الرئيس والتقشف ... النقابات والمسؤولية الوطنية- جهاد حرب
أحسن الرئيس في دعوته النقابات العمومية الى تحمل المسؤولية " تفهم وضعنا الصعب في ظل الأوضاع المالية الاستثنائية التي نعيشها "التي جاء خلال مقابلته في برنامج عالمكشوف.
وأصاب الرئيس في وصفه اضرابات النقابات في القطاع العام بأنها "عملا غير مسؤول" في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي تمثل زيادة البطالة والفقر أهم سماتها الأساسية، ومطالبته كذلك إياها التمتع "بنظرة شمولية للمجتمع في ظل امكانيات مالية محدودة".
هذا الموقف جاء في ظل حالة فوضى "تجتاح" البلد، في أحدى اوجهها؛ اضرابات الموظفين كفئات مختلفه وأجزاء من فئات مثل اضرابات اتحاد المعلمين ونقابات الصحة وموظفي زاره التربية والتعليم والمهندسين فى السلطة الفلسطينية، وضرب موعدا جديدا للإضراب من قبل نقابة الموظفين العمومية بعد اجازة عيد الاضحى المبارك الطويلة.
هذا الامر "الموقف" لا يعني الوقوف ضد النقابات أو عملها أو اضراباتها في المطلق، بل انني اجزم بأنها جزء من الحراك الاجتماعي وهي أيضا وبالأساس للمشاركة في بناء السياسات الوطنية.
لكن يتطلب العمل النقابي باعتباره شأنا عاما مسؤولية وطنية، خاصة في ظل الظروف الاستثنائية، دون المساس مطلقا بحقوق العاملين أو تعسف الحكومة في قراراتها أو سلبهم لحقوقهم.
دعوة الرئيس هذه، تتطلب في المقابل أيضا تطبيق سياسة تقشف حقيقية وواضحة "شفافة" ومعلنة توقف من "هدر المال العام"، وتتحلى بالمسؤولية ليس فقط لفترة قصيرة بل تصبح سياسة دائمة، وعدم التذرع بأن النظام المالي يسمح بهذا ما يعني قانونية "الصرف" الانفاق ، بل سياسة تقشف تعني وقف عمليات انفاق قانونية لا تلبي احتياجا ضروريا مثل مهمات السفر وشراء سيارات جديدة للوزراء والمستشارين وبدل سكن وغيرها وصولا للاستخدام القويم والحصيف للسيارات الحكومية المدنية منها والامنية.
سياسة التقشف هذه لن تكون حقيقية دون أن يرى المجتمع الفلسطيني بعينيه ويصدقها، وهي تحتاج الى افعال وليست أقوالا وتصريحات، وهي أيضا تبدأ برأس الهرم ومن دونه.
ندرك جميعا أن الأزمة المالية ليست لخطأ فقط في السياسات العامة التي انتهجتها الحكومات المتعاقبة، بل أيضا لسياسات الاحتلال الاسرائيلي ورغبته بإبقاء الوضع متأزما الفلسطيني للانشغال فى كيفيه توفير الاموال اللازمة لتدبير الشان الداخلى اقتراحات للاثقال الحمل على السلطة الفلسطينية فى تحملها لمسؤولياتها إمام المجتمع، بالإضافة إلى التواطؤ الأميركي وخلفه العربي منعا لتمردنا بتحرير إرادتنا.
تفرض الظروف الصعبة التي يعيشها الشعب الفلسطيني في ظل أزمة سياسية "تصل إلى كينونة النظام السياسي ومؤسساته" أكبر من الأزمة المالية ذاتها النظر في إطار وطني لنعيد الاعتبار للمصالح الوطنية وان كانت على حساب المطالب النقابية المحقة قبل أن تتآكل قوانا الذاتية.
لقد باتت الخيارات محدودة، اما الذهاب إلى وقف فوضى البلد، وإما السير في الفوضى من خلال الاضرابات دون مراعاة ظروفنا العامة ونهدم ما تم بنائه وتكريسه طوال السنوات الماضية. وهنا لابد من التأكيد ان النقابات الحرة والفاعلة دوما لا تنتصر فقط لأعضائها بل أيضا تنتصر للمستفيدين من خدماتها.