الأحمد يلتقي القنصل العام البريطاني لدى فلسطين    "هيئة الأسرى": الأسير فادي أبو عطية تعرض لتعذيب وحشي أثناء اعتقاله    سلسلة غارات للاحتلال تستهدف مناطق متفرقة في لبنان    رام الله: قوى الأمن تحبط محاولة سطو مسلح على محل صرافة وتقبض على 4 متهمين    أبو الغيط: جميع الأطروحات التي تسعى للالتفاف على حل الدولتين أو ظلم الشعب الفلسطيني ستطيل أمد الصراع وتعمق الكراهية    قوات الاحتلال تغلق حاجز الكونتينر شمال شرق بيت لحم    الاحتلال يواصل عدوانه على مدينة ومخيم جنين لليوم الـ34    لليوم الـ28: الاحتلال يواصل عدوانه على مدينة طولكرم ومخيميها    الاحتلال يقتحم قباطية ويجرف شوارع ويدمر البنية التحتية    الطقس: فرصة ضعيفة لسقوط الامطار وزخات خفيفة من الثلج على المرتفعات    الاحتلال يؤجل الافراج عن الدفعة السابعة من المعتقلين ضمن اتفاق وقف إطلاق النار    شهر من العدوان الاسرائيلي على مدينة ومخيم جنين    الاحتلال يواصل عدوانه على طولكرم وسط اعتقالات وتدمير واسع للبنية التحتية    الرئيس يصدر قرارا بتعيين رائد أبو الحمص رئيسا لهيئة شؤون الاسرى والمحررين    معتقل من يعبد يدخل عامه الـ23 في سجون الاحتلال  

معتقل من يعبد يدخل عامه الـ23 في سجون الاحتلال

الآن

مفاهيم الخصومة وسياقات الهجاء -عدلي صادق

اعتمدت خصومة "حماس" لحركة "فتح" على حزمة مفاهيم، سهلَّت عليها إقناع الشبان من محازبيها الفلسطينيين من أبنائنا؛ بممارسة القتل والبطش، ودفعتهم الى التورط مع الإثم، ثم تثبيت الظهور الى الجدار، مع التلويح للناس بفوهات البنادق، تحسباً لردود أفعال عائلية فردية، أو جماعية تلقائية أو منظمة. ومن بين تلك المفاهيم، ما يفترض أن "فريقاً" من الفلسطينيين قد تولى عن خيار المقاومة، ترفاً وافتقاراً للشجاعة، واختار خطاً مضاداً لها، بل انتقل الى مربع التنسيق الأمني مع العدو!
وعلى الرغم من كون السياقات على الأرض، قد أوصلت "حماس" الى التخلي فعلياً عن المقاومة، بعد شوط من الزمن، لا يضاهي عُشر الشوط الذي قطعته "فتح" على طريقها، وهي التي أكدت في نظامها الداخلي الذي لم يمسه التعديل، أن المقاومة خيار وحيد؛ إلا أن "حماس" ظلت راغبة في إطالة أمد الخصومة، على قاعدة أن هناك خطين متعارضين، واحد للتسوية و"التنسيق الأمني" والآخر للمقاومة التي لا تتثاءب. ولما كانت المقاومة التي تتحدث عنها "حماس" غير ملموسة ولا يُسمع لها صوت وتغط في نوم عميق؛ فقد أصبحت الإشارة اليها إما خافتة أو تنظيرية مختزلة. أما "التنسيق الأمني" فقد ظلت أحاديث هجائه عالية الصوت، كأنه جنون البقر الذي سمعنا عنه قبل سنوات دون أن نرى أعراضه أو آثار ضرباته!
ذات يوم، في اجتماعات الحوار في القاهرة، حاول الطرف الفتحاوي أن يأخذ الطرف الحمساوي الى فتح هذا الملف، لكن الطرف الأول تملص ولجأ الى الدعابة ولسان حاله يقول، ليس هناك ظاهرة من هذا النوع، ولم يتأسس ملف يحوي براهين التنسيق الذي نتحدث عنه، وإنما نحن نستخدمها إعلامياً لأنها الخصومة التي يسعى أثناءها كل طرف من أطرافها الى شيطنة الآخر. ولو سألنا لكي نستمع الى إجابة موضوعية: ما هو "التنسيق الأمني"؟ وهل تمارس "فتح" الوشاية على "حماس" مثلاً، فتتلصص على مخابئها وسلاحها وخططها وحركة قادتها، وتسجل الاختراق الكارثي لمقاومة منيعة سديدة موجعة للعدو؟!
إن التنسيق الأمني، المنصوص عليه في سياق عملية التسوية التي تعطلت، يقضي مقايضة شيء بشيء: ألا يتوغل المحتلون في الأراضي الخاضعة للسيطرة الأمنية الفلسطينية، بذريعة أن هناك عملية وشيكة ضد الإسرائيليين، مقابل أن يقوم الجانب الفلسطيني بأخذ المقتضى الأمني، بعد أن يتلقى المعلومة من الاحتلال. وكان لذلك التنسيق سياقه في إطار عملية التسوية. أما قيام الجانب الحمساوي الآن، بالمقتضى الأمني الذي يمنع الهجمات على الاحتلال، فليس له سياق سوى مقايضة كف أذى الاحتلال عن "حماس" وعن قادتها، بهدوء أو تهدئة مفتوحة!
إن وضع مفهوم "التنسيق الأمني" في إطاره الهجائي والخياني، لم يعد ينطلي على أحد، لا سيما وأن التجربة أثبتت أن معالجات السلطة لمعلومات تلقتها عن خلايا وسلاح، بدأت في مقراتها الأمنية وانتهت فيها، بل إن الاحتجاز، كان في حالات عدة، سبباً في حماية المقاومين من المحتلين الذين انتهكوا كل بنود الاتفاقات ولم يعد يضبطهم شيء. تماماً مثلما حمت سجون "حماس" عناصر "السلفية الجهادية" في سجونها، وبعض العناصر من تنظيمات "الجهاد" و"ألوية الناصر صلاح الدين" والجبهة الشعبية، مع فارق أن السلطة في أيام غزة والشهيد الزعيم ياسر عرفات، كانت تُحسن معاملة المقاومين، وتؤمن انتقالهم خلسة الى بيوتهم، لكي يتزوجوا وينجبوا، وقد اتهم أبو عمار بإقامة "باب دوار" يخرجون ويعودون منه. أما "حماس" فقد غمست وجوه المقاومين في مياه المجاري وأوسعتهم ضرباً. وفي السلطة، لم يتعرض للتحقيقات العنيفة، سوى أعضاء وقيادات التنظيم السري الخاص، الذي اقترف ثماني جرائم قتل، لفلسطينيين أبرياء من رجال الشرطة والأمن الوطني، قبل وضع اليد عليه، وكان من بين الضحايا، شاب لم يكن يعمل إلا حارساً على منزل محمود أبو مرزوق، شقيق د. موسى من الخلية القيادية الأولى في حركة "حماس"!
وجهة نظري الشخصية، أن الحد الأدنى من التنسيق الأمني حسب المفهوم الذي أوضحناه؛ لا ينبغي أن يكون طالما أن الاحتلال يتوغل بنفسه، مثلما فعل في قلنديا قبل أسابيع. أما ما يعنيه الحمساويون بـ "التنسيق الأمني" عندما يحاججون ويرمون "فتح" والسلطة بالخيانة، فهو من أحاديث الترهات، بل إن من أقبح عيوب الخطاب الحمساوي، التي ترفع من شأن العدو وتحفض من شأن فلسطين وتاريخ أحرارها، محاولة تشويه حركة وطنية قدمت عشرات الألوف من الشهداء، من بينهم قادة أبطال. وعلى الرغم من أن أحاديث الترهات باتت أتفه من زن الناموس، بالنسبة للجماهير الفلسطينية؛ إلا أننا في حال وضع الفرضيات التي قامت عليها الخصومة، في موضع قيام المصالحة، سنرفض هذا المنطق، وسنتحدث عن حقائق موضوعية كشفتها تداعيات الأحداث في مصر، ومن بينها خطط التوطين في سيناء، والتحايل على حق اللاجئين الفلسطينيين في العودة، تحت ستار الدين والاخوّة الإسلامية!
أما فرضية المقاومة انطلاقاً من غزة والضفة، فإن لشرحها سياقا آخر، حبذا لو شارك فيه جنرالات إيرانيون، وشيوخ على رأسهم القرضاوي، يقولون لنا كيف سنقاوم انطلاقاً من الأراضي الفلسطيني؟!
لم نختلف يوماً على كون المقاومة بكل اشكالها، حق من حيث المبدأ. لكن أصحاب خيار المقاومة الآن، وبالسلاح، ومن أراضينا، لم يسجلوا فرقانات مثلما يزعمون، بل جلبوا مآسي. فمنذ شاليط، خسرنا آلاف الأرواح، ما يجعل الوقوف موضوعياً لكي نتأمل ونحسب، واجباً شرعياً وسياسياً ووطنياً. وبالتأكيد وقفت "حماس" وتأملت وحسبت وأخذت المقتضى، غير أن اللغة ظلت على ذات مفرداتها، وإن كان خيارها هو ممارسة التنسيق الأمني بنفسها ولنفسها ولمصلحة المحتلين بغير سياق يُحسب لها سياسياً. إن مفاهيم الخصومة لا تؤهل أصحابها لدخول فضاء الوفاق الوطني. ثم إن سياقات الهجاء باتت فاقدة للدلالة!

ha

إقرأ أيضاً

الأكثر زيارة

Developed by MONGID | Software House جميع الحقوق محفوظة لـمفوضية العلاقات الوطنية © 2025