للسلام أسس ومقومات واضحة
وهدد رئيس الحزب اليهودي ووزير الاقتصاد في حكومة نتنياهو "نفتالي بينيت" بالانسحاب من الائتلاف الحكومي في حال إقدام نتنياهو على تقديم تنازلات للجانب الفلسطيني وتوقيع اتفاق معهم.
مواقف معظم أعضاء الحكومة الإسرائيلية تذهب نحو التطرف والتشدد ومواقف نتنياهو ليست بعيدة عن هذا الاتجاه. نتنياهو الذي يطالب الجانب الفلسطيني بالاعتراف بيهودية دولة إسرائيل كشرط أساسي للتوصل إلى اتفاقية سلام في نهاية المفاوضات يدرك جيدا ان هذا الشرط غير قابل للتحقيق وقد سمع الرد على مطالبه هذه مسبقا من قبل القيادة الفلسطينية وقبل العودة إلى طاولة المفاوضات الأخيرة. ومثل هذه المواقف التي يطلقها نتنياهو لا تهدف سوى الى وضع مزيدا من العراقيل أمام التقدم في المفاوضات الجارية بين الجانبين،
وهذا يعني عدم وجود تباين في مواقف الحكومة الإسرائيلية الداعية إلى وقف المفاوضات بما فيها مواقف نتنياهو. نتنياهو الذي يظهر ما لا يبطن ودائم التهرب من مواجهة الحقيقة فيما يتعلق بعودته للمفاوضات ،يدرك تماما أن عودته اليها كانت تحت سقف حل الدولتين وإقامة دولة فلسطينية كاملة السيادة على حدود الرابع من حزيران 1967،وهذا يعني سيطرة الدولة الفلسطينية على حدودها وأجواءها. لكن نتنياهو وفي حديثه أمام الكنيست الإسرائيلي اعتبر أن غور الأردن يجب أن يشكل حدودا أمنية لإسرائيل، وهذا يعني إبقاء السيطرة الإسرائيلية على حدود الدولة الفلسطينية ويتناقض مع روح قرارات الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي الداعي إلى انسحاب إسرائيلي كامل من الأراضي التي احتلتها إسرائيل عام 1967.
ربما تكون مواقف بعض أعضاء الحكومة الإسرائيلية عبارة عن تقاسم ادوار، وهي تتطابق كليا مع مواقف نتنياهو، لكن نتنياهو يريد أن يواجه المجتمع الدولي بتعرضه لضغوط داخلية من أعضاء حكومته وحلفاءه في الائتلاف الحكومي بعدم المضي قدما في مفاوضات والسلام. ونعتقد أن هذا ما يسعى إليه نتنياهو لان السلام له استحقاقات غير مستعد نتنياهو لدفعها الآن، وبدا هذا واضحا من خلال تصريحاته عندما طالب الاعتراف بدولة يهودية شرطا للتوصل إلى اتفاق في نهاية المفاوضات، لكنه "ليس شرطا لإطلاقها"، وتحمل مواقف نتنياهو هذه لا مبالاة تجاه التزاماته الدولية واستحقاقات العودة إلى طاولة المفاوضات.
لا يبدو أن هناك مؤشرات قريبة حول أي نوع من الانفراج في مسيرة التسوية السلمية فمواقف نتنياهو ليست مشجعة للتفاؤل كثيرا بقرب انفراج، ومواقف حكومته تدعو إلى التطرف والتصعيد وبين هذا وذاك تكمن لعبة حكومة نتنياهو التي تسعى إلى إطالة أمد المفاوضات لسنوات قادمة حتى تفرغها من محتواها وتجعل حالة اليأس تسيطر على الجانب الفلسطيني وتولد قناعة لديهم بانغلاق افق عملية السلام وبالتالي الانسحاب من المفاوضات وهذا ما يخطط إليه نتنياهو لتحميل الطرف الفلسطيني مسؤولية فشل المفاوضات وعملية السلام برمتها.