بزنس السلام- نبيل عمرو
لم يبق للسلام في الشرق الاوسط، الا ابتهالات قداسة البابا فرانسيس بابا الفاتيكان.
فالحبر الاعظم، تلقى دعوات لزيارة المنطقة، اولها كان من السيد شيمعون بيريز، ثم الملك عبد الله الثاني، ثم الرئيس محمود عباس، ولا اعرف ان كان رئيس لبنان قد فعل نفس الشيء، كما لا اعرف ان كان الرئيس بشار الاسد، قد دعاه ام رؤساء المعارضة في سوريا، ولو اتيحت الفرصة للسيد خالد مشعل لوجه دعوة لقداسته لزيارة غزة، واخذ كتف في اتمام المصالحة الفلسطينية.
اما نتنياهو فلم يترك المأثرة الباباوية لشيمعون بيريز. سوف يدعوه لزيارة اسرائيل حال لقاءه الوشيك. والحبر الاعظم سوف يلبي الدعوة، وهنالك من افصح عن انه سيحدد موعدها قريبا، اضافة الى انه يردد لزواره بانه دائم الدعاء للباري عز وجل .. ان يُحل السلام في ارض السلام. ولا شك في ان قداسته هو الاعرف، واكثر من غيره، بالمزايا التاريخية والدينية للمنطقة المشتعلة، كما يعرف ان ارض السلام المفقود هي ليست مجرد بؤرة تشتعل بما فيها ،بل انها تمد السنة النار الى المنطقة باسرها، ان لم نقل الى العالم كله .
وبوسعنا القول ان قداسة البابا .. ودون قصد منه، قد دخل في دوامة الشرق الاوسط، وكل الذين دعوه يعرفون جيدا ان ليس لديه غير الدعوات .. ولكنهم جميعا بحاجة اليها ، ذلك ان الرداء الباباوي بالغ الاهمية حين يفرد على الاجندات المتصارعة، وكل اجندة تعمل على ان تمسك بطرف هذا الرداء، ليس للحصول على البركة وانما تغطية السياسات والمطالب.
الفلسطينيون يريدون من قداسته ان يشكل ثقلا معنويا مميزا لسعيهم اليائس من اجل تحقيق السلام الذي يضمن بعض حقوقهم .. وفي هذا الاتجاه لن يبخل قداسته عليهم مثلثما لم يبخل من سبقوه الى الزيارة ، وعلى ما أعرف فان جميع باباوات الفاتيكان حجوا الى ارض السلام منذ ان ابتليت هذه الارض بالحروب والنكبات التي لا حل لها ..
والاردنيون الذين يستقبلون انهار المآسي العربية على هيئة لاجئين موسميين من لبنان وفلسطين والعراق وليبيا، ويقيم على ارضهم ملايين من غير الاردنيين، ويصيبهم عصف الحروب الداخلية في الجوار، يريدون من قداسته ان يلقي نظرة على الحمل الثقيل الواقع على اكتافهم الطرية، وسيعلمونه ان تحقيق السلام في الشرق الاوسط هو الترياق الشافي من كل الاخطار وهو الضمانة الاكيدة لخفض منسوب المعاناة الانسانية ان لم يكن لانهاءها.
اما الاسرائيليون .. الذين سيوجهون دعوة ثنائية كدليل على اهتمامهم للمكانة المعنوية لقداسته، فليس افضل من هذا الوقت للافادة من زيارة كهذه، فهم يعملون ليل نهار كي يحل السلام على ارض السلام.. فهنا هم يفاوضون ، ويستقبلون قداسته كي يواصل ادعيته وامانيه، .. وليس لهم من مطالب اقدس من مطلب السلام والامن، وهم على استعداد لتقديم تنازلات مؤلمة على هذا السبيل المقدس، فهم مستعدون مثلا لتجميد الاستيطان اثناء الزيارة، وهم مستعدون لمنح الف تصريح اضافي لعمال فلسطينيين يعملون في المستوطنات ، دون ان ينسوا اعلام قداسته بانهم في عيد المسلمين الماضي منحوا الفلسطينيين خمسمئة الف تصريح للاستجمام على شواطئ المتوسط، وانهم تغاضوا عن مئة الف دخلوا البلاد بدون تصريح. وفي امر الارض فانهم سيسمحون للفلسطينيين بالعيش عليها .. دون ان يحصلوا على كوشان طابو يؤكد ملكيتهم لها .. فالمستوطنات بحاجة الى عشرة بالمائة من الارض تسجل لاسرائيل من اجل التوسع الطبيعي ، وعشرة بالمائة حولها لحمايتها من الارهاب وعشرة بالمائة اخرى لتأمين مواصلات جيش الدفاع والمستوطنين وزوار اسرائيل وعشرين بالمائة لمتطلبات الحدود وخصوصا في منطقة الاغوار حيث المقايضة العادلة " ايجار واستئجار"، ثم فوق البيعة هنالك المرتفعات التي تطل على مطار " بن غوريون" والتي لا مناص من الاحتفاظ بقوة عسكرية لتأمينها، وهنالك منابع المياه في الضفة التي توفر الرفاه المائي لاسرائيل والعطش لسكان هذه المنابع، وغير هذه التنازلات المؤلمة اشياء كثيرة تحتاج الى ان تُعمل، وتحتاج اكثر الى ان يشكروا عليها من قبل الفلسطينيين اولا، والعالم ثانيا، وقداسة البابا اخيرا.
حين يقدم وزير خارجية الفاتيكان تقريره لقداسة البابا عن الوضع عندنا، وعن الاوضاع الانسانية في الشرق الاوسط، فسوف يأمر بوضع البرنامج المركز التالي للزيارة :
- اهمية لقاء مع اللاجئين السورين في الاردن، اما في معسكرهم او استقبال وفد منهم.
- اهمية الصلاة في القيامة والمهد بصحبة رجال الدين وغداء البركة مع الرئيس الفلسطيني الداعي. مع الطلب من الاسرائيليين تضمين الناصرة في برنامج الزيارة .
- ثم اقامة قداس في بيروت او أي من مدن وقرى لبنان.
- ثم ان قداسته وحين يقارن بين الوضع ابان زيارة سلفه للديار المقدسة والوضع الان سيجد الفارق يستحق مضاعفة الدعوات والصلوات.