لا تنسوا المجزرة .. - عادل عبد الرحمن
هلت اول امس ذكرى المجزرة الوحشية في صبرا وشاتيلا، التي ارتكبها آدميون وحوش، لا إنسانيون، مصاصوا دماء بني البشر من الجيش الاسرائيلي بقيادة مجرم الحرب أرئيل شارون، وزير الحرب عام 1982 وحلفائهم الانعزاليين من حزب الكتائب والاحرار وغيرها من المجموعات اللبنانية العنصرية.
في السادس عشر من ايلول/سبتمبر 1982 إستباحت الوحوش الآدمية مخيم شاتيلا ومنطقة صبرا وتحت رعاية وحماية وإسناد الجيش الاسرائيلي، وقتلت بدم بارد قرابة الخمسة آلاف مواطن فلسطيني من الاطفال والنساء والشيوخ والرجال. بقروا البطون، وقطعوا الارقاب، ومَّثَلوا في الجثث دون اي وازع اخلاقي او قيمي فقط لان اصحابها يحملون الهوية الوطنية الفلسطينية.
مضى واحد وثلاثون عاما على المجزرة البربرية، التي يندى لها جبين البشرية المتقدمة، مدعية الدفاع عن حقوق الانسان! ومازال العالم في هذه اللحظة يسمع صدى كلمات رئيس الولايات المتحدة، باراك اوباما وكل اركان إدارته، وهم يطالبون بالانتقام لل (1300) مواطن سوري، نتيجة إستخدام السلاح الكيمياوي ضدهم في الغوطة الشرقية. ولكن إدارات اميركا المتعاقبة وادارته ذاتها، ترفض تقديم مجرمي الحرب الاسرائيليين للمحاكم الدولية، الذين إرتكبوا ما يزيد على خمسة وثلاثين مجزرة ضد ابناء الشعب العربي الفلسطيني ، وكانت مجزرة صبرا وشاتيلا من أكثرها همجية ووحشية وفتكا ببني الانسان من الفلسطينيين!؟ الشعب الفلسطيني ، لا يريد من الولايات المتحدة شن حملة عسكرية على دولة التطهير العرقي الاسرائيلية، بل يريد منها دعم الحقوق الوطنية الفلسطينية وفق ما اقرتها الشرعية الدولية، ودعم الحق الفلسطيني بمحاكمة مجرمي الحرب الاسرائيليين، الذين ارتكبوا جرائم حرب ، ومازالت جرائمهم ومذابحهم تنحر الجسد الفلسطيني كلما شاء صانع القرار الاسرائيلي إستباحة الدم الفلسطيني نتيجة الاستقواء بالغطاء الاميركي في مجلس الامن والمؤسسات الاممية المختلفة. ولانها (أميركا) تغطي موبقات وعورات وجرائم وانتهاكات وسياسات الدولة الاسرائيلية المارقة، المفترضة في نفسها، دولة فوق القانون الدولي.
لكن إدارة اوباما الاميركية، التي جأرت باعلى صوتها لضرب النظام السوري، ليس حرصا على ابناء الشعب العربي السوري، ولا لاستشهاد الالف وثلاثمئة مواطن سوري، لان الصراع الدائر على مدار الاعوام الثلاثة الماضية بين قوى الثورة والنظام السوري أسقط ما يزيد عن مئة الف شهيد، وعشرات الالاف من الجرحى، وبقي الحراك الغربي عموما والاميركي / الاسرائيلي والتركي القطري يعمل على صب الزيت على نيران الصراع بين القوى المتصارعة، ليس لوقف ولا لتغيير النظام السوري، ومساندة قوى الثورة، بل لتدمير بنية الدولة الوطنية السورية. والان بعدما تم التوصل للاتفاق بين الولايات المتحدة وروسيا الاتحادية الاسبوع الماضي بشأن تدمير الاسلحة الكيماوية في سوريا، طار رئيس الديبلوماسية الاميركية جون كيري لابلاغ نتنياهو بالجائز ، التي حققتها اميركا اوباما لصالح دولة الاستيطان الاستعمارية. ولم يطلب مقابل جراء هذا الانجاز، الذي حققته إدارتة لصالح إسرائيل والايباك الصهيوني. بل باعت هذا الانجاز للوبي المقرر في المؤسسة الاميركية (الايباك الصهيوني) إرضاءا لنزعاتهم التدميرية للجيوش العربية القوية في المنطقة، فبعد تدمير قدرات الجيش العراقي، تحاول على إستكمال حلقة التدمير بتفكيك قدرات الجيش السوري، لان هم إسرائيل الاساسي ، كان تدمير الاسلحة ، التي تخشاها، والاسلحة الكيماوية، هو ما كانت حكومة نتنياهو تخشاه. وساهم نظام بشار الاسد باللعبة الاميركية / الاسرائيلية والغربية عموما من خلال رفضه الانصات لصوت الثورة السورية، وزجه بالقوى الارهابية والتكفيرية مع القطريين والاتراك والاميركان، لكي يبقى في سدة الحكم، وكأن سوريا كتبت باسمه واسم ابوه وعائلة الاسد!!
الصراخ الاميركي والاوروبي ومن لف لفهم من دول العرب والاقليم، لا هم لهم سوى تدمير الجيش العربي السوري وبنية الدولة الوطنية بالتوافق مع النظام المستبد بغض النظر عن خلفيات كل فريق السياسية والفئوية . وللاسف فإن قوى الثورة الغبية، رهنت نفسها لتركيا وقطر واوروبا واميركا، ولم تفكر بشكل واقعي، فخانتها القراءة السياسية المنطقية للخروج من نفق الازمة المستعصية مع النظام، حتى لم يعد هناك فرق بين قوى الجيش الحر والجماعات التكفيرية، والتي هي شريك اساسي في المذابح التي وقعت في اوساط المواطنين السوريين العزل.
وعود على بدء، فإن مرور واحد وثلاثون عاما على مجزرة صبرا وشاتيلا لم يعن طي صفحة الجريمة / المجزرة ، ونسيان الاف الشهداء من الابرياء. ولا يمكن لاي قيادة ان تنسى او تغفل عن تلك المجازر الاسرائيلية / الانعزالية، وستبقى القيادات الوطنية حاملة راية الدفاع عن كل مواطن فلسطيني حي او قتل في مذبحة من قبل إسرائيل او غيرها. وفي اللحظة المناسبة ستقوم القوى الرسمية والاهلية بملاحقة القيادات السياسية والعسكرية الاسرائيلية ، التي تنلطخت ايديها بالدم الفلسطيني. ولكن هذا لا يعني في الوقت ذاته، إدارة الظهر لعملية السلام والسعي لتحقيق خيار الدولتين على حدود الرابع من حزيران عام 1967، القيادة ستبقة منفتحة وجاهزة للمضي قدما لتحقيق الاهداف الوطنية وفي مقدمتها إقامة الدولة المستقلة وذات السيادة والمتواصلة جغرافيا واداريا وعاصمتها القدس الشرقية على حدود 67 في حال توفر شريك إسرائيلي قادر على صناعة السلام. فهذا لا يتناقض مع محاكمة مجرنمي الحرب الاسرائيليين مهما طال الزمن.