حماس تحاول مجددا اختبار موقف القيادة الفلسطينية
عادت قيادة حماس للحديث مجددا حول موضوع المصالحة وربطته هذه المرة ويشكل علني في المفاوضات الجارية بين السلطة الوطنية وإسرائيل. فقد ادعى صلاح البردويل أنه لا يوجد أي إمكانية لعقد لقاءات مع حركة فتح، في ظل استمرار المفاوضات مع "إسرائيل". لكن مصدر آخر في الحكومة المقالة أكد أن حماس تدعم وبقوة باتجاه تحقيق المصالحة الفلسطينية وإنهاء حالة الانقسام الفلسطيني؛ ومن جانبه قال زياد الظاظا نائب إسماعيل هنيه :"نحن جاهزون لتطبيق اتفاق المصالحة الفلسطينية فوراً، والتعامل بإيجابية مع كافة القضايا من موقع المسؤولية والجدية والقوة وليس من موقف ما يظنه البعض أن الحكومة والفصائل في قطاع غزة تعيش مأزق.
هذه التناقضات في مواقف قيادات حركة حماس تعكس حالة الانقسام الذي تعيشه الحركة، وتعبر عن عمق الأزمة الداخلية التي تعصف بها، حيث أن طرح هذه المواقف وبهذه الصورة التي تأتي في سياق إستراتيجية حماس، يعني أن قيادة حماس أخذت على عاتقها تقاسم الأدوار في مسالة مهمة جدا تتعلق بمستقبل حماس السياسي وبنفس الوقت تراهن على أن هذه الأمور المطروحة تشكل مستقبل القضية الفلسطينية بشكل عام.
ربما تعتقد حماس أنها بطرحها هذا يمكن أن تضع القيادة الفلسطينية تحت اختبار حقيقي في المفاضلة بين اختيار المصالحة وهي مصلحة وطنية حسب اعتقادها وبين الإصرار على استكمال المفاوضات التي ترى فيها حماس بأنها تشكل تنازلا عن الثوابت الفلسطينية.
ونحن نقر بان المصالحة مصلحة وطنية عليا وتأتي في صلب اهتمامات القيادة الفلسطينية التي حاولت بشتى الطرق إتمامها لكن مصالح حماس السياسية والحزبية وقفت عائقا أمام تحقيق هذه المصلحة العليا للشعب الفلسطيني، كما أن المفاوضات أيضا تعتبر مصلحة عليا تمسكت بها القيادة الفلسطينية لانجاز المشروع الوطني الفلسطيني.
وقد أعلنت القيادة الفلسطينية في مناسبات عدة بأنه لا علاقة بين تحقيق المصالحة وقرارها بالعودة إلى المفاوضات، ورفضت الربط بينهما،وان القيادة الفلسطينية لم ولن ترضخ لأي شرط من أي جهة كانت تحاول عرقلة المفاوضات حسب زعم قيادة حماس، لكن حماس تحاول وضع المبررات للهروب من تحقيق المصالحة وربطها بموضوع المفاوضات. ونذكر حماس وقيادتها بان موضوع المصالحة وطرحه ومحاولة تحقيقه سبق العودة إلى المفاوضات بسنوات عدة وانه عندما حاولت القيادة تحقيق المصالحة لم يكن هناك مفاوضات، وكانت المعطيات تشير انه لن يكون هناك انفراجا في عملية السلام. فلماذا لم تستجب قيادة حماس للمصلحة الوطنية ولرغبات الشعب في تحقيق المصالحة في ذاك الوقت عندما كانت المفاوضات متوقفة، ولو فعلت حماس ذلك وانخرطت في النظام السياسي الفلسطيني، ودافعت عن المشروع الوطني فان ذلك سيعفيها من هذه المواقف التي لا تحمل سوى المزايدات على القضية الفلسطينية والقيادة الشرعية، بل أصرت حماس على مؤامراتها بالتعاون مع أطراف إقليمية لضرب وحدة الشعب الفلسطيني وممثله الوحيد م.ت.ف.
ويحاول الزهار أن يزيد من عمق أزمة حماس ويقع في تناقض آخر عندما هاجم السيد الرئيس وقال" انه لا يملك قرار عدم الذهاب للمفاوضات لأنه في حال عدم ذهابه سيُتهم بتدمير مشروع التسوية".
ويعلم الزهار وغيره بان قرار القيادة الفلسطينية في العودة إلى المفاوضات كان قرارا سياديا نابعا من المصالح العليا للشعب الفلسطيني التي لا زال الزهار ينكرها، وأن القيادة الفلسطينية لم تخضع لأي شروط كانت بل كان قرارها المستقل الذي يدرك الزهار بان منظمة التحرير الفلسطينية وقيادتها بان الحفاظ على قرارها المستقل كان سببا رئيسيا في خلافات كثيرة مع كثير من الأنظمة العربية التي حاولت مصادرته، ولن يصادر اليوم بالعودة إلى المفاوضات.
وإذا كانت حماس تعتقد أن بمناوراتها هذه تستطيع الإفلات من أزماتها وتصديرها وتأليب الشعب الفلسطيني ضد القيادة الفلسطينية فاتها تكون قد أخطأت الحسابات وعليها مراجعة شاملة لكل سياساتها الملتوية وان الخروج من أزماتها لن يتم على حساب القيادة الشرعية للشعب الفلسطيني.