سترو يؤكد المؤكد- عادل عبد الرحمن
جاك سترو، وزير خارجية بريطانيا الاسبق، الق قنبلة سياسية من العيار الثقيل في وجه دولة التطهير العرقي الاسرائيلية خصوصا، والقوى المتساوقة معها، والداعمة لها في خيار تبديد عملية السلام، حين أدلى أمام " المجلس الديبلوماسي العالمي"، الذي عقد في مجلس العموم البريطاني بموقف لا يعتبر جديدا بالمعنى الدقيق للكلمة، لكنه تأكيد للمؤكد، قائلا"العقبة امام إحلال السلام في الشرق الاوسط" تتمثل في "الاموال اليهودية غير المحدودة، التي تسيطر على الادارة والكونغرس الاميركيين وتشوه إرادة الجمهور". واضاف رئيس الديبلوماسية البريطانية الاسبق عامل آخر، هو "الهوس الالماني بالدفاع عن إسرائيل".
هذه الحقائق يتغاضى عنها الغرب الاميركي والاوروبي عموما، ويحاول قادته وممثلوه إنتهاج سياسة اللف والدوران وقلب الحقائق في كل المحطات التاريخية السابقة، حين يلجأؤوا لتحميل الطرف الفلسطيني "المسؤولية" او مطالبته بتقديم المزيد من التنازلات المخلة بابسط قواعد الشرعية الدولية وبالحقوق الوطنية الفلسطينية. ويلوذ بالصمت والخرس المريب أمام السياسات الاستعمارية الاسرائيلية، وكل ما يمكنه الادلاء به (الغرب) عند بروز فضيحة مدوية في الاستيطان الاستعماري او حين تقوم آلة الحرب الاسرائيلية بجرائم حرب ضد ابناء الشعب العربي الفلسطيني لا يتجاوز حدود اللغة الديبلوماسية، التي لا تثير حفيظة حكام الدولة الاسرائيلية الخارجة على القانون.
قنبلة سترو، وزير خارجية توني بلير (2001/ 2006)، تستحق التقدير والثناء من قبل القيادات الفلسطينية، لانها اعادت تسليط الضوء على الحقائق، التي يسعى قادة دولة الارهاب المنظم الاسرائيلية قلبها رأساً على عقب، ولانها تأت في الوقت، الذي تجري فيه المفاوضات بين الجانبين الفلسطيني والاسرائيلي برعاية اميركية مباشرة واوروبية وروسية واممية غير مباشرة، والتي حدد لها جدول زمني لا يزيد عن تسعة أشهر لبلوغ خيار الدولتين على حدود الرابع من حزيران عام 1967، وفي حال واصلت حكومة نتنياهو إدارة الظهر لخيار السلام، تطالب القيادة الشرعية إدارة اوباما تحمل مسؤولياتها المباشرة عن التهديد الاسرائيلي المتواصل للتسوية السياسية، وترفع سيف ضغطها عن الرقبة الفلسطينية، وتنحاز ولو مرة واحدة فقط لخيار الحق وقرارات الشرعية الدولية، وتلجأ لسيف العقوبات الاقتصادية والسياسية والديبلوماسية والامنية ضد إسرائيل لثنيها عن مواصلة خيار الحرب.
بالمقابل على القيادة الشرعية الفلسطينية بالتوجه لصناع القرار في الولايات المتحدة والمانيا، لمطالبتهم بالتوقف عن الدعم غير المبرر واللامشروع لدولة التهطير العرقي الاسرائيلية، ووضع حد لسياسة المحاباة والمملأة لسياساتها التخريبية، التي تهدد مصالح تلك الدول والسلم الاقليمي والعالمي على حد سواء. والعمل على ترشيد سياساتها الهوجاء المتناقضة مع حقائق التاريخ والواقع والمستقبل. فضلا عن التركيز على القيادة الالمانية، لإخراجها من العقدة الملازمة لها نتاج ما حصل في المحرقة أثناء الحرب العالمية الثانية، لاسيما وان المانيا دفعت الثمن غاليا على مدار عقود نشوء وبقاء إسرائيل، فهي من تحمل عبىء النهوض بالاقتصاد الاسرائيلي، وقدمت دعما غير مسبوق على الصعد المختلفة للدولة الاسرائيلية، ونتاج تلك السياسة تم تدفيع الشعب العربي الفلسطيني ثمن جرائم ووحشية النازية الالمانية، وهو ما لايقبله عقل ولا قانون ولا قيم الشرائع الدولية والوضعية عموما والدينية. الامر الذي يملي على القيادات العربية والفلسطينية الاشارة باصبع الاتهام للدور الالماني والاميركي خصوصا والغربي عموما فيما آلت إليه الامور ضد الشعب الفلسطيني ومصالحه العليا، وإستمرار نكبته وتشرده نتاج تلك السياسات، وتحميلها المسؤولية عما سينتج من جرائم وانتهاكات خطيرة لاحقة ضد ابناء الشعب الفلسطيني في مختلف بقاع الارض ، وليس فقط في الاراضي المحتلة عام 1967او داخل دولة إسرائيل.
جاك سترو، لم يسلم من القيادات الاسرائيلية، ولن يسلم من سخطها وصراخها ضده.وهذا ما حصل حيث هوجم من قبل ووسائل الاعلام الاسرائيلية وخاصة صحيفة "يديعوت احرونوت"، التي إتهمته ب"اللاسامي"، وهي التهمة الجاهزة لكل من يضع الاصبع على جرح الحقائق الدامغة،التي تشير إلى دور دولة الاستعمار الاستيطاني الاسرائيلية في تدميرها الممنهج لاية بارقة تدفع نحو خيار السلام. والحبل على الجرار، مع انه لم يضيف للحقائق أي جديد.
a.a.alrhman@gmail.com