الحسم بالدم- فؤاد ابو حجلة
يبدو المشهد المصري أكثر دموية مما توقعه حتى المتشائمون إزاء مآلات المواجهة بين جماعة الاخوان المسلمين والدولة المصرية.
الانفعال سيد الموقف في القاهرة والمحافظات والاحتقان يصل مستوى غير مسبوق في مجتمع كان يتميز بتسامحه وسلمه الأهلي. والدم يغطي أرصفة كثيرة ويملأ شاشات أكثر تحتفل باشتعال القاهرة وتصب الوقود على حرائق السياسة.
من الواضح أن هناك قرارا أميركيا – أوروبيا – اسرائيليا بسرينة مصر، ومن الواضح أن للتحالف الغربي حلفاء اقليميين وعربا مثل تركيا وقطر، وهناك رهان على صمت عربي مخز شبيه بصمت العرب على احتلال العراق واحراق سوريا وقبل ذلك صمتهم على احتلال فلسطين وذبح أهلها.
في ظل هذا التوجه ليس مهما تحديد مصادر العنف ومن يتحمل مسؤوليته في شوارع مصر، فهناك مسؤولية أكبر وأخطر هي مسؤولية حماية الدولة ووقف انهيارها والحؤول دون تقسيمها الى مناطق حكم ذاتي وامارات دينية لا تعترف بمرجعية الهوية الوطنية والبعد القومي لهذه الهوية.
وإذا كان هذا الاحتمال البائس في المرحلة السابقة بعيدا عن التوقعات ونوعا من التوهم الذي يثير سخرية الواثقين من تماسك المجتمع المصري وصلابة الدولة الأعمق في تاريخ البشرية إلا أن ما يجري الآن في المحروسة ينذر بقدرة القوى المتربصة على تفتيت المجتمع المصري وشطب هويته الوطنية وتحريك قطاعات كبيرة من الجمهور ضد الدولة بقرار يبدو شبيها لقرار المخابرات المركزية الأميركية تحريك عشرات الآلاف من الايرانيين في شوارع طهران لاسقاط حكومة محمد مصدق في أوائل الخمسينيات.
في مواجهة الضغط الاميركي والاسرائيلي على الدولة المصرية لا بد من مواقف عربية واضحة من أنظمة قائمة ستواجه مصيرا مشابها إذا نجح المشروع الأمريكي في مصر لا سمح الله. ولا بد من تحرك سياسي دبلوماسي عربي في الساحة الدولية لمنع أطراف مشبوهة من الاستقواء بالخارج المعادي.
رغم كل شيء تمتلك مصر كل مقومات البقاء والخروج من الأزمة لكن حقها على العرب جميعا وعلينا تحديدا الوقوف معها في هذه المحنة، لتنتهي مرحلة الحسم الأميركي بالدم العربي.