرض تشكيل لجنة خاصة تقوم بوضع خطة بسيناريوهات عدة لطي صفحة الانقلاب، واختيار اداة مختلفة ومغايرة عما هو موجود راهنا على الارض، للتمكن من العمل بهدوء وتنفيذ البرنامج الوطني.
هذه الدعوة لا تعني إسالة اية نقطة دم فلسطينية، ولكنها ايضا دعوة لاتخاذ موقف حازم وجذري من اي قوة تحاول الحؤول دون عودة الوحدة الوطنية، وحماية وحدة الارض والشعب والاهداف الوطنية. وعلى القيادة الان إحترام التواريخ وتقديسها في طي صفحة الامارة الحمساوية البغيضة والمعادية للمشروع الوطني، والتي لا تمت بصلة للمقاومة والاهداف الوطنية.
مصالح الشعب العليا لم تعد تقبل إستخدام السياسة الساذجة والتبسيطية، التي درجت القيادات الوطنية على إستخدامها طيلة الاعوام الماضية من الانقلاب. وعلى القائمين على صناعة القرار السياسي تجاوز اليات عملها السابق مع الانقلاب، والاستفادة من التحولات الاستراتيجية، التي حدثت في مصر، وعليها الآ تسمع بعض الافكار الخرقاء، التي روجها البعض في اوساط الساحة، "انه لا يجوز الاستقواء بالتطورات الجارية في مصر!؟" لانها افكار بالية وعبيطة، والسياسة هي "فن الممكن" ، والسياسي البارع ، هو من يجيد الاستخدام الامثل للعوامل الكموضوعية والذاتية المحيطة به لتحقيق اهدافه، وطي وتصففية صفحة الانقلاب، واحدة من اهم الخطوات ضرورة الان، والان فقط.
a.a.alrhman@gmail.com