أبو مرزوق والتشكيك بشرعية وهوية حركة تمرد الفلسطينية
أدى سقوط حكم الإخوان المسلمين في مصر إلى وضع حماس في أزمة سياسية وحزبية ووضعها في عزلة تامة، وأخذت تبحث عن حلول للحفاظ على كيانها، وقد أدركت حماس بأن الحفاظ على وجودها وإستعادة دورها الذي فقدته بفعل عوامل ذاتية وإقليمية يتطلب منها العودة إلى المربع الأول الذي اكسبها شهرة وأوصلها إلى الحكم، إضافة إلى محاولة محو الآثار السلبية التي خلفتها علاقة حماس مع الإخوان المسلمين.
وحتى يتحقق لها ذلك واصلت حماس اللعب على وتر المقاومة وأخذت ترسل برسائلها في كل مناسبة تتعرض فيها لضغوط نتيجة سياساتها، وبأن حماس تدفع ضريبة تبنيها المقاومة وأنها باتت مستهدفة.
وإستبقت حماس الدفاع عن نفسها وثارت مخاوفها بعد الإعلان عن تأسيس حركة تمرد فلسطينية لإسقاط حكم حماس في غزة، بدأها موسى أبو مرزوق بنوع من الاستهتار والاستهزاء بــ "حركة تمرد" والتشكيك بهويتها الوطنية وشرعيتها، عندما اعتبرها بأنها تدار من الخارج، وأنها لا تأثير لها ولن تلقى تجاوبا من داخل القطاع.
أبو مرزوق أقر بوجود حركة تمرد على حكمه في غزة لكنه مال لإستعطاف القائمين على ذلك، وعاد إلى موضوع الوحدة الوطنية عندما قال: نحن في حاجة إلى تمرد ضد الاحتلال وضد الحصار أكبر بكثير من تمردنا ضد بعضنا البعض.
وعلى ما يبدو أن أبو مرزوق قد فهم هذه المواقف متأخرا، ويحاول التشبث بها كلما وقعت حركته في أزمات وأخذت تفتش عن الحلول.
فإذا كان أبو مرزوق يعترف بأن تمردنا ضد بعضنا جريمة، فلماذا تمردتم على السلطة الشرعية وإنقلبتم عليها وبمساعدة قوى خارجية وقفت ولا زالت تقف ضد المشروع الوطني الفلسطيني، وبدأتم تتغنون بشرعية مزعومة ذات مصادر مشبوهة.
وهنا يكمن الفرق يا أبو مرزوق بين من تدار سياسته من الخارج ويتلقى تعليمات وينفذ مؤامرات للإطاحة بالشرعية الفلسطينية،وبين الذين يدافعون عن المشروع الوطني بقرار فلسطيني مستقل .
ولكن أبو مرزوق لم يحدد تلك الجهات التي تستهدف حكم حركته، بل ابقي الأمر مبهما حتى تثار تساؤلات حول هوية الجهات التي تستهدف حركة حماس وحتى يعطيها جانبا إعلاميا بان القضية الفلسطينية باتت مستهدفة برمتها. هكذا تستغل حماس ماكينتها الإعلامية للدفاع من مواقفها ومشاريعها المشبوهة ومن خلال المتاجرة بالمقاومة والقضية الفلسطينية.
الاحتلال أصبح شماعة تعلق حماس عليه كل مشاكلها، وتلجأ إلى ذلك كلما حاولت حماس لبس الثوب الوطني والدعوة إلى تحرير البلاد. فها هو أبو مرزوق يدعو إلى تمرد ضد الاحتلال وضد الحصار.
ولماذا هذه الدعوة يا أبو مرزوق وأنت تمتلك البدائل والخيارات الكثيرة للتعامل مع الاحتلال، فالاحتلال جاثم على صدرك وصدر حركتك على حدود إمارتك الشمالية، والأمر لا يحتاج إلى تمرد، بل يحتاج إلى قرار سياسي لإطلاق يد المقاومة التي تتغنى بها وتعتبرها سلعة للمتاجرة بها وبمقدرات شعبنا الفلسطيني وقضيته ومشروعه الوطني، وانتم الذين منعتم المقاومة ووقعتم على صكوك غفران التزمتم بموجبه بحماية امن إسرائيل، ولنا في تصريحات قائد المنطقة الجنوبية في الجيش الإسرائيلي تروجمان خير دليل على سياسة الكذب والتسويف التي تتبعها أنت وفصيلك. فها هو تروجمان يعترف بان سيطرة حماس على القطاع تعتبر مصلحة إستراتيجية لأمن إسرائيل وان وجود حماس قوية على حدوده الجنوبية يمكنها من مواصلة القيام بمهامها في حماية تلك الحدود.
ولكن الدعوة للتمرد على الاحتلال جاءت لحرف مسار وتوجهات حركة التمرد الفلسطينية التي ستسقط الحكم الظلامي في قطاع غزة، وقد ساق أبو مرزوق مجموعة من المبررات لتوجيه الاتهامات لهذه الحركة والتشكيك بشرعيتها وأهدافها، لكن الحقائق على الأرض تفند كل ادعاءات أبو مرزوق وتدحض كافة أكاذيبه ومبرراته.