ويستمر الغزل بين حماس وإسرائيل
لم يعد خافيا على احد أن هناك مصالح مشتركة تجمع حماس مع إسرائيل، وبات هذا واضحاً من خلال سلسلة من الأحداث والمواقف المشتركة بين الطرفين والمتعلقة بالسلطة الفلسطينية.فكلا الجانبين يقفون موقفا عدائيا من السلطة الوطنية ومشروعها الوطني، وقد حاول كل طرف منهم العمل على تقويضه، ولا زال العمل مستمرا بهذا الاتجاه، لكن ربما يتطلب نجاح توجهاتهم هذه بتوفر عوامل محلية وإقليمية ودولية تساعدهم على ذلك لكنها لم تنضج بعد. لا شك أن الهدنة التي وقعتها حماس مع إسرائيل والقاضية بوقف كل الأعمال العدائية ضدها، استفادت إسرائيل منها وأعطتها مجالا وهامشا لالتقاط الأنفاس في ترتيبات أوضاعها على تلك الجبهة دون وجود مخاطر تعتري طريقها، حيث إنها شعرت بالأمان، وهذا ما دفع قائد المنطقة الجنوبية في الجيش الإسرائيلي (سامي تروجمان) إلى الإشادة بحماس، ويؤكد أن وجود حماس على حدود إسرائيل الجنوبية يعتبر مصلحة إسرائيلية. تصريح يفسر كل شيء حول المنافع التي حققتها إسرائيل جراء توقيع الهدنة مع حماس.
لكن حماس تعيش على صعيدا آخر وبعيدا عن علاقتها مع إسرائيل، علاقة مع مصر وصلت إلى مرحلة كبيرة من التوتر وكيل الاتهامات بين الطرفين ووضعت حماس في أزمة كبيرة وعزلة تامة وأصبحت تهدد مصيرها، وأخذت تبحث عن مخارج لهذه الأزمات ألا أنها لم تجد ضالتها بعد.
واعتقد البعض انه ربما يأتي الفرج بالنسبة لحماس من قبل الإسرائيليين، الذين على ما يبدو آن الوضع الذي تمر حماس فيه وفي تقديرات المسئولين الإسرائيليين ربما يترك انعكاساته السلبية على العلاقة بين الطرفين.
ولهذا تحركت القيادة الإسرائيلية وكما أفادت مصادر إسرائيلية أن مسئولين إسرائيليين طلبوا من نظراءهم المصريين تخفيف القبضة العسكرية على قطاع غزة، وعدم فرض مزيدا من الإجراءات التي من شأنها التضييق على حركة حماس في القطاع، خشية أن يؤدي ذلك إلى اضطرابات على الحدود مع إسرائيل، قد تنفجر جولة جديدة من العنف والمواجهة.
إلا أن هذا الطلب لم يلقى آذانا صاغية من المسئولين المصريين بسبب حجم التدخل الحمساوي في الشأن المصري وحجم الجرائم التي ارتكبتها بحق الأمن القومي المصري.
ولا ندري ما الذي يقلق إسرائيل ويجعلها متخوفة لهذه الدرجة من احتمال تفجر الأوضاع على حدودها الجنوبية، فحماس أغلقت ملف الصراع معها، وفتحته مع أطراف عربية ومع السلطة الوطنية، فقد ناصبت حماس العداء لمصر ووضعت نفسها في موقف معادي للأمن القومي العربي. وعلى ما يبدو أن قناعات حماس تنطلق من أن الحفاظ على وجودها وامتداداتها المتمثلة بالتنظيم العالمي للإخوان المسلمين بأتي من خلال تقويض الأمن القومي العربي، فهو العائق الوحيد أمام نمو حماس وتثبيت وجودها كحركة قشورها فلسطينية، لكن جوهرها يختلف عما نادت به يوم ظهورها وادعاءاتها بالعمل على تحرير فلسطين من براثن الكيان الصهيوني، لنجد أن كل ذلك كان مجرد إشاعات وادعاءات باطلة وأكاذيب ساقتها حماس من اجل مزيد من الاستقطاب في صفوف الشعب الفلسطيني، الذي اكتشف مؤخرا الخدع التي اعتمدتها حماس وتبين له أن هناك أهدافا واضحة جراء ظهور هذه الحركة وهو ضرب المشروع الوطني الفلسطيني.
في الوقت الذي يقف فيه المسئولين الإسرائيليين مدافعين عن حماس وأمام بلد عربي فان ذلك يعني وفي المفاهيم السياسية والدبلوماسية أن هناك لقاءً يجمعهم ومصالح مشتركة بينهما.