جدول إهمال- فؤاد ابو حجلة
لا أعتقد أن ياسر عبد ربه ونبيل شعث من المعارضين للمفاوضات وللتسوية السياسية ولا يمكن اعتبار الرجلين من دعاة الكفاح المسلح لتحرير كامل التراب الوطني الفلسطيني، فهما من أنشط أعضاء القيادة الفلسطينية في تحريك المسار السياسي، وهذا لا يقلل من شأنهما على الاطلاق لأنهما ينطلقان من قراءة موضوعية للواقع الفلسطيني وكذلك الواقع العربي والدولي الذي يحيط بقضيتنا ويحاصر شعبنا ويسعى الى عرقلة نضالنا الوطني.
رغم قناعة الرجلين بخيار التسوية وانخراطهما طيلة السنوات الماضية في الجهد السياسي الفلسطيني المبذول لتحقيق الحد الأدنى أو الحد المرحلي من طموحاتنا السياسية، الا أنهما يجدان نفسيهما الآن أمام واقع ينتقل من الصعب الى المستحيل أمام تعنت قيادة الاحتلال واصطفاف الولايات المتحدة بشكل مطلق مع اسرائيل في كل ما تطلب وانشغال العرب في ربيعهم وفي خريفهم وفي نيل الرضا الأميركي.
ليس سرا أن المفاوضات الحالية مفروضة علينا بحكم البلطجة السياسية التي تمارسها واشنطن في المنطقة وبحكم الضعف الفلسطيني الناشئ عن العبث والتخريب الذي تمارسه حركة حماس ليس في القطاع فقط ولكن في الضفة أيضا.
لكن هذه المفاوضات التي تحولت الى مقرر اجباري لم تعد قادرة على اقناع دعاة التسووية السياسية بالدفاع عنها أو حتى الصمت على عبثيتها، ولذلك يصرح ياسر عبد ربه بأنها مفاوضات عقيمة ويعلن نبيل شعث بأن المفاوضين ما زالوا يبحثون جدول الأعمال!
قبل التصريحين كان وزير الحرب الاسرائيلي قد أكد ان هذه المفاوضات لن تبحث الاستيطان، ما يعني أن المطلوب منا هو الاستمرار في التفاوض المرعي أميركيا واستمرار اسرائيل في الاستيطان المرعي أميركيا، وهذا واقع تفوق غرابته خيال كتاب السيناريو وكتاب روايات الخيال العلمي.
هل ضعفنا الى هذا الحد؟
لا أعتقد أننا عاجزون عن كسر الحصار وهناك الكثير من الوسائل الفلسطينية لاتقاء الضغط الأميركي في فلسطين وخارجها.
دعونا نتخيل مثلا حراكا شعبيا فلسطينيا يشعل الداخل وينقل الفعل من قاعات التفاوض الى الشوارع والحواجز الاحتلالية، ودعونا نتخيل أيضا فعلا فلسطينيا في المحيط العربي يواجه الربيع الأميركي الخائب، وهناك الكثير مما يمكن فعله في منطقة الشؤم الربيعي.
انها دعوة للتأمل والتفكير ودعوة الى التذكير بما كان لنا من وزن عندما كنا منتشرين، وعندما كانت قضيتنا غير مدرجة على جدول الإهمال.