مرة يغالط الحقيقة -3- عادل عبد الرحمن
تاسعا حول المقاومة، التي يركز عليها مرة في رده على الامين، رغم ما أشير له سابقا، غير ان الضرورة تملي إماطة اللثام عن اوجه اخرى من تناقض حركة الانقلاب مع المقاومة، لا سيما وان المسؤول الحمساوي، يغزل بمسلة صدئة ومتآكلة جدا عن المقاومة، حين يقول: "حماس والمقاومة "وحدة حال"، حماس هي "المقاومة" و"المقاومة" هي حماس، كالروح والجسد، كالفجر والندى، كالسيف والحدة، كالشمس والحرية"!؟ التشبيهات والاستعارات والكنايات، التي استخدمها رأفت مرة لاصلة لها بحركة الانقلاب الحمساوية، ولا اساس لها من الصحة. فمن يؤمن بالمقاومة الحقيقية، ومعني بالمشروع الوطني، وتحقيق اهداف ومصالح الشعب العليا، عليه ان يعمل على : تعزيز وتعميق وحدة الشعب وقواه السياسية على اساس برنامج الاجماع الوطني، لا الانقلاب على القيادة الشرعية، وتمزيق النسيج الوطني والاجتماعي والثقافي؛ كما يفترض به أن لا يجزئ المقاومة، او يفصلها وفق حسابات ضيقة وفئوية، ولا يجوز له ان يتغنى بالمقاومة قبل الانقلاب على الشرعية، حين كان يعطل الانسحابات الاسرائيلية من الارض الفلسطينية، او حين تقع في الجناح الشمالي من الوطن، الخاضع للشرعية، ويصفها بأقذع عبارات التشهير، حين يطلق الدكتور محمود الزهار، عضو المكتب السياسي لحركة الانقلاب، حين يعتبر من يقوم بها، بانهم "لا وطنيين"! فكيف يمكن التوفيق بين المقاومة وتصريحات قيادات حماس المختلفة وليس الزهار فقط؛ كما ان من يدعي بانه والمقاومة صنوان لا يفترقا، لايقبل على نفسه الوقوف على الحدود الشرقية للقطاع وبالعصي، لانه ليس مسموحا لميليشياته حمل البنادق، ليقوم بدور الشرطي الضامن لأمن وحدود دولة الاحتلال والعدوان الاسرائيلية من رجال واذرع المقاومة، غير ان ميليشيات حركة حماس، تقوم بهذا الدور ليس فقط منذ الامس، اي بعد هدنة الذل في عام 2012، بل منذ اللحظة الاولى للانقلاب في اواسط عام 2007؛ ومن يريد المقاومة، ويتخندق في مواقعها، لا يتنكر للرموز الوطنية وخاصة ابو الوطنية المعاصرة، ياسر عرفات، والحؤول دون إحياء ذكرى رحليه التاسعة. أضف إلى أن حركة الانقلاب الحمساوية، لم تشارك في معارك الدفاع عن الشعب أثناء العدوانيين البربريين الاسرائيليين نهاية 2008 ومطلع 2009 ولا في نوفمبر 2012، ففي المعركة الاولى، التي اطلقت عليها إسرائيل "الرصاص المصبوب"، قامت حركة حماس، باصدار أوامر لميليشياتها بالانسحاب من كل المواقع الامامية، ولبس الملابس المدنية، ليس هذا فحسب، بل ومطاردة المقاومين من خلال إرسال ما يزيد عن (1200) أمر بالاقامة الجبرية على المناضلين من ابناء حركة فتح والاجهزة الامنية الشرعية. والدليل على ان عناصر وانصار الانقلاب لم يشاركوا في المواجهة مع قوات الجيش الاسرائيلي، التي إخترقت الاراضي الفلسطينية في محافظات القطاع ووصلت الى اعماق مدينة غزة آنذاك، ان عدد شهداء حركة فتح والاجهزة الامنية بلغ حوالي ال (80) شهيدا، في حين ان من سقط من أنصار حماس، لم يزيدوا عن ال (47) شهيدا، جلهم سقط في الضربة الاولى اثناء الطابور الصباحي لاحدى دورات التدريب في مدينة عرفات للشرطة. وفي عدوان نوفمبر / تشرين ثاني 2012، الذي قام بقصف إسرائيل والقدس وغيرها من البلدات والمدن الاسرائيلية، كان مقاتلو حركة الجهاد الاسلامي، في اعقاب ذلك، وحين رأى نفر من عناصر كتائب عز الدين القسام، ان الصورايخ تفجر في مخازنها، وان حركة الجهاد واذرع الفصائل الوطنية الاخرى تبوأت مركز الصدارة، قاموا بالتمرد على قيادة الانقلاب، وقاموا بالمشاركة مع اذرع المقاومة بقصف المدن الاسرائيلية، ولكنهم، جاؤوا في ذيل القوى الوطنية، ولم يأتوا بقرار من قيادة حركتهم، بل بقرار خاص بهم، ولذر الرماد في أعينهم هم، وليس في عيون قيادتهم المتخاذلة.
وهذا الانجاز، الذي يحسب لفصائل العمل الوطني في قصف إسرائيل ردا على عدوانها الاجرامي ضد ابناء الشعب الفلسطيني في محافظات القطاع، لم يستخدم كعنصر قوة في المفاوضات مع حكومة إسرائيل، التي كان النظام المصري الاخواني يجريها بالنيابة عن حركة الانقلاب. وأملى نظام الرئيس المعزول محمد مرسي إتفاقا مذلا برعايته وضمانته على حركة الانقلاب الحمساوية، وهي المرة الاولى في تاريخ الهدن بين الجانبين الفلسطيني والاسرائيلي، التي يرعى فيها النظام المصري إتفاقية هدنة بينهما. فضلا عن ان اتفاق الهدنة،لم يحدد آليات وضوابط محددة تحول دون إطلاق اليد الاسرائيلية، بل ان الاتفاق عكس غطرسة حكومة نتنياهو، وجبن ورخص نظام الاخوان في مصر، حين سمح لاسرائيل ممارسة الرقابة على القطاع، وايضا تنفيذ اي عدوان في الوقت، الذي تتذرع فيه حكومة اليمين المتطرف الاسرائيلية بأي ذريعة مهما كانت واهية. كما إستخدم مفاهيم ومصطلحات تتناقض مع حق الدفاع المشروع للشعب الفلسطيني في مواجهة الاعتداءات الاسرائيلية، حيث مررت مصر مرسي ومكتب الارشاد الاخواني، مفهوم وقف "العمليات العدوانية" من الطرفين ؟! وهو ما يشير إلى ان اتفاق الهدنة الاخير كان الاخطر، والاكثر بؤسا وذلا. وما اشير اليه آنفا، حول ما تقوم به ميليشيات حركة حماس من حماية لحدود إسرائيل، يكشف إلى اي مدى تسحق حركة الانقلاب الحمساوية روح المقاومة في اوساط الشعب الفلسطيني.
عاشرا يدعي مرة، أن حركته "تخوض المعركة مع الاحتلال باسم الامة "!؟ عن اي امة تتحدث ايها الاخواني؟ هل تتحدث عن الامة، التي شكلتها جماعة الاخوان المسلمين وفق منظومتها وعقائدها، التي تعتبر اي ماليزي او اندونيسي أهم من مصر او فلسطين او سوريا كما قال بالفم الملآن المرشد السابق مهدي عاكف؟ أم عن الامة العربية؟ إنه يحدد أمته الاخوانية حين يستطرد منطقه العبثي قائلا: "حماس، هي الاصيل والوكيل، هي "نبض" الامة من المحيط إلى الخليج، هي صوت المجاهدين في القاهرة ودمشق وبغداد وعمان والخرطوم والرباط وجاكرتا".!؟ باضافته "جاكرتا" اوضح مسؤل اعلام حماس، عن اي امة يتحدث. وبالتالي لا يقصد الامة العربية الا للتأكيد على ان الناظم لفروع جماعة الاخوان في العالم العربي، هو تمزيق وحدة ونسيج الشعوب العربية، ومطاردة الوطنيين والقوميين العرب في كل مكان! ويذهب المرء بعيدا مع مرة الحمساوي، حين يؤكد على انها الحركة "الاصيل والوكيل"، ولكن "الاصيل" التخريبي لقضايا العرب الوطنية والقومية، وهي "الوكيل" لجماعة الاخوان المسلمين في قتل الضباط والجنود المصريين، وفي سوريا والاردن وتونس وليبيا والسودان والصومال والجزائر والمغرب واليمن، وقبل الجميع في فلسطين، حين أقامت إمارتها الطالبانية في غزة على أنقاض جماجم الشهداء والجرحى من ابناء حركة فتح والاجهزة الامنية ال (800) مناضل. وهي الوكيل في كل عمليات التخريب والتدمير المنهجية، التي تنفذها عصاباتها في الساحات العربية المختلفة، لانها بمثابة الزنبرك الفالت في صفوف الاخوان المسلمين، لتفجير صواعق ارهابها الاجرامي في الاراضي المصرية عموما وسيناء خصوصا، وحيثما امكنها ذلك في دنيا العرب.
يتبع غدا
a.a.alrhman@gmail.com