الطبيعة القانونية لحق دولة على إقليمها - حنا عيسى
هناك سؤال يفرض نفسه في هذا المجال ولا يزال محلا لاختلاف فقهي كبير وهو بالتالي: ما هي الطبيعة القانونية لحق دولة على إقليمها؟ هل هذا الحق هو حق ملكية عيني, بمعنى أن الدولة تملك إقليمها بأجزائه المختلفة وتتصرف بها كما تشاء من بيع وتنازل وإيجار.هناك نظريات في هذا المجال:
1- نظرية الملكية: لا ريب أن القانون الدولي الكلاسيكي, منذ عهد جروتسيوس تقريبا كان يميل للأخذ بحق الملكية حيث كان ينظر إلى الملك أو الأمير الإقطاعي على أساس انه هو المالك لاقليم الدولة التي يحكمها بدون أي فصل بين شخصية الحاكم وشخصية الدولة.
وبعد الثورة الفرنسية انتقل حق السيادة من الحاكم إلى الشعب وأصبح ينظر إلى الدولة كمؤسسة لها شخصية منفصلة عن شخصية الحاكم ولكن فقهاء القرن التاسع عشر بقوا ينظرون إلى العلاقة بين الدولة وإقليمها على أساس علاقة ملكية وكل ما هنالك انهم أصبحوا يعتبرون (الأمة) هي المالكة بدلا من الملك أو الأمير سابقا.
ومما يقوله الفقيه الفرنسي (فوشيل) في هذا المجال:
(أن استقلال الدولة ينطوي بحكم الضرورة على حقها المنفردة في جزء من الكرة الأرضية وهذا الجزء يكون إقليمها.والحيازة المنفردة و الكاملة للإقليم عنصر جوهري وتكويني للدولة وشرط لاستقلالها وحق ملكية جزء من الكرة الأرضية هو حق أساسي لكل دولة تمارس فيه بمواجهة الدول الأخرى حقها في التشريع وحقها في القضاء في التنفيذ لصالح رفاهية الأمة.
ورغم ما في هذا الرأي من الوجاهة ورغم أن نظرية ملكية الدولة لإقليميها يمكنها أن تشكل مستندا قانونيا لنظريات أخرى في مضمار التعامل الدولي مثل (نظرية السيادة المشتركة) ونظريات اكتساب الإقليم بواسطة الشراء و التنازل ووضع اليد ونظرية الاتفاق الدولي....الخ .فان نقصا خطيرا يقودها من حيث أنها لا تصلح لتسويغ ملكية الدول الأجنبية لعقارات داخل إقليم الدولة نفسها وكذلك تتعارض مع ملكية المواطنين الخاصة داخلها أيضا إذ انه لا يمكن قبول وجود مالكين لأرض معينة إذ كانت الدولة تملك هذه الأرض أصلا.
2- نظرية السيادة: ومؤداها أن الدولة لا تملك إقليمها تماما ولكنها تتمتع بالسيادة عليه وقد ظهر في نظرية السيادة هذه نظريتان فرعيتان:
أ- الأولى هي نظرية الاندماج أو المحل: الذي نادى بها الفقيه الألماني (لاباند) وجماعته وهي تنظر إلى الدولة وإقليمها في منظور واحد أي أن الدولة هي الإقليم و الأقاليم هو الدولة منظورا إليها من حيث حدودها الجغرافية ومما يؤخذ على هذه النظرية أنها تساوي بين (الجزء) و (الكل), إذ المعروف أن الإقليم هو احد الأركان المكونة للدولة وليس الدولة كلها.
ب- والثانية هي نظرية الاختصاص أو النطاق: التي جاء بها (رد نتزكي) في أوائل القرن الماضي 1906م تم تابعة فيها (ميشو) وغيرة وهي تنظر إلى الإقليم على أساس انه النطاق الذي تمارس الدولة سيادتها ضمنه ومما يؤخذ على هذه النظرية بدورها هو أنها لا تقدم تفسيرا مقنعا لممارسة الدولة لبعض من سلطاتها خارج إقليمها أحيانا على المواطنين الذين يحملون جنسيتها وعي المركبات ألماني و الهوائية التي تحمل عليها.
ت - وخير الآراء كما نعتقد هو التوفيق بين النظريتين السابقتين معا و النظر إلى حق الدولة على إقليمها على أساس انه ( حق ملكية من نوع خاص) حيث تمارس الدولة ضمن إقليمها اختصاصاتها بالسيادة على رعاياها من جهة وعلى الأشخاص و الأشياء الموجودة فوقه من جهة ثانية ولكن يجب النظر إلى ملكية الدولة لإقليمها في هذه الحالة على ضوء أحكام القانون العام لا الخاص وبهذا الشكل تعتبر الدولة مالكة لإقليمها وثرواته بشكل عام بالرغم من وجود مالكين عاديين (ملكية خاصة) لها وهذا ما دعا فقيه (بوردو) لوصف هذا الحق بأنه (حق عيني ذو طبيعة تأسيسية).
من جملة ما ذكرناه نستنتج أن سيادة الدولة على إقليمها هي عمل حصري بحيث لا يتمتع بالسيادة على الإقليم الواحد إلا دولة واحدة فقط وفي هذا يقول (ماركس):لا يمكن لسلطتين سيدتين مستقلتين أن تنشطا في وقت واحد جنبا إلى جنب في دولة واحدة) ولا يستثنى من ذلك سوى حالة (السيادة المزدوجة) حين تملك دولتان معا السيادة على إقليم واحد بالتساوي والمثال على هذه الحالة السودان بين 1899 و 1956 حيث كانت مصر بريطانيا تمارسان السيادة عليه بشكل مشترك وكذلك جزر (هيبريد) الجديدة التي ظلت فرنسا وبريطانية تمارسان سيادة مزدوجة عليها حتى استقلالها عام 1980م.
وأما في حالتي استئجار الإقليم (استئجار الولايات المتحدة لقاعدة ( غوانتا نامو الكوبية مثلا ) أو احتلاله حربا من قبل دولة أخرى فانهما لا تشكلان استثناء لمبدأ تفرد السيادة في الإقليم حيث تبقى السيادة في هاتين الحالتين للدولة الأصلية مالكة الإقليم شرعا ولا تمارس الدولة المستأجرة أو القائمة باحتلال إلا (سلطة فعلية) بدون أن تنتقل إليها السيادة المؤجر أو المحتل.
ha1- نظرية الملكية: لا ريب أن القانون الدولي الكلاسيكي, منذ عهد جروتسيوس تقريبا كان يميل للأخذ بحق الملكية حيث كان ينظر إلى الملك أو الأمير الإقطاعي على أساس انه هو المالك لاقليم الدولة التي يحكمها بدون أي فصل بين شخصية الحاكم وشخصية الدولة.
وبعد الثورة الفرنسية انتقل حق السيادة من الحاكم إلى الشعب وأصبح ينظر إلى الدولة كمؤسسة لها شخصية منفصلة عن شخصية الحاكم ولكن فقهاء القرن التاسع عشر بقوا ينظرون إلى العلاقة بين الدولة وإقليمها على أساس علاقة ملكية وكل ما هنالك انهم أصبحوا يعتبرون (الأمة) هي المالكة بدلا من الملك أو الأمير سابقا.
ومما يقوله الفقيه الفرنسي (فوشيل) في هذا المجال:
(أن استقلال الدولة ينطوي بحكم الضرورة على حقها المنفردة في جزء من الكرة الأرضية وهذا الجزء يكون إقليمها.والحيازة المنفردة و الكاملة للإقليم عنصر جوهري وتكويني للدولة وشرط لاستقلالها وحق ملكية جزء من الكرة الأرضية هو حق أساسي لكل دولة تمارس فيه بمواجهة الدول الأخرى حقها في التشريع وحقها في القضاء في التنفيذ لصالح رفاهية الأمة.
ورغم ما في هذا الرأي من الوجاهة ورغم أن نظرية ملكية الدولة لإقليميها يمكنها أن تشكل مستندا قانونيا لنظريات أخرى في مضمار التعامل الدولي مثل (نظرية السيادة المشتركة) ونظريات اكتساب الإقليم بواسطة الشراء و التنازل ووضع اليد ونظرية الاتفاق الدولي....الخ .فان نقصا خطيرا يقودها من حيث أنها لا تصلح لتسويغ ملكية الدول الأجنبية لعقارات داخل إقليم الدولة نفسها وكذلك تتعارض مع ملكية المواطنين الخاصة داخلها أيضا إذ انه لا يمكن قبول وجود مالكين لأرض معينة إذ كانت الدولة تملك هذه الأرض أصلا.
2- نظرية السيادة: ومؤداها أن الدولة لا تملك إقليمها تماما ولكنها تتمتع بالسيادة عليه وقد ظهر في نظرية السيادة هذه نظريتان فرعيتان:
أ- الأولى هي نظرية الاندماج أو المحل: الذي نادى بها الفقيه الألماني (لاباند) وجماعته وهي تنظر إلى الدولة وإقليمها في منظور واحد أي أن الدولة هي الإقليم و الأقاليم هو الدولة منظورا إليها من حيث حدودها الجغرافية ومما يؤخذ على هذه النظرية أنها تساوي بين (الجزء) و (الكل), إذ المعروف أن الإقليم هو احد الأركان المكونة للدولة وليس الدولة كلها.
ب- والثانية هي نظرية الاختصاص أو النطاق: التي جاء بها (رد نتزكي) في أوائل القرن الماضي 1906م تم تابعة فيها (ميشو) وغيرة وهي تنظر إلى الإقليم على أساس انه النطاق الذي تمارس الدولة سيادتها ضمنه ومما يؤخذ على هذه النظرية بدورها هو أنها لا تقدم تفسيرا مقنعا لممارسة الدولة لبعض من سلطاتها خارج إقليمها أحيانا على المواطنين الذين يحملون جنسيتها وعي المركبات ألماني و الهوائية التي تحمل عليها.
ت - وخير الآراء كما نعتقد هو التوفيق بين النظريتين السابقتين معا و النظر إلى حق الدولة على إقليمها على أساس انه ( حق ملكية من نوع خاص) حيث تمارس الدولة ضمن إقليمها اختصاصاتها بالسيادة على رعاياها من جهة وعلى الأشخاص و الأشياء الموجودة فوقه من جهة ثانية ولكن يجب النظر إلى ملكية الدولة لإقليمها في هذه الحالة على ضوء أحكام القانون العام لا الخاص وبهذا الشكل تعتبر الدولة مالكة لإقليمها وثرواته بشكل عام بالرغم من وجود مالكين عاديين (ملكية خاصة) لها وهذا ما دعا فقيه (بوردو) لوصف هذا الحق بأنه (حق عيني ذو طبيعة تأسيسية).
من جملة ما ذكرناه نستنتج أن سيادة الدولة على إقليمها هي عمل حصري بحيث لا يتمتع بالسيادة على الإقليم الواحد إلا دولة واحدة فقط وفي هذا يقول (ماركس):لا يمكن لسلطتين سيدتين مستقلتين أن تنشطا في وقت واحد جنبا إلى جنب في دولة واحدة) ولا يستثنى من ذلك سوى حالة (السيادة المزدوجة) حين تملك دولتان معا السيادة على إقليم واحد بالتساوي والمثال على هذه الحالة السودان بين 1899 و 1956 حيث كانت مصر بريطانيا تمارسان السيادة عليه بشكل مشترك وكذلك جزر (هيبريد) الجديدة التي ظلت فرنسا وبريطانية تمارسان سيادة مزدوجة عليها حتى استقلالها عام 1980م.
وأما في حالتي استئجار الإقليم (استئجار الولايات المتحدة لقاعدة ( غوانتا نامو الكوبية مثلا ) أو احتلاله حربا من قبل دولة أخرى فانهما لا تشكلان استثناء لمبدأ تفرد السيادة في الإقليم حيث تبقى السيادة في هاتين الحالتين للدولة الأصلية مالكة الإقليم شرعا ولا تمارس الدولة المستأجرة أو القائمة باحتلال إلا (سلطة فعلية) بدون أن تنتقل إليها السيادة المؤجر أو المحتل.