إنتصرت فلسطين ..وخسرت أميركا وإسرائيل - عادل عبد الرحمن
عضوية دولة فلسطين في منظمة الامم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم (اليونيسكو)في نهاية إكتوبر 2011، أفقدت كل من الولايات المتحدة الاميركية ودولة التطهير العرقي الاسرائيلية حقهما في التصويت في المنظمة الاممية، لان الدولتين لم تفيا بالتزاماتهما المالية المترتبة عليهما، ولم تقدما حتى اللحظة أي إشعار رسمي بذلك.
رغم ان مندوب اميركا، ديفيدكيليون، أعلن أن واشنطن تعتبر "المنظمة شريكا مهما في خلق مستقبل افضل". وتابع القول "ننوي مواصلة مشاركتنا مع اليونيسكو بكل السبل الممكنة." إلآ ان الادارة الاميركية لم تؤكد للمنظمة الدولية إستعدادها بدفع الاستحقاقات المالية المترتبة عليها، والتي تقدر ب22% من موازنتها، مفترضة أنها قادرة على لي ذراع اليونيسكو، واتخاذ قرارات تتنافى مع طبيعتها الاممية، لكنها فشلت، وخسرت كما حصل معها سابقا، عندما أدارت ظهرها للمنظمة ذاتها في عهد الرئيس الاميركي الاسبق رونالد ريغان من 1984 حتى 2003، وتذرعت الادارة آنذاك بحجج واهية لتبرير إنسحابها من المنظمة الاممية. لكنها عادت ورضخت لاليات عمل اليونيسكو في عهد بوش الابن. وبالتالي من راهن على إمكانية تراجع منظمة التربية والثقافة والعلوم عن إعتمادها عضوية فلسطين، هو من خسر. وخاصة الولايات المتحدة، التي تدعي انها معنية بخيار السلام وحل الدولتين على حدود الرابع من حزيران 1967، وهو ما اعلنه المندوب الاميركي أمس.
في حين أن القيادة الاسرائيلية قللت من اهمية خسارتها حق التصويت. وقال مسؤول إسرائيلي، رفض الكشف عن نفسه، "ليست هناك مفاجأة، إنها إجراءات روتينية وليست عقابا". وواصل التأكيد على الخيار الاسرائيلي المعادي للمصالح والحقوق الفلسطينية، بالقول "عندما قررنا قبل سنتين عدم دفع مساهمتنا لليونيسكو بعد إنضمام (دولة فلسطين) إلى هذه المنظمة كنا نعرف ما ينتظرنا." هذا الادراك المسبق لعزلة إسرائيل في المنظمة الاممية، الذي يعترف به المسؤول الاسرائيلي، لم يثني القيادة الاسرائيلية عن التراجع حتى الان عن قرارها المتصادم مع التوجهات العالمية الداعمة لحقوق ومصالح الشعب العربي الفلسطيني، وهو ما يعني إنتصار فلسطين ليس فقط في حصولها على عضوية المنظمة، وانما في إنتزاع عدد من القرارات المهمة وذات الصلة بالمواقع التاريخبة والدينية في دولة فلسطين المحتلة كمثال الانتصار، الذي تحقق في حزيران / يونيو 2012، المتمثل بإدراج كنيسة المهد على لائحة التراث الانساني لليونيسكو. ويعمق المسؤول الاسرائيلي الاقرار بالخسارة، حين يقول: "المشكلة الحقيقية ليست أننا فقدنا حقنا في التصويت، بل أن الفلسطينيين يفعلون كل شيء لتحويل اليونيسكو إلى منظمة معادية لإسرائيل."
مما لاشك فيه، ان المنظمة الاممية تأثرت بعدم إلتزام اميركا وإسرائيل وكندا بدفع الاستحقاقات المالية الواجبة عليها، وأحدثت ازمة فيها، نتج عنها إنخفاض موازنتها من 653 إلى 507 مليون دولار أميركي. وأثرت على قدرة المنظمة بتسديد بعض إلتزاماتها لحوالي 300 موظف من العاملين معها في مركز في باريس وفي دول العالم. غير انها حافظت على دورها ولم تتراجع قيد أنملة، لان المديرة العامة للمنظمة ارينا بوكوفا، إستطاعت من تأمين خمسة وسبعين مليون دولار. وبذلك تجاوزت اليونيسكو جزءا اساسيا من ازمتها، وواصلت سياساتها الاممية الرائدة في حماية التراث العالمي لشعوب الارض قاطبة ومنها الشعب العربي الفلسطيني.
نموذج عضوية فلسطين في منظمة الامم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم، يشكل درسا مهما للقيادة ولكل المعنيين بصناعة القرار الوطني، لجهة خيار الانضمام للمنظمات الاممية، التي منحنا إيها قرار رفع مكانة فلسطين في الامم المتحدة لدولة مراقب. الذي يعني اولا تعزيز مكانة فلسطين في الساحة الدولية؛ وثانيا دعم العالم بمنظماتة ومؤسساته الاممية المختلفة لحقوق واهداف الشعب العربي الفلسطيني غير القابلة للنقض او التصرف؛ وثالثا يعمق عزلة دولة الاحتلال والعدوان الاسرائيلية داخل تلك المنظمات والعالم ككل؛ ورابعا يفتح الباب واسعا لملاحقة مجرمي الحرب الاسرائيليين في المحاكم الدولية؛ خامسا يعزز مكانة المنظمات الاممية ذاتها كحاملة للاهداف النبيلة للبشرية ككل، ويؤكد مصداقيتها في التصدي لقوى الارهاب العالمي والاحتلال الاسرائيلي البغيض.