المعبر وحرس الرئيس والازمة وحلها..- نبيل عمرو
السيد موسى ابو مرزوق ، لايمانع في ان يتواجد حرس الرئيس على معبر رفح .
وعدم الممانعة هذاـ، سببه حاجة حماس الى تخفيف وطأة الشكوى الجماهيرية المتصاعدة، من مسؤوليتها المباشرة وغير المباشرة عن عدم انتظام العمل في المعبر، مضافا الى ذلك " بالطبع" توتر العلاقات مع مصر، بفعل ارتباط حركة حماس العضوي بالاخوان المسلمين، الذين هم الان قيد الملاحقة والمحاسبة.
ولعله من السذاجة، ان يتصور احد امكانية نجاة حركة حماس من دفع ثمن علاقتهاالعضوية مع الاخوان في مصر، خصوصا بعد توجيه اتهامات لها بالمشاركة في انشطة ارهابية وقعت في سيناء، وسالت جرائها دماء مصرية غزيرة.
الحرب.. التي تشنها مصر على الارهاب في سيناء، والحملة المنظمة التي تقوم بها اجهزة الامن في جميع ارجاء الدولة المصرية ، وعنوانها على الجانب الاخر الاخوان المسلمون او الاسلام السياسي او الارهاب، فرض على اهل غزة موضوعيا، ان يدفعوا ثمنا باهظا ، وغالبية اهل غزة يحملّون حماس المسؤولية، نظرا لانها الجهة الوحيدة التي تسيطر فعليا على القطاع وبالتالي سواء كانت متورطة بصورة كاملة فيما يجري على ارض مصر، او بصورة جزئية او حتى اعلامية ، فهي وحدها من يتحمل المسؤولية عن رفع المعاناة عن المواطن الغزي، والا فما معنى وجود حكومة حمساوية مغلقة تسيطر على كل شيء في القطاع، ثم ما معنى ان تختار هذه الحكومة ومن ورائها حرككة حماس باجمالها ، أي مجال هي مسؤولة عنه، واي مجال لا علاقة لها به.!!
وهنا ينبغي الحديث بقدر من الوضوح والصراحة عن اعلان السيد ابو مرزوق عدم ممانعته في تولي حرس الرئيس المسؤولية عن المعبر، والمقصود هنا ليست المسؤولية بالمعنى الكامل ، وانما الغطاء الذي يوفر لحماس غسل يدها من مشاكل المعبر، مع احتفاظها في ذات الوقت بالمسؤولية السياسية والادارية الكاملة التي تتولاها الان حكومتها، أي ان حرس الرئيس سيعمل بصورة رمزية في اطار نظام حماس وسيطرتها المطلقة على كل قطاع غزة بما في ذلك المعبر.
ان كل وطني فلسطيني ، يشعر بالم يومي وهو يتابع ازمة غزة، والثمن الذي فرض على الغزيين دفعه لقاء حكم حماس للقطاع وتورطها في تحالفات كانت هي من يجني المغنم منها ، ومفروض على الغزيين دفع المغرم فيها فقط.
وان كل وطني فلسطيني في أي موقع، يتطلع الى ذلك اليوم الذي يتخلص فيه الغزيون من الحصار المركب المفروض عليهم.
واذا كان كل ما تستطيعه حماس لمعالجة هذه المأساة هو السماح لحرس الرئيس بالتواجد على المعبر لمجرد تقديم التسهيلات، فهي بذلك انما تفتش عن غيرها لحل الازمة، وتضع رأسها في الرمال كي لا ترى الجوانب الاخرى للمعضلة الكبرى، التي هي اخطر معضلة يعيشها الوضع الفلسطيني بمجمله، ويمكن اختصاره بعنوان واحد هو الانقسام.
فاذا كانت حماس راغبة حقا في معالجة مأساة غزة، وبصورة جذرية فعليها ان لا تضع العربة امام الحصان ، وان لا تختصر الازمة الكبرى ، بتسهيلات جزئية على المعبر ليس الا. عليها اولا ان تتوقف وبصورة واضحة ومقنعة، عن اعتبار غزة قاعدة دويلة تقودها الان في حيز جغرافي ضيق من ارض الوطن، تمهيدا لمد السيطرة المستحيلة الى باقي الوطن.
وعليها كذلك،، ان تدرك بان بقاء غزة في وضعها الراهن امر لا ينجب الا الازمات والمآسي والكوارث، ليس على اهل غزة وحدهم وانما على كل الفلسطينيين اينما وجدوا، وعلى قضيتهم الوطنية التي يدمرها الانشقاق ويهددها بالانهيار والتلاشي.
وعليها كذلك ان تبادر الى فتح صفحة جديدة ، مع كافة القوى الوطنية والاجتماعية الفلسطينية وان تعلن دون لبس او غموض، بانها جزء من النسيج الوطني الفلسطيني، وانها تلتزم بمنظمة التحرير الفلسطينية ممثلا شرعيا وحيدا للشعب الفلسطيني ، وانها جاهزة للمشاركة في انتخابات تشريعية ورئاسية فورية، كي تعيد هي وفتح وسائر القوى السياسية الامانة الى اهلها، أي الى الشعب، ليختار عبر صندوق الاقتراع من يمثله ويقوده، وليعيد الشعب عبر ممثليه المنتخبين الوحدة للوطن، فبدون هذه الوحدة التي لن تعود بغير هذه الطريقة، فلا مجال في الافق لا الى مزيد من التدهور في غزة وفلسطين عموما ومزيد من التراجع للقضية الوطنية.
ان حكاية المعبر وحرس الرئيس هي قطرة من بحر الازمة، او ربما احد عناوينها، فتطورات الاحداث شاءت ان تضع الغزيينتحت بؤرة تقاطع نيران لا ناقة لهم فيها ولا جمل، ولا خلاص لغزة الا بالخلاص من الانقسام، ولا خلاص من الانقسام الا حين تتخلى حماس عن احلامها السلطوية والاستئثارية لمصلحة مشاركة شاملة في الوطن والقضية، ومنظمة التحرير ما تزال هي الجبهة المؤهلة لاحتواء الجميع، فان كانت بحاجة الى اصلاح فهذه مسؤولية الجميع ولا ارى لأزمة غزة وازمة حماس من مخرج الا هذا.
ملاحظة اخيرة...
إن وجود حرس الرئيس على المعبر، لا يعني فتحه تلقائيا، فالمسألة أصعب من ذلك بكثير، وحماس تعرف .. والمصريون يعرفون اكثر.