زيمان ينتهك الشرعية الدولية- عادل عبد الرحمن
صرح الرئيس التشيكي، ميلوس زيمان، انه بعد تشكيل الحكومة سيعمل على نقل سفارة بلاده من تل ابيب إلى القدس. مع ان الرئيس الاشتراكي يعلم ان خطوته تتناقض مع خيار العالم بتحقيق السلام بين الفلسطينيين والاسرائيليين. كما انه يزاود على الادارة الاميركية، الحليف الاستراتيجي لدولة الاحتلال والعدوان الاسرائيلية، ويتساوق في ذات الوقت مع توجهات القوى الاكثر اقصوية وتطرفا في إسرائيل والايباك الصهيوني والقوى اليمينية في الحزب الجمهوري، وخاصة انصار حزب الشاي في الولايات المتحدة الاميركية.
الرئيس ميلوس زيمان، الذي أنتخب بالاقتراع المباشر في مارس / آذار الماضي، ليس بحاجة لارتكاب هكذا إنتهاك سياسي خطير يمس بمصالح الشعب العربي الفلسطيني؛ حيث ترتبط تشيكيا بعلاقات ايجابية مع الدول العربية ومع دولة فلسطين، ولجوئه لهكذا خطوة متطرفة تتناقض مع سياسة دول الاتحاد الاوروبي، التي هي (تشيكيا)عضو فيه، التي إتخذت قرارا بمقاطعة المؤسسسات التي تتعاون مع المستوطنات الاستعمارية المقامةعلى الاراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967، ومقاطعة السلع المنتجة في تلك المستعمرات؛ وبالتالي اين مصلحة جمهورية تيشكيا في هكذا خطوة، سوى مجاراة قوى الاستعمار الصهيونية، التي لا تعمل بالاساس لحماية مصالح اليهود الصهاينة، ولا لمصلحة دولة إسرائيل ذاتها، لان مواصلة الاستيطان الاستعماري في الاراضي الفلسطينية المحتلة، والتهويد ومصادرة الاراضي، وضم القدس الشرقية، عاصمة الدولة الفلسطينية وغيرها من الجرائم والانتهاكات اليومية تدمر عملية السلام، وتفتح فوهة بركان الحرب بين شعوب المنطقة عموما والاسرائيليين والفلسطينيين خاصة.
إعلان رئيس تشيكيا عن نقل سفارة بلاده إلى القدس، تعني الاتي: اولا تحدي صريح لارادة ومصالح الشعب العربي الفلسطيني، وهو ما يعني تفريط الرئيس ميلوس بالعلاقات الفلسطينية / التشيكية، رغم حرص القيادة الفلسطينية على تلك العلاقات، حرصا منها على الروابط التاريخية، التي جمعت الشعبين طيلة عقود وجود منظومة الدول الاشتراكية قبل إنهيارها وتلاشيها في مطلع العقد التاسع من القرن الماضي، واستمرت بعد إنفصال تشيكيا عن سلوفاكيا، وحتى يوم الدنيا هذا؛ ثانيا إدارة ظهر من قبل الدولة التشيكية للعلاقات العربية التشيكية، وهذا يضر بمصالح الشعب التشيكي أكثر مما تؤثر سلبا في مصالح الدول العربية؛ ثالثا تشكل خطوة ميلوس تحديا لخيار السلام وحل الدولتين من الشعبين على حدود الرابع من حزيران /يونيو 1967؛ رابعا إنتهاك صارخ لقرارات الشرعية الدولية، التي ترفض الاقرار بالاجراءات والانتهاكات الاسرائيلية، وتؤكد دورة تلو الاخرى، ان الاراضي الفلسطينية المحتلة عام 67، غير مسموح لاسرائيل تغيير معالمها أو ضمها أو اتخاذ اي إجراء يمس بحقوق ومصالح الشعب الفلسطيني. خامسا الخطوة لا تعدو عن كونها مداهنة للقيادة الصهيونية ، والتوافق مع خيارها العنصري والفاشي المهدد لحياة الشعوب والسلام على حد سواء؛ سادسا وهو ما اشير سابقا التساوق مع القوى الاميركية الاقصوية، المعادية للسلام ولحرية واستقلال الشعب العربي الفلسطيني.
وحرصا على العلاقات الفلسطينية والعربية / التشيكية فإن الضرورة تملي على الرئيس زيمان الابتعاد عن الخطوة ، التي اعلن عنها، وإعادة النظر بها، لانها لا تخدم مصالح تشيكيا نهائيا، ولا تصب حتى في مصالح إسرائيل ذاتها، إن كان معنيا بتلك المصالح، كما انها خطوة فيها تناقض صريح مع توجهات الاتحاد الاوروبي ، وايضا مع الشرعية الدولية.
وتشيكيا التي تعرضت لنتائج مدمرة في الحرب العالمية الثانية، تقع عليها مسؤولية الاسهام بدعم خيار السلام بين الاسرائيليين والفلسطينيين لا العكس. ومازالت الفرصة مؤاتية للرئيس ميلوس لاعادة النظر بسياساته الخاطئة تجاه السلام والشعب العربي الفلسطيني خصوصا والعرب عموما.
a.a.alrhman@gmail.com