متطلبات معركة الاستقلال - عادل عبد الرحمن
مرت يوم الجمعة الماضي الذكرى الخامسة والعشرين لاعلان الاستقلال في الجزائر عام 1988، والتي باتت منذ اعوام تسعة خلت تمتزج بذكرى رحيل مؤسس الوطنية المعاصرة، الرئيس الشهيد ياسر عرفات، فتحيل الذكرى إلى دائرة السؤال، لاسيما وان عقدين بطولهما وعرضهما مضيا بعد التوقيع على إتفاقية اوسلو ايلول / سبتمبر 1993، ولم تتنسم الارض والشعب العربي الفلسطيني شمس الحرية، ومازال افق التسوية السياسية مغلقا نتاج السياسات الاستعمارية الاسرائيلية، وضعف وتشرذم العامل الوطني، وتماهي العامل العربي الرسمي مع السياسات الاميركية، وغياب الضغط الدولي على إسرائيل.
المشهد الفلسطيني يعيش لحظة رمادية جدا، وهي أقرب للسواد منها للغيوم البيضاء، لان الحال الوطنية لا تسر صديق ولا تكيد عدو، بسبب انغلاق الافق على أكثر من مستوى وصعيد. فعلى الصعيد الوطني بعيدا عن إنقلاب حركة حماس الاسود، اي داخل صفوف فصائل منظمة التحرير، تعاني الساحة من الترهل والغثيان، وتدور القوى في حلقة مفرغة، فلا هي قادرة على الوقوف على قدميها، وبالتالي إعلان مواقفها باستقلالية كاملة دون حسابات صغيرة، ولا هي قادرة فيما بينها ومجتمعة على تشكيل رافعة للمشروع الوطني، ولا هي مؤهلة للعب دور المعارضة الحقيقية لاسناد ذاتها والقيادة الشرعية المنخرطة في المفاوضات.
وحدث ولا حرج عن واقع حركة فتح، التي تعيش صراعات عدة، وليس صراع واحدا. هذا الواقع بحاجة ماسة إلى إستنهاض حقيقي، والكف عن النوم على وسادة "انا ابن فتح ما هتفت لغيرها"، الذي بات يحمل محاذير عدة، لان هذا الاطمئنان النسبي ل"لقبيلة" الفتحاوية كما وصفها الرئيس ابو مازن في اللقاء الاخير مع لميس الحديدي أثناء زيارته للقاهرة الاسبوع الماضي، فيه مبالغة زائدة، ويحتاج إلى مراجعة موضوعية وشجاعة، ومكاشفة مع الذات ومع المستويات القيادية المختلفة: اللجنة المركزية والمجلس الثوري والمجلس الاستشاري والاقاليم. وامتداد ذلك مع المؤسسة الحكومية والامنية والسفارات والعلاقات الفتحاوية العربية والاقليمية والدولية.
كما ان الساحة الوطنية في محافظات الشمال، تشهد إتقاد النيران تحت الرماد، رغم النجاحات النسبية، التي حققتها الاجهزة الامنية في حملتي الشمال (جنين) والجنوب ( ضواحي القدس وخاصة الرام) لكنها لم تغير ملامح المشهد البائس. لان هناك اكثر من لاعب يستهدف تفجير الساحة الداخلية بدءا من الاحتلال وجماعة الانقلاب الحمساوي والمافيات، اضف إلى إنفلات الغلاء في المدن عموما وخاصة رام الله، التي تشهد غلاءا مفتعلا، وللاسف المؤسسات المعنية لم تقم بواجبها حتى الان للجم تلك العوامل السلبية. الامر الذي يتطلب وضع رؤية إستراتيجية وتكتيكية لضبط إيقاع الشارع وفق المعايير الوطنية.
كل ما تقدم على اهميته، يبقى جزءا محدودا أمام مشهد الانقلاب الحمساوي على الشرعية، الذي مضى عليه سبعة اعوام دون تغيير في حالة التمزق، مع الجماهير الفلسطينية في محافظات الجنوب – غزة- خرجت مرتين، وحاكت المشروع الوطني باهدافه البعيدة والقريبة في ال 12 من نوفمبر / تشرين ثاني 2007 بعد خمسة اشهر من الانقلاب على الشرعية، عندما خرجت جماهير الشعب في حشود هائلة قدرت آنذاك بحوالي ال 750 الف مواطن، رغم اجراءات وحواجز حركة الانقلاب الحمساوية، والثانية في الرابع من كانون الثاني / يناير 2013 في الذكرى ال 48 لانطلاقة الثورة وحركة فتح، عندما خرجت الجماهير كما لم تخرج من قبل إلى الشوارع، وقدر عددهم بالمليون ومئتي الف مواطن، واعلنت ولاءها للوطنية والشرعية، ولكن كل مستويات القيادة تفاجأت ببحر الجماهير المتلاطم الرافض للانقلاب الحمساوي، وتركت الجماهير تحاكي الاهداف الوطنية دون ان ترتقي لمحاكاتها. ومازال المشروع الوطني يعاني من المأزق لا بل المآزئق المتفشية في الجسد الوطني كالسرطان، وهو غير حميد على الاطلاق.
في ذكرى إعلان الاستقلال الخامس والعشرين تملي الضرورة الوطنية، كي تتقدم عربة الاهداف والمصالح الوطنية للامام، المبادرة إلى عقد سلسلة من اللقاءات وفي مقدمتها عقد الهيئات القيادية لمنظمة التحرير المجلس المركزي والمجلس الوطني، وقبلها إجتماعات على مستوى الفصائل الوطنية وخاصة في حركة فتح، لاستنهاض الذات التنظيمية والسياسية في مكل فصيل على إنفراد، ومن ثم الاستنهاض العام من خلال إعادة الاعتبار لمؤسسات منظمة التحرير، ووأد الانقلاب الحمساوي، الي شكل، ويشكل الظاهرة الاخطر على مستقبل الشعب العربي الفلسطيني ووحدته الوطنية واهدافه الاستراتيجية والتكتيكية. وتفعيل المقاومة الشعبية في كل الميادين والقرى والمدن، وفي ذات السياق وبالتلازم مع ماذكر التصدي لانفلات الغلاء، والفسادة والفوضى، التي يعد لها اعداء الشعب والحركة الوطنية. واعادة نظر جدية في اليات التعامل مع اهل النظام العربي الرسمي من الالف للياء ودون إستثناء، ومن دون تفجير ازمات مع احد، ولكن دون الانحناء لاحد، ودون التفريط بحق من حقوق الشعب الفلسطيني لاي قائد او دولة. وتغيير اليات التعامل مع دولة الاحتلال والعدوان الاسرائيلية. وضبط إيقاع القيادات الامنية والحكومية، التي تتعامل من تحت مع المسؤولين الاسرائيليين، واعادة قراءة الاتفاقيات جيدا، والتحضير لتغيير شكل التنسيق مقرونا بخطاب سياسي وامني يحفظ الكرامة الوطنية، ويلفظ الخطاب المتراخي والمنحني دائما. وعلى الصعيد الدولي رغم اهمية الموقف الاوروبي الذي سينفذ مع مطلع العام القادم بشأن مقاطعة المستوطنات ومتتجاتها، وعلى اهمية ما اعلنه وزير خارجية اميركا عن الاستيطان ، ورئيسة مجلس الامن القومي الاميركية ، سوزان رايس حول ذات النقطة، إلآ ان الحاجة الوطنية تملي مطالبة العالم ككل وخاصة اقطاب الرباعية وبالتحديد أميركا، الارتقاء بمواقفهم من الاستيطان الاستعماري ومن تقدم او عدم تقدم خيار حل الدولتين على حدود الرابع من حزيران عام 1967، والعمل الجدي لالزام دولة التطهير العرقي الاسرائيلية باستحقاقات التسوية السياسية كاملة غير منقوصة. وان لم تفعل ذلك حتى نهاية الفترة المتبقية من المفاوضات، تضع القيادة سيناريوهاتها، التي تبدأ بالانضمام الى المنظمات الاممية كلها، ولا تنتهي عند ذلك، بل تفتح الافق على وسعه على سيناريوهات اعمق تاثيرا في محاكاة الاستقلال الوطني، الذي بات أكثر من ضرورة في المستقبل المنظور.
zaالمشهد الفلسطيني يعيش لحظة رمادية جدا، وهي أقرب للسواد منها للغيوم البيضاء، لان الحال الوطنية لا تسر صديق ولا تكيد عدو، بسبب انغلاق الافق على أكثر من مستوى وصعيد. فعلى الصعيد الوطني بعيدا عن إنقلاب حركة حماس الاسود، اي داخل صفوف فصائل منظمة التحرير، تعاني الساحة من الترهل والغثيان، وتدور القوى في حلقة مفرغة، فلا هي قادرة على الوقوف على قدميها، وبالتالي إعلان مواقفها باستقلالية كاملة دون حسابات صغيرة، ولا هي قادرة فيما بينها ومجتمعة على تشكيل رافعة للمشروع الوطني، ولا هي مؤهلة للعب دور المعارضة الحقيقية لاسناد ذاتها والقيادة الشرعية المنخرطة في المفاوضات.
وحدث ولا حرج عن واقع حركة فتح، التي تعيش صراعات عدة، وليس صراع واحدا. هذا الواقع بحاجة ماسة إلى إستنهاض حقيقي، والكف عن النوم على وسادة "انا ابن فتح ما هتفت لغيرها"، الذي بات يحمل محاذير عدة، لان هذا الاطمئنان النسبي ل"لقبيلة" الفتحاوية كما وصفها الرئيس ابو مازن في اللقاء الاخير مع لميس الحديدي أثناء زيارته للقاهرة الاسبوع الماضي، فيه مبالغة زائدة، ويحتاج إلى مراجعة موضوعية وشجاعة، ومكاشفة مع الذات ومع المستويات القيادية المختلفة: اللجنة المركزية والمجلس الثوري والمجلس الاستشاري والاقاليم. وامتداد ذلك مع المؤسسة الحكومية والامنية والسفارات والعلاقات الفتحاوية العربية والاقليمية والدولية.
كما ان الساحة الوطنية في محافظات الشمال، تشهد إتقاد النيران تحت الرماد، رغم النجاحات النسبية، التي حققتها الاجهزة الامنية في حملتي الشمال (جنين) والجنوب ( ضواحي القدس وخاصة الرام) لكنها لم تغير ملامح المشهد البائس. لان هناك اكثر من لاعب يستهدف تفجير الساحة الداخلية بدءا من الاحتلال وجماعة الانقلاب الحمساوي والمافيات، اضف إلى إنفلات الغلاء في المدن عموما وخاصة رام الله، التي تشهد غلاءا مفتعلا، وللاسف المؤسسات المعنية لم تقم بواجبها حتى الان للجم تلك العوامل السلبية. الامر الذي يتطلب وضع رؤية إستراتيجية وتكتيكية لضبط إيقاع الشارع وفق المعايير الوطنية.
كل ما تقدم على اهميته، يبقى جزءا محدودا أمام مشهد الانقلاب الحمساوي على الشرعية، الذي مضى عليه سبعة اعوام دون تغيير في حالة التمزق، مع الجماهير الفلسطينية في محافظات الجنوب – غزة- خرجت مرتين، وحاكت المشروع الوطني باهدافه البعيدة والقريبة في ال 12 من نوفمبر / تشرين ثاني 2007 بعد خمسة اشهر من الانقلاب على الشرعية، عندما خرجت جماهير الشعب في حشود هائلة قدرت آنذاك بحوالي ال 750 الف مواطن، رغم اجراءات وحواجز حركة الانقلاب الحمساوية، والثانية في الرابع من كانون الثاني / يناير 2013 في الذكرى ال 48 لانطلاقة الثورة وحركة فتح، عندما خرجت الجماهير كما لم تخرج من قبل إلى الشوارع، وقدر عددهم بالمليون ومئتي الف مواطن، واعلنت ولاءها للوطنية والشرعية، ولكن كل مستويات القيادة تفاجأت ببحر الجماهير المتلاطم الرافض للانقلاب الحمساوي، وتركت الجماهير تحاكي الاهداف الوطنية دون ان ترتقي لمحاكاتها. ومازال المشروع الوطني يعاني من المأزق لا بل المآزئق المتفشية في الجسد الوطني كالسرطان، وهو غير حميد على الاطلاق.
في ذكرى إعلان الاستقلال الخامس والعشرين تملي الضرورة الوطنية، كي تتقدم عربة الاهداف والمصالح الوطنية للامام، المبادرة إلى عقد سلسلة من اللقاءات وفي مقدمتها عقد الهيئات القيادية لمنظمة التحرير المجلس المركزي والمجلس الوطني، وقبلها إجتماعات على مستوى الفصائل الوطنية وخاصة في حركة فتح، لاستنهاض الذات التنظيمية والسياسية في مكل فصيل على إنفراد، ومن ثم الاستنهاض العام من خلال إعادة الاعتبار لمؤسسات منظمة التحرير، ووأد الانقلاب الحمساوي، الي شكل، ويشكل الظاهرة الاخطر على مستقبل الشعب العربي الفلسطيني ووحدته الوطنية واهدافه الاستراتيجية والتكتيكية. وتفعيل المقاومة الشعبية في كل الميادين والقرى والمدن، وفي ذات السياق وبالتلازم مع ماذكر التصدي لانفلات الغلاء، والفسادة والفوضى، التي يعد لها اعداء الشعب والحركة الوطنية. واعادة نظر جدية في اليات التعامل مع اهل النظام العربي الرسمي من الالف للياء ودون إستثناء، ومن دون تفجير ازمات مع احد، ولكن دون الانحناء لاحد، ودون التفريط بحق من حقوق الشعب الفلسطيني لاي قائد او دولة. وتغيير اليات التعامل مع دولة الاحتلال والعدوان الاسرائيلية. وضبط إيقاع القيادات الامنية والحكومية، التي تتعامل من تحت مع المسؤولين الاسرائيليين، واعادة قراءة الاتفاقيات جيدا، والتحضير لتغيير شكل التنسيق مقرونا بخطاب سياسي وامني يحفظ الكرامة الوطنية، ويلفظ الخطاب المتراخي والمنحني دائما. وعلى الصعيد الدولي رغم اهمية الموقف الاوروبي الذي سينفذ مع مطلع العام القادم بشأن مقاطعة المستوطنات ومتتجاتها، وعلى اهمية ما اعلنه وزير خارجية اميركا عن الاستيطان ، ورئيسة مجلس الامن القومي الاميركية ، سوزان رايس حول ذات النقطة، إلآ ان الحاجة الوطنية تملي مطالبة العالم ككل وخاصة اقطاب الرباعية وبالتحديد أميركا، الارتقاء بمواقفهم من الاستيطان الاستعماري ومن تقدم او عدم تقدم خيار حل الدولتين على حدود الرابع من حزيران عام 1967، والعمل الجدي لالزام دولة التطهير العرقي الاسرائيلية باستحقاقات التسوية السياسية كاملة غير منقوصة. وان لم تفعل ذلك حتى نهاية الفترة المتبقية من المفاوضات، تضع القيادة سيناريوهاتها، التي تبدأ بالانضمام الى المنظمات الاممية كلها، ولا تنتهي عند ذلك، بل تفتح الافق على وسعه على سيناريوهات اعمق تاثيرا في محاكاة الاستقلال الوطني، الذي بات أكثر من ضرورة في المستقبل المنظور.