دورة عادية في لحظة غير عادية - عادل عبد الرحمن
بدأ المجلس الثوري لحركة فتح دورته الثانية عشرة بالامس لمناقشة قضايا داخلية (تنظيمية) ووطنية عامة. غير ان الضرورة تملي على اعضاء المجلس الثوري، حتى لو تم إقرار بنود وجدول اعمال الدورة بالامس، العمل على إعادة النظر بها، والتركيز على المسائل السياسية الوطنية وتقتصر على مسائل عدة اهمها: الاولى مسيرة المفاوضات مع إسرائيل ومستقبلها في ظل السياسات الاسرائيلية؛ ثانيا طي صفحة الانقلاب؛ والثالثة المقاومة الشعبية وكيفية تصعيدها بشكل منهجي ومنظم بعيدا عن لغة المناشدات؛ رابعا الامن الداخلي في محافظات الشمال، الذي شهد تآكلا في الآونة الاخيرة. وعلى الصعيد العربي كيفية الاستفادة من الثورة المصرية الثانية لاعادة الاعتبار للبعد القومي العربي الرسمي والشعبي؛ والشأن الدولي كيفية استثمار تراجع مكانة الولايات المتحدة، ونسج تحالفات اممية أكثر رسوخا، تعمد بأطر واضحة.
اللحظة السياسية الراهنة ليست عادية. ويخطئ من يعتقد ان المعطى السياسي القائم في الساحة العربية منذ الثلاثين من حزيران / يونيو 2013، لا يختلف عما سبقه من تاريخ. لأن الثلاثين من حزيران كان خطا فاصلا بين مرحلتين سياسيتين في حياة مصر والامة العربية وفي المقدمة منها الشعب العربي الفلسطيني. وعدم قراءة المتحول الاستراتيجي المصري برؤية ثاقبة، يعني غياب القيادة السياسية عن البصيرة السياسية، واستشراف المستقبل المنظور والمتوسط.
لكن وفق المعطيات المعلومة لدى المراقب، القيادة الفلسطينية بمكوناتها المختلفة الرسمية والفصائلية، تعي اهمية الحدث المصري عربيا وفلسطينيا. غير ان الاداء القيادي الفلسطيني ما زال حتى اللحظة يتعامل كما "المدحلة السوفياتية" زمن الاتحاد السوفيتي السابق. وحتى دون خطة عمل محددة لاستنهاض الحالة الوطنية، بما يؤمن تحقيق اكثر من ضربة بحجر واحد. والبادي للعيان، ان مركز القرار الوطني على سبيل المثال لا الحصر، يعالج مسألة الانقلاب الحمساوي بطريقة غير عميقة. مفترضا ان زيارات بعض المسؤولين لمحافظات الجنوب حتى دون حمل رسائل محددة، يمكن ان يشكل ارضية وأساسا للتحول الممكن في طي صفحة الانقلاب الحمساوي. وبعض رموز القرار يضع بيضاته في سلة "حركة تمرد غزة"، مراهنا عليها في إعفائه من اي جهد لاحق. دون ان يفكر في كيفية التعامل مع هذه الحركة الوطنية، وكيفية الاستفادة منها بغض النظر عن التوصيفات، التي يطلقها البعض على "تمرد"، واحتسابها على قوى لا تنضوي تحت راية الشرعية الوطنية. والأهم وفق ما يعلم المرء، غياب الخطة الوطنية لاستعادة قطاع غزة، وكيفية التعامل مع الواقع الجديد الناجم عن وجوده (القطاع ) تحت سيطرة القوى الانقلابية مدة سبعة اعوام.
وعلى صعيد التسوية السياسية، مما لا شك فيه، ان الضرورة تملي بموضوعية وهدوء قراءة العودة للمفاوضات مع إسرائيل. لا سيما وان الضرورة تملي وضع نواظم للمفاوضات، مع العلم واليقين لدى الجميع، بأن القيادة الاسرائيلية ليست بوارد الالتزام بخيار حل الدولتين على حدود الرابع من حزيران عام 1967. وكل المؤشرات على الارض من تهويد ومصادرة اراض واعلان عطاءات وهدم بيوت وبرامج عمل ودعم مالي وسياسي ولوجستي للمستعمرات الاسرائيلية، تشير الى ان حكومة نتنياهو تلعب لعبة الاستغماية مع القيادة الفلسطينية ومع الراعي الاميركي، الذي يعرف جيدا حدود السقف الاسرائيلي السياسي. مما يشير الى ان اميركا من خلال الضغط على القيادة، تريد ان تروض القيادة للقبول بالحلول المؤقتة، وبالتالي التساوق مع إسرائيل في خيارها الاستعماري.
نعم الشعب والقيادة بحاجة لتجاوز المرحلة الرمادية في الساحة العربية والدولية وطبعا الوطنية، وهي بحاجة ماسة لفترة لا تقل عن فترة المفاوضات المقررة (9 شهور) غير ان ذلك لا يمنع القيادة من بلورة رؤية واضحة لضبط ايقاع الممارسات والانتهاكات والجرائم الاسرائيلية، والعمل على انتزاع ما يمكن انتزاعه من مكتسبات حتى ولو كانت جزئية وثانوية بمعايير الهدف السياسي. وعليها الاستفادة من الثقل الغربي الاوروبي والروسي، وتفعيل الحالة العربية للضغط على اسرائيل لوقف سياساتها الاستعمارية في اراضي دولة فلسطين المحتلة عام 1967.
الملفات الاخرى الداخلية ايضا تحتاج الى وضع خطة وطنية وآليات عمل مغايرة للسيطرة على إيقاع الشارع الوطني. لأن هناك قوى فلسطينية وإسرائيلية واميركية وعربية تريد العبث بالساحة الداخلية لضرب ركائز المؤسسة الوطنية الفلسطينية. وهناك سلاح منتشر في محافظات الوطن لا يقتصر عند حدود السلاح الفردي الخفيف، بل هناك اسلحة متوسطة تباع وتشترى وتخزن في المدن والقرى، الأمر، الذي يفرض اليقظة وعدم النوم على "حرير" إشاعة الاطمئنان داخل النفس القيادية. لأن الواقع يقول عكس ذلك، وما حصل في مخيم عسكر وغيره من المناطق يعكس ما ستحمله الايام القادمة ان لم يعد النظر في الحالة الداخلية.
والمقاومة الشعبية، توقف المرء امامها مرات عدة، ولكن لأهميتها واولويتها، تحتاج مجددا التوقف امامها، والتخلي عن إطلاق الكلام على عواهنة دون وضع آليات عمل، ورصد امكانيات وتحديد اداة قادرة وكفؤة للنهوض بها، لتكون رافدا للنضال السياسي والديبلوماسي.
اما الموضوع العربي والنهوض به، فهي مسألة في غاية الاهمية، تحتاج الى قراءة عميقة من قبل صانع القرار السياسي وقوى منظمة التحرير وخاصة حركة فتح، لاعادة الاعتبار للنهوض بحركة التحرر الوطني العربية. هذا الموضوع لا يمكن اختزاله بمجموعة جمل في هذه العجالة، الامر الذي يتطلب رؤية شاملة. وكذلك الامر بالنسبة للتحالفات الدولية.
المسائل الداخلية الفتحاوية، يمكن لدورة المجلس الثوري معالجتها في جلسة لاحقة، والتركيز على الهموم المشار لها اعلاه. نعم الدورة عادية، ولكن اللحظة السياسية غير عادية، وتحتاج الى قراءة ووقفة غير عادية.
haاللحظة السياسية الراهنة ليست عادية. ويخطئ من يعتقد ان المعطى السياسي القائم في الساحة العربية منذ الثلاثين من حزيران / يونيو 2013، لا يختلف عما سبقه من تاريخ. لأن الثلاثين من حزيران كان خطا فاصلا بين مرحلتين سياسيتين في حياة مصر والامة العربية وفي المقدمة منها الشعب العربي الفلسطيني. وعدم قراءة المتحول الاستراتيجي المصري برؤية ثاقبة، يعني غياب القيادة السياسية عن البصيرة السياسية، واستشراف المستقبل المنظور والمتوسط.
لكن وفق المعطيات المعلومة لدى المراقب، القيادة الفلسطينية بمكوناتها المختلفة الرسمية والفصائلية، تعي اهمية الحدث المصري عربيا وفلسطينيا. غير ان الاداء القيادي الفلسطيني ما زال حتى اللحظة يتعامل كما "المدحلة السوفياتية" زمن الاتحاد السوفيتي السابق. وحتى دون خطة عمل محددة لاستنهاض الحالة الوطنية، بما يؤمن تحقيق اكثر من ضربة بحجر واحد. والبادي للعيان، ان مركز القرار الوطني على سبيل المثال لا الحصر، يعالج مسألة الانقلاب الحمساوي بطريقة غير عميقة. مفترضا ان زيارات بعض المسؤولين لمحافظات الجنوب حتى دون حمل رسائل محددة، يمكن ان يشكل ارضية وأساسا للتحول الممكن في طي صفحة الانقلاب الحمساوي. وبعض رموز القرار يضع بيضاته في سلة "حركة تمرد غزة"، مراهنا عليها في إعفائه من اي جهد لاحق. دون ان يفكر في كيفية التعامل مع هذه الحركة الوطنية، وكيفية الاستفادة منها بغض النظر عن التوصيفات، التي يطلقها البعض على "تمرد"، واحتسابها على قوى لا تنضوي تحت راية الشرعية الوطنية. والأهم وفق ما يعلم المرء، غياب الخطة الوطنية لاستعادة قطاع غزة، وكيفية التعامل مع الواقع الجديد الناجم عن وجوده (القطاع ) تحت سيطرة القوى الانقلابية مدة سبعة اعوام.
وعلى صعيد التسوية السياسية، مما لا شك فيه، ان الضرورة تملي بموضوعية وهدوء قراءة العودة للمفاوضات مع إسرائيل. لا سيما وان الضرورة تملي وضع نواظم للمفاوضات، مع العلم واليقين لدى الجميع، بأن القيادة الاسرائيلية ليست بوارد الالتزام بخيار حل الدولتين على حدود الرابع من حزيران عام 1967. وكل المؤشرات على الارض من تهويد ومصادرة اراض واعلان عطاءات وهدم بيوت وبرامج عمل ودعم مالي وسياسي ولوجستي للمستعمرات الاسرائيلية، تشير الى ان حكومة نتنياهو تلعب لعبة الاستغماية مع القيادة الفلسطينية ومع الراعي الاميركي، الذي يعرف جيدا حدود السقف الاسرائيلي السياسي. مما يشير الى ان اميركا من خلال الضغط على القيادة، تريد ان تروض القيادة للقبول بالحلول المؤقتة، وبالتالي التساوق مع إسرائيل في خيارها الاستعماري.
نعم الشعب والقيادة بحاجة لتجاوز المرحلة الرمادية في الساحة العربية والدولية وطبعا الوطنية، وهي بحاجة ماسة لفترة لا تقل عن فترة المفاوضات المقررة (9 شهور) غير ان ذلك لا يمنع القيادة من بلورة رؤية واضحة لضبط ايقاع الممارسات والانتهاكات والجرائم الاسرائيلية، والعمل على انتزاع ما يمكن انتزاعه من مكتسبات حتى ولو كانت جزئية وثانوية بمعايير الهدف السياسي. وعليها الاستفادة من الثقل الغربي الاوروبي والروسي، وتفعيل الحالة العربية للضغط على اسرائيل لوقف سياساتها الاستعمارية في اراضي دولة فلسطين المحتلة عام 1967.
الملفات الاخرى الداخلية ايضا تحتاج الى وضع خطة وطنية وآليات عمل مغايرة للسيطرة على إيقاع الشارع الوطني. لأن هناك قوى فلسطينية وإسرائيلية واميركية وعربية تريد العبث بالساحة الداخلية لضرب ركائز المؤسسة الوطنية الفلسطينية. وهناك سلاح منتشر في محافظات الوطن لا يقتصر عند حدود السلاح الفردي الخفيف، بل هناك اسلحة متوسطة تباع وتشترى وتخزن في المدن والقرى، الأمر، الذي يفرض اليقظة وعدم النوم على "حرير" إشاعة الاطمئنان داخل النفس القيادية. لأن الواقع يقول عكس ذلك، وما حصل في مخيم عسكر وغيره من المناطق يعكس ما ستحمله الايام القادمة ان لم يعد النظر في الحالة الداخلية.
والمقاومة الشعبية، توقف المرء امامها مرات عدة، ولكن لأهميتها واولويتها، تحتاج مجددا التوقف امامها، والتخلي عن إطلاق الكلام على عواهنة دون وضع آليات عمل، ورصد امكانيات وتحديد اداة قادرة وكفؤة للنهوض بها، لتكون رافدا للنضال السياسي والديبلوماسي.
اما الموضوع العربي والنهوض به، فهي مسألة في غاية الاهمية، تحتاج الى قراءة عميقة من قبل صانع القرار السياسي وقوى منظمة التحرير وخاصة حركة فتح، لاعادة الاعتبار للنهوض بحركة التحرر الوطني العربية. هذا الموضوع لا يمكن اختزاله بمجموعة جمل في هذه العجالة، الامر الذي يتطلب رؤية شاملة. وكذلك الامر بالنسبة للتحالفات الدولية.
المسائل الداخلية الفتحاوية، يمكن لدورة المجلس الثوري معالجتها في جلسة لاحقة، والتركيز على الهموم المشار لها اعلاه. نعم الدورة عادية، ولكن اللحظة السياسية غير عادية، وتحتاج الى قراءة ووقفة غير عادية.