استشهاد اب وأطفاله الثلاثة في قصف الاحتلال مخيم النصيرات    الاحتلال يواصل عدوانه على مدينة ومخيم طولكرم    الاحتلال يشدد من إجراءاته العسكرية شمال الضفة    50 شكوى حول العالم ضد جنود الاحتلال لارتكابهم جرائم في قطاع غزة    دائرة مناهضة الأبارتهايد تشيد بقرار محكمة برازيلية يقضي بإيقاف جندي إسرائيلي    المجلس الوطني يحذر من عواقب تنفيذ الاحتلال قراره بحظر "الأونروا"    14 شهيدا في قصف الاحتلال مناطق عدة من قطاع غزة    16 شهيدا في قصف للاحتلال على وسط قطاع غزة    نادي الأسير: المخاطر على مصير الدكتور أبو صفية تتضاعف بعد نفي الاحتلال وجود سجل يثبت اعتقاله    قرار بوقف بث وتجميد كافة أعمال فضائية الجزيرة والعاملين معها ومكتبها في فلسطين    الرئيس: الثورة الفلسطينية حررت إرادة شعبنا وآن الأوان لإنجاز هدف تجسيد الدولة الفلسطينية وإنهاء الاحتلال    في ذكرى الانطلاقة.. "فتح": الأولوية اليوم وقف حرب الإبادة في قطاع غزة وإعادة توحيدها مع الضفة وتحرير الدولة الفلسطينية من الاحتلال    في ذكرى الانطلاقة.. دبور يضع إكليلا من الزهور باسم الرئيس على النصب التذكاري لشهداء الثورة الفلسطينية    الرئاسة تثمن البيان الصادر عن شخصيات اعتبارية من قطاع غزة الذي طالب بعودة القطاع إلى مسؤولية منظمة التحرير    اللواء أكرم الرجوب: "فتح" لن تسمح لأي مشروع إقليمي بأن يستحوذ على القرار الوطني  

اللواء أكرم الرجوب: "فتح" لن تسمح لأي مشروع إقليمي بأن يستحوذ على القرار الوطني

الآن

أبو عمار في منطق مبارك- عدلي صادق


أثار حديث الرئيس المصري الأسبق حسني مبارك، في مشفاه، ردود أفعال كثيرة، حول العديد من النقاط التي تضمنتها تلك الثرثرة. وكان الكلام تلقائياً، طرفاه مبارك من جانب، والأطباء وعناصر المرافقة من جانب آخر. ولم يكن الطرف الأول يتوقع التسجيل الصوتي والنشر. وبسبب عدم معرفة الطرف الثاني بالتاريخ وبطبائع الأشخاص الذين تناولهم مبارك في تعليقاته؛ كان الطرف الأول مبارك يتحدث مدركاً لعدم دراية المتلقي بالحقائق، لا بالمعايشة ولا بالقراءة، وبالتالي كان سهلاً على مبارك، قول كل شيء والتزيّد فيه!
ما يعنينا من الحديث، هو الملاحظة المتعلقة بما سماه مبارك "تسريب" ياسر عرفات لنبأ حرب تشرين الأول (أكتوبر) 1973 وموعد بدئها من الجانب العربي. فما قاله مبارك، لا علاقة له بالحقيقة، بل إنه مختزل لا إشارة فيه توضح ولو بإيجاز، المراحل التي قطعها "التسريب" المزعوم، وقد جاءت ردود أفعال جميع المؤرخين المصريين، على تلك الملاحظة، تنفي بالمطلق ملاحظة مبارك الذي لم يكن أيام تلك الحرب، يجالس الرؤساء أو يعرف ماذا يتداولون.
هناك نقطتان متداخلتان، نركز عليهما في هذه العجالة. الأولى أن رواية محمد حسنين هيكل لتاريخ الحرب، وهي مرجع مهم من مراجعه، قالت شيئاً على النقيض تماماً مما قاله مبارك، بل إنها بالغت في نفي علاقة الرئيس الشهيد ياسر عرفات بأسرار تلك الحرب. ولما كان سياق هيكل، الذي نحترمه، قبيحاً ويتقصد الإساءة لحركة "فتح" وزعيمها، منذ الانطلاقة حتى ذلك التاريخ من الريادة؛ فقد أصدر كاتب هذه السطور، كراساً في القاهرة في العام 1998 يرد فيه على هيكل ويثبت أنه أخطأ وافترى على "فتح". ومن حُسن الحظ، أنني عثرت على نسخ "الأهرام" التي كان هيكل يرأس تحريرها، وجعلتها مرجعاً دامغاً على خطأ الكاتب المرموق، الذي وقع في تضليل شخصيات فلسطينية مقيمة في القاهرة وهي ذات شكاية مديدة من حركة "فتح" لأنها قدمت عليهم كوادرها، وهم يرون انفسهم زعماء وطنيين أجدر بتصدر المشهد السياسي الفلسطيني!
في ذلك الكراس، الذي جعلت عنوانه:"إنصافاً للبدايات" لسبب أن هيكل ضرب فكرة "فتح" وظروف وسياقات دورها، منذ العام 1965؛ أوضحت مستنداً الى "الأهرام" نفسها، أن هيكل الذي يميزه القراء ويميز نفسه بدقة المعلومة بتاريخها وبوصف وقوع أحداثها وأشخاصهم ومأكلهم وملبسهم ولغتهم؛ كتب عن ياسر عرفات وعن علاقته بموعد الحرب، مستنداً الى النميمة وليس الى الارشيف والذاكرة وكرنولوجيا الأحدات (التتابع الزمني لوقوعها). فقد وضع هيكل السياق (في الجزء الثالث من سلسلة: "المفاوضات السرية بين العرب وإسرائيل" وهو بعنوان "سلام الأوهام") على أساس أن في شهر أيلول (سبتمبر) 1973 كانت العلاقة مقطوعة بين مصر ومنظمة التحرير الفلسطينية، وأن السادات أراد إشراك منظمة التحرير الفلسطينية في الحرب، لكي تشارك في العملية السلمية وصولاً الى حل للصراع، ولذلك أوعز الى قناة المخابرات، بأن تفتح من بيروت، اتصالاً مع منظمة التحرير الفلسطينية يوم 18 من ذلك الشهر. وبالرجوع الى إرشيف "الأهرام" كتبت في ردي على هيكل أن ما قاله الكاتب غير صحيح. فالعلاقات في ذلك اليوم كانت ممتازة، وأن لديه في العمودين الخامس والسادس، من الصفحة الأولى من "أهرام" يوم 18/9/1973 خبراً عن وصول ياسر عرفات وصلاح خلف وفاروق القدومي الى القاهرة في اليوم السابق، وأن ياسر عرفات اجتمع بالسادات في يوم 18 وغادر، وأن صلاح خلف وفاروق القدومي بقيا في القاهرة واجتمعا بالدكتور محمد عبد القادر حاتم وزير الإرشاد القومي، يوم 19!
في كتاب هيكل، كان المراد قوله، ان السادات لم يأتمن عرفات على نبأ الحرب وموعدها. وفي كراس "إنصافاً للبدايات" أثبتنا أن السادات أبلغ الزعيم عرفات بموعد الحرب، وروينا ما حدث بعد أن غادر "أبو عمار" القاهرة لكي يتهيأ للحرب، وماذا حدث في اجتماعه مع القادة العسكريين الفلسطينيين، الذين طالبهم بالشروع في تدابير الاستعداد دون أن يبلغهم بما يعرفه عن الموعد الدقيق للحرب. فقد حدد "أبو عمار" موعداً تقريبياً بين تاريخين، وبعد الاجتماع في "العرقوب" في الجنوب اللبناني، أرسل "أبو عمار" الى القاهرة عدداً من كبار ضباطنا، وأسكنتهم المخابرات المصرية في منزل في منطقة الهرم، في ظروف بالغة السرية!
النقطة الثانية، التي يهمنا التركيز عليها، هي أن ياسر عرفات اتخذ تدابيره بحرص شديد، وبسبب تعمده عدم إفشاء موعد الحرب حتى لقادته العسكريين، لم تأت التدابير ملبية لهدف المشاركة الفلسطينية الواسعة من الجبهة المصرية، إذ اندلعت الحرب قبل إبحار القوات الفلسطينية التي وصلت مقدمتها من الضباط الى القاهرة. بل عندما اتخذ ياسر عرفات قرار تجنيد أكبر عدد من الشبان الفلسطينيين من أبناء الأسر المقيمة في مصر، وتدريبهم، لتعزيز قوة كتيبة "عين جالوت" التي تقدم عناصرها في السن، لم تكن هناك فسحة زمنية كافية لتنفيذ عملية التجنيد بالكامل، وعلى الرغم من ذلك أبلت قوات "عين جالوت" بلاءً حسناً في منطقة "البحيرات المرة" وكان الشهيد عبد المعطي السبعاوي أحد الضباط الفتحاويين الذين انضموا وشاركوا. وأسر عبد المعطي، في عمق سيناء، وأخفى هويته وخرج مع تبادل الأسرى بين مصر وإسرائيل!
ما تبقى من ردود أفعال على ملاحظة مبارك المتعلقة بهذه النقطة، وبأدوار زعماء آخرين، يقع في دائرة التاريخ، وتتكفل به الوثائق ومذكرات الذين عايشوا الحرب من مراكز المسؤولية، وهذه كلها تدحض ملاحظة الرئيس المصري الأسبق الجزافية، حول الزعيم الشهيد ياسر عرفات. فـ "أبو عمار" واجه منذ بدء انتفاضة الأقصى، جفاءً دائماً من مبارك الذي ظل يحمّله مسؤولية ما سماه "الفوضى" وقلب الطاولة. لذلك كان "أبو عمار" الذي لا يقطع شعرة معاوية، حريصاً في كل مناسبة خطابية أمام القمة العربية وغيرها، على إطراء مبارك واسترضائه ووصفه بـ "الرئيس المبارك حسني مبارك" إدراكاً من الزعيم الشهيد لحجم مصر ودورها. وكان الاسترضاء العلني لمبارك، بلسان عرفات، يلقى استغراباً من الأقربين ونقداً من الأبعدين الذين لا يعرفون السبب فيظنون أن الثناء مجرد إسفاف في التحبب!
adlishaban@hotmail.com 
 

za

إقرأ أيضاً

الأكثر زيارة

Developed by MONGID | Software House جميع الحقوق محفوظة لـمفوضية العلاقات الوطنية © 2025