الأحمد يلتقي القنصل العام البريطاني لدى فلسطين    "هيئة الأسرى": الأسير فادي أبو عطية تعرض لتعذيب وحشي أثناء اعتقاله    سلسلة غارات للاحتلال تستهدف مناطق متفرقة في لبنان    رام الله: قوى الأمن تحبط محاولة سطو مسلح على محل صرافة وتقبض على 4 متهمين    أبو الغيط: جميع الأطروحات التي تسعى للالتفاف على حل الدولتين أو ظلم الشعب الفلسطيني ستطيل أمد الصراع وتعمق الكراهية    قوات الاحتلال تغلق حاجز الكونتينر شمال شرق بيت لحم    الاحتلال يواصل عدوانه على مدينة ومخيم جنين لليوم الـ34    لليوم الـ28: الاحتلال يواصل عدوانه على مدينة طولكرم ومخيميها    الاحتلال يقتحم قباطية ويجرف شوارع ويدمر البنية التحتية    الطقس: فرصة ضعيفة لسقوط الامطار وزخات خفيفة من الثلج على المرتفعات    الاحتلال يؤجل الافراج عن الدفعة السابعة من المعتقلين ضمن اتفاق وقف إطلاق النار    شهر من العدوان الاسرائيلي على مدينة ومخيم جنين    الاحتلال يواصل عدوانه على طولكرم وسط اعتقالات وتدمير واسع للبنية التحتية    الرئيس يصدر قرارا بتعيين رائد أبو الحمص رئيسا لهيئة شؤون الاسرى والمحررين    معتقل من يعبد يدخل عامه الـ23 في سجون الاحتلال  

معتقل من يعبد يدخل عامه الـ23 في سجون الاحتلال

الآن

في موضع الحشر.. ذيول تلد ذيولاً- عدلي صادق


يعيش نحو ثمانين ألفاً، من الفلسطينيين، في مخيم عين الحلوة، الذي لا تزيد مساحته عن كيلو متر واحد مربع. والناس يتساكنون مع عدد كبير، من الأطر والكيانات الصغرى، التي تمتشق شعارات تبشر بتحرير الأندلس، فضلاً عن فلسطين. وتتفاقم حياة أهل المخيم لتصبح أشد مضاضة على النفس، من مساكنة محتل واحد غاشم!
يكاد لا يمر أسبوع، دون حادث قتل تكون له ذيول. والذيول تلد ذيولاً، فيما الرصاص يُلعلع، فيُسمع ويُروّع الأطفال ويقتل أو لا يقتل. تشقى الناس، لكي تجلب كيس إسمنت مهرّباً، الى مكان يصعب فيه الإنشاء، أو ترميم جدار صدعّته الرشقات. فـ "جند الشام" و"فتح الإسلام" و"عصبة الأنصار" و"أنصار الله" و"أنصار السُنة" ترى نفسها ذات مهام ربانية، وهي عصية على بلوغ وحدتها على أسس قرآنية. لا تتواضع لكي تبني جداراً لساكنٍ تصدع بيته، كأنما لن يشغلها شيء عن هدف تحرير فلسطين والأندلس!
في وجود "مجاهدي" الزمن الأغبر، تنقسم عائلات، وتضطر أخرى الى تشكيل أجنحة عسكرية، في ذيل حادث أردى واحداً منها. وفي حال الرعب، يتوتر المخيم حين تنفجر مفخخة في وعاء زبالة، يمر من جانبه الفتحاوي "عصام أبو الكُل" ثم تتداعى الذيول، فيُطلق الرصاص على "علي أبو الكل" من "جند الشام". فأبو الكُل يتجزأ في عين الحلوة!
في هذا السياق العبثي، وفي مكان الحشر المرير للناس في الكيلو متر الواحد المربع؛ تلمع أسماء وألقاب، فتتبدى كأنها صانعة تاريخ ومحاور أحداث عظمى، بين الشارعين الفوقاني والتحتاني!
أينما نَصَبَ هؤلاء الأصوليون خيمتهم؛ تحل المصيبة. يأتون بلحاهم وغرائزهم وتباغضهم الذاتي، لكي يؤسسوا لانقسام وتباغض موضوعييْن. وفي اختلافهم بين بعضهم، لا نسمع رأياً فقهياً، ولا نستدل على مرجعية لكي نتثقف في الدين. هم الآن، في حركة أوقاتهم، تحولوا الى أصداء لما يحدث بين "التبانة" و"جبل محسن" في طرابلس، وحيثما يتكثف التصدع في العلاقات الأهلية بين طوائف الوطن الواحد، على خلفية أحداث سوريا. يُترك المخيم على شقائه ومأساته، بسبب إرهاق الدولة، التي أعيتها وظيفتها المرورية، كنقطة تقاطع بين الطوائف، وفيما العابثون يتكاثرون. وكلما وقع القتل، ينشط المتخصصون في نزع الفتيل، على افتراض أن ما حدث كان توطئة لانفجار. والفتيل يتلو الفتيل!
أي قرف هذا الذي يملأ أوقاتنا؟! وأي مجد يسعى اليه الجامحون الأندلسيون؟ وأية أمة هذه التي يحبونها أو ينتمون اليها؟! ولماذا يُفاخر تنظيم أصولي، بأنه هو الذي أردى مقاوماً سابقاً من "حزب الله" كائناً ما كان سياقه، أو موقفه، من النزاع في سوريا؟! فالرجل أخطأه رصاص الاحتلال، وتفجيراته في مرات سابقة. ولتحقيق أية غاية، يُقتل كادر فتحاوي، كائناً ما كان رأيه أو موقفه؟!
إنها نكبة صغرى، تفرعت عن نكبة أكبر، وهي عجز الدولة عن أداء دورها. ثمة مآس اجتماعية وسياسية وثقافية مقيمة، حالت دون الوصول الى هيبة الدولة، وتأمين حياة ديموقراطية طبيعية للبنانيين. فمنذ أن استسلم الراحل فؤاد شهاب، وكف عن محاولاته تصفية الاقطاع السياسي، وشَطْب نفوذ أمراء الطوائف ولم يتمكن من كبح جماحهم؛ ظلت الدولة تترنح. كان شهاب قائداً للجيش، توافقت عليه الطبقة السياسية في أوقات الشدة أثناء أزمتي 1952 و1958 وضغطت عليه لكي يتسلم الرئاسة، فأدى مهمته لبعض الوقت، ثم خلع المرة تلو الأخرى، زاهداً في المنصب، ورفض محاولات الساسة تعديل الدستور، للسماح له بالترشح لولاية ثانية. بعده رضخ مرشحه شارل حلو لضغوط الطوائف، ثم انتعش الطائفيون بدعم نظام سوريا لسليمان فرنجية، إذ أنجحته بفارق صوت واحد عن المرشح الشهابي إلياس سركيس. وفرنجية صاحب "جمهورية زغرتا" القائمة حتي الآن ولها جيشها (المردة) في موازاة حالات مغلقة وجيوش صغرى. استند أمراء الطوائف الى أصوليات مذاهبهم، لكي تبقى البغضاء قائمة، ولكي يظل الوطن، في أحسن حالاته، مكاناً للتساكن بين المجموعات المذهبية، المغلقة كل واحدة منها، على نفسها وثقافتها ومواقفها وجيشها. ففي خاصرة وطن هذا هو حاله، تسللت الأصوليات السُنية، ونشأ الحال الذي عليه مخيم عين الحلوة، حيثما الذيول تلد ذيولاً!
adlishaban@hotmail.com

za

إقرأ أيضاً

الأكثر زيارة

Developed by MONGID | Software House جميع الحقوق محفوظة لـمفوضية العلاقات الوطنية © 2025