حماس الخاسرة !- رجا طلب
لم تعد الاتهامات الموجهة لحركة حماس بخصوص تورطها في الشأن المصري الداخلي وتهديداتها للأمن القومي المصري مجرد «حكي جرايد» كما كان يصفها العديد من المدافعين عن الحركة من سياسيين وإعلاميين، فقبل عدة أيام اتهم الجيش المصري الحركة رسميا بأنها تدرب إسلاميين مصريين على تلغيم السيارات، وقال التلفزيون المصري الرسمي إن حماس زودت أيضا جماعات مصرية بنحو 400 لغم أرضي، وتمت الإشارة إلى أن المرشد العام المؤقت لجماعة الإخوان المسلمين في مصر الموجود في غزة محمود عزت هو من يقف وراء عملية الاغتيال الفاشلة لوزير الداخلية المصري محمد إبراهيم قبل اسبوعين، كما تم اتهام حماس بالوقوف وراء تدريب وتزويد الجماعات المسلحة في سيناء بالسلاح.
حماس بدورها نفت الاتهامات ولكنها على ارض الواقع أكدتها من خلال تسييرها المسيرات العسكرية وشبه العسكرية التي تجوب شوارع غزة رافعة صور الرئيس المصري المعزول محمد مرسي وترفع شعار رابعة العدوية وتهاجم الجيش المصري، وتتعامل مع الشأن المصري باعتباره قضيتها الأولى في غياب تام للقضية الوطنية الفلسطينية ولمصلحة هذه القضية، وهو أمر يستدعي التساؤل عن سبب هذا السلوك «الانتحاري» للحركة، والمتمثل بالتصاق الحركة تماما بالتنظيم العالمي للإخوان المسلمين وهو ما جعلها تخسر العلاقة القوية والإستراتيجية مع سوريا والنظام الحاكم فيها بعد عقدين من توفيره لها مقرا ومستقرا مهما، كما انعكست هذه الانتكاسة في العلاقة مع دمشق على علاقة الحركة مع طهران، وبسبب «اخوانية حماس» فقدت الحركة القدرة على ضبط سلوكها السياسي وتحولت بعد وصول الإخوان للسلطة في مصر جزءا من المعادلة الداخلية المصرية، واختفت ملامح الحركة الفلسطينية لتتحول إلى ما يشبه الذراع العسكري لتنظيم إخوان مصر، وهو ما ورطها لاحقا في زعزعة الأمن المصري، وعند عزل محمد مرسي وإنهاء حكم الإخوان للدولة المصرية تعاملت حماس بردة فعل كحركة مصرية - اخوانية أكثر منها حركة تحرر فلسطينية لها أجندة مختلفة إلى حد كبير عن أجندة الإخوان المصريين ومشروع الوصول إلى السلطة والاستمرار في الحكم، ولذا فقد تصرفت بعنف شديد ضد الحالة الجديدة ونتائج ثورة 30 يونيو وخسرت الجيش المصري والدولة المصرية، فكانت خاسرا مرتين، مرة بعد عزل مرسي وإنهاء حكم الإخوان، ومرة ثانية عندما دخلت في مجابهة مع الدولة المصرية وتحديدا مع المؤسسة العسكرية والجيش المصري.
في المدى المنظور تستطيع حماس أن تشاغل الجيش المصري ولكن على المدى البعيد فان حماس ستكون أشبه بالسجين داخل غزة بعد إجراءات الجيش المصري المتمثلة بإغلاق أنفاق التهريب من سيناء إلى غزة، وسبق أن اقترحت في مقال لي قبل شهرين عن نفس الموضوع ضرورة أن تبادر حماس إلى تسوية هذا الملف الخطير مع مصر لان خسارتها لمصر الدولة والشعب والجيش هي خسارة كبيرة للغاية قد تكون سببا على المدى البعيد بتحويل الحركة إلى تنظيم عاجز بكل ما في الكلمة من معنى.
لم يبق لحماس ألان إلا التنظيم العالمي للإخوان الذي مازال مصدوما من خسارته في مصر وأنقرة والدوحة وهي مجتمعة لا تستطيع إنقاذ مشروع حماس المقاوم، هذا إذا كانت حماس أصلا تريد الإبقاء على هذا المشروع خاصة بعد انجرارها إلى العنف ضد الدولة المصرية وتبنيها خطابا معاديا لمصر والجيش المصري؟
عن الرأي الاردنية