استشهاد اب وأطفاله الثلاثة في قصف الاحتلال مخيم النصيرات    الاحتلال يواصل عدوانه على مدينة ومخيم طولكرم    الاحتلال يشدد من إجراءاته العسكرية شمال الضفة    50 شكوى حول العالم ضد جنود الاحتلال لارتكابهم جرائم في قطاع غزة    دائرة مناهضة الأبارتهايد تشيد بقرار محكمة برازيلية يقضي بإيقاف جندي إسرائيلي    المجلس الوطني يحذر من عواقب تنفيذ الاحتلال قراره بحظر "الأونروا"    14 شهيدا في قصف الاحتلال مناطق عدة من قطاع غزة    16 شهيدا في قصف للاحتلال على وسط قطاع غزة    نادي الأسير: المخاطر على مصير الدكتور أبو صفية تتضاعف بعد نفي الاحتلال وجود سجل يثبت اعتقاله    قرار بوقف بث وتجميد كافة أعمال فضائية الجزيرة والعاملين معها ومكتبها في فلسطين    الرئيس: الثورة الفلسطينية حررت إرادة شعبنا وآن الأوان لإنجاز هدف تجسيد الدولة الفلسطينية وإنهاء الاحتلال    في ذكرى الانطلاقة.. "فتح": الأولوية اليوم وقف حرب الإبادة في قطاع غزة وإعادة توحيدها مع الضفة وتحرير الدولة الفلسطينية من الاحتلال    في ذكرى الانطلاقة.. دبور يضع إكليلا من الزهور باسم الرئيس على النصب التذكاري لشهداء الثورة الفلسطينية    الرئاسة تثمن البيان الصادر عن شخصيات اعتبارية من قطاع غزة الذي طالب بعودة القطاع إلى مسؤولية منظمة التحرير    اللواء أكرم الرجوب: "فتح" لن تسمح لأي مشروع إقليمي بأن يستحوذ على القرار الوطني  

اللواء أكرم الرجوب: "فتح" لن تسمح لأي مشروع إقليمي بأن يستحوذ على القرار الوطني

الآن

حلم الدولة، دولة الحلم- احمد دحبور

من يصدق ان ربع قرن قد مرّ على ذلك الحدث، ربع قرن وليس ربع ساعة كما احس الآن، يوم وقفنا في قصر المؤتمرات بالجزائر، نرتعش مكهربين بهستيريا النشوة والدموع، ونحن نصغي الى ياسر عرفات يعلن قيام دولة فلسطين.. يومها كتبت ونشرت انفعالاتي تحت عنوان: حلم الدولة، دولة الحلم.. فقد بلغ العناد بشعب الجبارين اننا تنادينا من كل منفى، لنعلن اننا لا نزال على قيد الحياة، وآية ذلك اننا نعلن قيام دولة فلسطين ونحن قادمون من شتى منا في الارض، فيالحلم الدولة ويا للفلسطينيين الذين يعتصرون احلامهم للظفر بكسرة فرح، وليكن اسمها دولة فلسطين.
يومها كان ابني وامه في تونس، يراقبان كالفلسطينيين جميعا ذلك النبأ العظيم. ورأى ذلك الولد، ابن الستة عشر عاما، ذلك الحدث رأي العين، فلم يملك الا ان يقف وقفة الاستعداد، ويأمر امه ان تجاريه في ذلك، في حضرة العلم الذي كان يرفرف من على شاشة التلفزيون، وينخرط الولد في نوبة بكاء غير مفهومة. لقد كبر فجأة في دقائق، واصبح انسانا له دولة شأن بني البشر جميعا.
وكان على الحلم ان يتشبث بأصحابه حتى لا يقع ارضا فنصحو من حلم اليقظة التاريخي ذاك، وحتى نتشبث بالحلم كان علينا ان نواصل الدق على جدران الخزان، فالفلسطينيون قادمون بعد ان دفنوا احياء طيلة اربعين عاما. وكان على الفلسطينيين، حتى يقهروا الموت المملى عليهم ان يموت كثيرون منهم شهداء من اجل حلم الدولة الذي ترعرع في ساحات الحلم حتى اصبح دولة الحلم المنشود.
والآن وانا استرجع تلك اللحظة التاريخية، افكر مذهولا في حجم المظلمة العالمية التي وقعت علينا، حتى ان ابا عمار كان يخاطب نفسه فيما هو يخاطب العالم: نحن لا نطلب القمر بل ان نعيش كالبشر، وليس ذلك بغير ان يكون لنا وطن، وان هذا الوطن هو فلسطين لا سواها..
في تلك اللحظات، كنا نعيش حلما جميعا، فنبكي ونضحك لا حزنا ولا فرحا، بل غبطة باكتشاف الذات، ولهذا لم يكن احدنا محرجا من الآخر وهو يبكي امامه كالاطفال، ولم يكن احدنا ليزايد على الآخر في تفجير براكين سعادته الحبيسة عقودا من الزمن..
ولسوف تجري مياه كثيرة تحت الجسور، منذ الخامس عشر من تشرين الثاني للعام 1968، سنتفق ونختلف ثم نجمع اشتاتنا، وقد نعاني من الانشقاق القبيح، وقد نعيد انتاج التشرد الذي عاشه آباؤنا سنة 1948، فالمنشقون وداعموهم تسببوا للجسد الفلسطيني بآلام مبرحة نكاد لا نبرأ منها الى اليوم، حتى بعد ان القى شعبنا جريمة الانشقاق الى المكان اللائق به في مزبلة التاريخ، ومن مضاعفات الجراح نشزت جراح لاحقة، وسوء فهم وتفاهم لولا ان القيادة الفذة التي كان يمثلها ياسر عرفات نجحت في تحقيق معجزة البقاء على قيد الوطن، وها نحن باقون، ولا يزال الكثير من سؤال الوطن ينتظر ولسان الحال ما جاء في الامثال: كلما داويت جرحا سال جرح..
على اننا نجحنا في الامتحان، وهذه العبارة لشاعرنا الكبير المرحوم محمود درويش، فقد نجحنا في الامتحان وتجاوزنا المحنة، ولا نزال في الطريق، تغبطنا الوعود الكبيرة، ونردد ما وصفنا به انفسنا ذات يوم من اننا شعب عصي على الانقراض، او اننا - حسب العبارة المفضلة عند الاخ ابي عمار - شعب الجبارين، واننا لكذلك ومن لا يصدق فعليه ان يحصي المهالك التي عبرناها حتى حق لقائدنا التاريخي ان يفتخر بنا بوصفنا الشعب الاكبر من قيادته..
هي ذي المناسبة تتراءى كأنها بنت ربع ساعة لا ربع قرن، ولا نزال ممسكين بالجمر مؤمنين بالمقولة الذهبية الا يصح في النهاية الا الصحيح. واذ نلتفت الى الامس فإننا نشفق على اولئك الذين راهنوا على الغياب الفلسطيني، ونواصل الابحار في عمق هذا الحضور الذي جعل من اسم فلسطين احد اسماء الحرية في العالم والتاريخ..
ولاننا نعي مقولة جيمس جورست: ان الذين يكتفون بحفر نصف الطريق انما يحفرون قبورهم، فإننا نواصل الحفر ولا نكتفي حتى بطلائع الماء، لان الينبوع الفلسطيني لا يزال ينتظر، ولا نملك الا ان نستمر، وصدق الشاعر الاممي بابلونيرودا يوم قال:
ولهذا لا اتوقع من نفسي ارتدادا
 فلست ممن يعودون عن النور
 وها هو ذا نور فلسطين يلوح في صفحة الامل، وليس امامنا الا ان نصل او ان نواصل حتى نصل من حلم الدولة الى دولة الحلم..
za

إقرأ أيضاً

الأكثر زيارة

Developed by MONGID | Software House جميع الحقوق محفوظة لـمفوضية العلاقات الوطنية © 2025