هنية الخطوة ناقصة - عادل عبد الرحمن
اعلن قبل يومين نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، اسماعيل هنية القوى السياسية للمشاركة في إدارة شؤون محافظات الجنوب، كما طالب بالمشاركة في الانتخابات البلدية وغيرها من المؤسسات. عمق فكرة ابو العبد، نائب المؤسسة الانقلابية ، زياد الظاظا، باستعداد قيادة الانقلاب لوجود طاقم من حرس الرئاسة تحت إشراف ميليشيا الانقلاب على معبر رفح البري!
قراءة موضوعية لما اعلنه الرجلان، تشير الى تقدم محدود لدى قيادة التيار المتنفذ في الانقلاب، وتؤشر الى إستعدادها لاتخاذ خطوات ايجابية نحو المصالحة. لكنها من خلال طرح المواقف الجديدة، شاءت ان تلقي بالون إختبار لقراءة ردود الفعل الوطنية وخاصة موقف الشرعية الوطنية برئاسة الرئيس ابو مازن، تمهيدا لوضع السيناريوهات المناسبة من وجهة نظرها (قيادة الانقلاب) لمواجهة تحديات المرحلة المقبلة. ومن جانب آخر، الاتجاه الايجابي في قيادة الانقلاب، حرصت بذات القدر إن لم يكن اكثر، إلقاء كرة في المستنقع الآسن عند التيار المتطرف في حركة حماس عموما وغزة خصوصا، الذي يمثله الاتجاه المتطرف امثال محمود الزهار والعلمي ومروان عيسى وغيرهم، لقراءة ردود فعلهم من الخطوة، التي اقدموا عليها، وذلك بتقدير المراقب، بالون اختبار لقياس ردود الفعل، وقراءة مدى إستعداد القائمين على الانقلاب الحمساوي في تقبل الخطوات الدراماتيكية، التي ستفرض عليها لطي صفحة الانقلاب كليا في قادم الايام.
بالتأكيد لم تأت خطوة اسماعيل هنية ولا زياد الظاظا إعتباطية، او نتيجة كرم اخلاق منهما، إنما جاءت في اعقاب الادراك العميق لما انتجتة تداعيات الثورة المصرية الثانية، ولما افرزته المظاهرة المليونية في يناير 2013 في محافظات الجنوب (قطاع غزة )، ودرءا للنتائج ، التي يمكن ان تنجم عن حركة "تمرد" غزة في الحادي عشر من نوفمبر تشرين الثاني القادم. ولقناعة قيادة حماس بان رأس إنقلابها بات في المقصلة الوطنية والعربية، وبدأت الحبل تضيق مع كل إطلالة صباح.
مع ذلك خطوة السيد هنية والظاظا قاصرة، ولا تستجيب للحد الادنى مما تم الاتفاق عليه في ورقة المصالحة المصرية واعلان الدوحة. ولا تستجيب لمصالح الشعب الفلسطيني، لانهما بما اعلناه، كأنهما شاءا ان يقولا للكل الوطني، ان حدود ما نقبل به، هو إدراة الانقلاب مع حماس، وليس طي صفحتة. كما ان المراقب الموضوعي، وهو يقرأ الموقف الحمساوي الجديد، يستنتج، وكأن "حماس" تملك حق التقرير والاملاء على الشرعية وفصائل العمل الوطني، وهو شكل من اشكال الاستهبال وعدم الادراك الدقيق لحجم التحولات الجارية في الساحة المصرية والفلسطينية خاصة والعربية عموما. الامر الذي يفرض على ابو العبد هنية ونائبه ومن معهما من الاتجاه الايجابي، التحلي بالشجاعة والمسؤولية تجاه الذات الشخصية والحزبية والوطنية، والاعلان الواضح والصريح، الذي لا لبس فيه، الاستعداد المباشر وفورا لطي صفحة الانقلاب، والانخراط في الاجراءات على الارض لتفكيك مؤسساته كلها، وفتح ابواب الجناح الثاني من اقصاه لاقصاه اما الشرعية الوطنية برئاسة ابو مازن لترميم ما افسده انقلابهم، وحل ميليشياتهم، واعادة تنظيم قوات الاجهزة الامنية لاستلام مهامها في تأمين امن الوطن والمواطن، واستلام المعابر وخاصة رفح وكرم ابو سالم وكارني وبيت حانون، وترتيب عودة الوزرات والمؤسسات القضائية والسلطات المختلفة لما كان عليه الحال قبل الانقلاب عام 2007، واعتذار قيادة الانقلاب عن ما ارتكبته من جرائم وانتهاكات بحق الشعب والشرعية ومنتسبي الاجهزة الامنية، وهذا الموقف لا يحمل ابتزازا او استقواءا بما يجري ، رغم اهمية وضروروة الاستفادة من كل التحولات الذاتية والموضوعية الجارية في الداخل الفلسطيني والمحيط العربي. وقبل ذلك توقف قيادة الانقلاب عن حملات التحريض على القيادة الوطنية، وايقاف ابواقها الاعلامية ضد ما يجري في مصر، لانه يمس بالمصالح الوطنية، والبحث عن وسيلة واقعية لايجاد مسافة بينها وبين جماعة الاخوان المسلمين في مصر والتنظيم الدولي.
الفرصة متاحة الان لتفادي مضاعفة الخسائر الحمساوية، وكلما تأخر الوقت، تضاعف الثمن، لان الشرعية الوطنية قادمة لا محالة لطي صفحة الانقلاب، وحركة "نمرد" لن تثنيها تهديدات ابو العبد وميليشياته الانقلابية، ولم يعد ما يخشاه الشعب في محافظات الجنوب ، لانه ضاق ذرعا بالانقلاب والانقلابيين وظلاميتهم، وهو على استعداد لتحمل مسؤولياته حتى لو قَّصر البعض في قراءة ارادة الشعب، ووضع راسه في الرمال والحسابات الصغيرة الضيقة...