ملاحظات حول خطة كيري بلير الاقتصادية - امجد الأحمد
تمخض
الجبل فولد فأر ينطبق هذا المثل على خطة كيري بلير لتنمية الاقتصاد
الفلسطيني بعد انتظار طويل ،والمتابع لهذه الخطة لا يجد أكثر من تكريس
للواقع الاقتصادي الفلسطيني الموجود أصلا ،وتتعرض هذه الخطة لسرد وقائع
أكثر مما تعرض حلول للعوائق التي تقف أمام تطور وتنمية الاقتصاد الفلسطيني .
فهذه الخطة تتحدث عن واقع 8 قطاعات اقتصادية وتطرح حلول غير واقعية ،لأن
هذه الحلول تكرس تبعية الاقتصاد الفلسطيني للاقتصاد الإسرائيلي فيما يتعلق
بقطاعين متممين هما الطاقة والمياه
،ويعتبر هاذين القطاعين أساسا لتنمية القطاعات الأخرى وإذا لم يتم تحرير
هذين القطاعين من التبعية الإسرائيلية تبقى الأمور على ما هي ،ومن الواضح
أن الخطة تبقي قطاع الطاقة والمياه بيد إسرائيل .
وبشكل عام لا
أريد الخوض في تفاصيل خطة كيري –بلير لأنها قابلة للبحث والدراسة من قبل
مختصين وعلى الأغلب سوف يخرج هؤلاء المختصين بنتائج حول هذه الخطة ،إلا إني
أريد أن ابرق رسائل حول الخطة سواء للفنيين الاقتصاديين أو لأصحاب القرار
،حيث تتمركز هذه النقاط بما يلي :
أولا: الخطة لم تتعرض للبنية
التحتية الفلسطينية: أي تنمية
اقتصادية لا تراعي وجود ميناء ومطار فلسطيني وسكك حديدية تحت السيطرة
الفلسطينية لن تصل إلى التنمية الحقيقية والمستدامة ،وأي تقدم سيعتبر مؤقت
خاضع للمزاج السياسي الإسرائيلي وبالتالي تعرضه للانهيار .
ثانيا
: الخطة لا تتضمن أي تغير في بروتوكول باريس الاقتصادي : حيث انه من
المعروف أن العلاقة التي تحكم التجارة الفلسطينية هو بروتوكول باريس
والمعتمدة على الغلاف الجمركي الموحد بين الجانب الفلسطيني والإسرائيلي
،وهذا البروتوكول تحمله الجانب الفلسطيني وقبله بالرغم من السلبيات
المرافقة له على أساس انه مؤقت لفترة لا تتعدى الخمس
سنوات أي انه انتهى نظريا منذ العام 2000، إلا أن إسرائيل ما زالت تنفذه
على الاقتصاد الفلسطيني من وجهة نظرها وبما يخدم اقتصادها فقط مما اثر على
الاقتصاد الفلسطيني وجعله يخسر يوميا ملاين الدولارات نتيجة التفرد
الإسرائيلي بتنفيذ بروتوكول باريس ،وكان على هذه الخطة إيجاد علاقة
اقتصادية جديدة بين فلسطين وإسرائيل تراعي تطور الاقتصاد الفلسطيني في كافة
قطاعاته مثل علاقة اتفاقية التجارة الحرة أو الإتحاد الجمركي الكامل بين
فلسطين وإسرائيل .
ثالثا: التنمية الاقتصادية في المنطقة C : أي
تنمية وتطوير اقتصادي في المنطقة C يجب أن يمنح
الفلسطينيين حرية عمل كاملة وغير ذلك لن يتم أي تقدم في هذا الموضوع وان
حصل تقدم غالبا ما يكون قصير الأمد وخاضع للأمزجة الإسرائيلية .والخطة لا
تتعرض للتدخل الإسرائيلي في هذه المنطقة ولا لحدود السيطرة الفلسطينية على
هذه المنطقة، لذلك يجب أن تتضمن الخطة نصا واضحا وصريحا حول حدود الصلاحيات
الفلسطينية في المنطقة C.
رابعا: قيادة القطاع الخاص : من
الواضح أن الخطة تحاول أن تركز على أن يكون القطاع الخاص هو القائد لهذه
الخطة ، وغياب أي دور للحكومة في قيادة هذه الخطة ،وكأن الحكومة الفلسطينية
لا تعمل على تطوير القطاع الخاص الفلسطيني
،وتحاول الخطة إيجاد شرخ بين القطاع الخاص والقطاع العام ،لذلك يجب أن
تنسجم الخطة مع القوانين والتشريعات الفلسطينية وخطط التنمية الفلسطينية
العامة ،وإيجاد التشريعات الغير متوفرة لضمان تطوير الاقتصاد الفلسطيني .
خامسا
: الخطة لم تتعرض للمعيقات الإسرائيلية الاقتصادية :هذه المعيقات التي
تحد من تطور الاقتصاد الفلسطيني ،ومن هذه العوائق تعقيدات معهد المواصفات
الإسرائيلي على البضائع المستوردة والمصدرة إلى الخارج ،ولم تتحدث عن
صلاحيات مؤسسة المواصفات الفلسطينية ‘وتوفير المعدات والتجهيزات اللازمة
لهذا المؤسسة ،كما
أن الخطة لم تتحدث عن المعيقات الصحية والبيئية التي تضعها المؤسسات
الإسرائيلية على البضائع الفلسطينية ‘وعدم إعطاء الصلاحيات للجانب
الفلسطيني للقيام بهذه المهمات والتي تعتبر ضرورية للنهوض بالاقتصاد
الفلسطيني .
سادسا: إغفال السيطرة الفلسطينية على المعابر : لم
تتحدث الخطة عن السيطرة الفلسطينية على المعابر الحدودية البرية بين الضفة
والأردن وبين غزة ومصر ،ولم تتحدث عن الممر الآمن بين الضفة وغزة ،فالخطة
تتحدث عن تطوير تنقل البضائع بين غزة والضفة وزيادة حركتها ولم تعلمنا عن
الطريقة الكفيلة بتحقيق ذلك الهدف واستمراره
.
الخطة بحاجة إلى دراسة معمقة من قبل مختصين في
كافة المجالات للرد عليها لأنها تكرس وتعزز تبعية الاقتصاد الفلسطيني
لإسرائيل أكثر مما هو موجود عليه ألان ،كما أن روح الخطة بعيدة عن مفاوضات
الحل النهائي بين الفلسطينيين والإسرائيليين التي تم إعادة إحيائها بعد
توسط وزير الخارجية الأمريكية نفسه .