مانديلا في ذاكرة التاريخ - عادل عبد الرحمن
ترجل اول امس رجل من صناع التاريخ البشري، اسكنه الموت على سرير الراحة الابدية، غادر نلسون مانديلا فضاء المشهد الانساني الفاعل، ترك الميدان لاجيال جديدة من بني شعبه وشعوب الارض تواصل مشوار صناعة الحرية والعدالة الانسانية.
مانديلا الجنوب افريقي إمتشك سيف النضال منذ اربعينيات القرن الماضي مدافعا عن شعبه من القهر والاستبداد العنصري، رغم انه سليل عائلة ملكية (عائلة تيمبو"، لكنه رفض الظلم الواقع على ابناء جلدته، فانخرط في صفوف الكفاح وواجه وتحدى السلطات العنصرية بثبات من خلال المنابر والاطر الشبابية ( رابطة شبيبة المؤتمر) والسياسية الفاعلة (المؤتمر الوطني الافريقي) في بلاده. وكان محاميا رائدا في الدففاع عن حقوق شعب جنوب افريقيا واعراقه ومركباته المختلفة، لاسيما وانه درس الحقوق 1950 1954. الامر الذي أودى به الى متاهات السجن منذ العام 1961، وثم الاعتقال الاطول في حياته، وحياة البشرية، الذي إستمر (27) عاما حتى ذلك التاريخ، الذي تجاوزه اسرى الحرية الفلسطينيون في سجون الاحتلال الاسرائيلي، حيث سجلوا رقما قياسيا جديدا فاق سنوات إعتقال مانديلا، حتى وصلت الى حوالي ال (35) عاما للعديد من المناضلين.
بعدما خرج مانديلا من سجون العنصرية في بلاده، قاد المؤتمر الوطني الافريقي، ومن خلال موقعه القيادي قاد المفاوضات في العام 1990مع الحكومة العنصرية، التي نجحت في الوصول إلى وضع نهاية مشرفة للعنصرية البيضاء، وترشح للانتخابات الرئاسية في 1994، التي فاز فيها، وبقي رئيسا حتى العام 1999 لجنوب افريقيا، تولى خلالها رئاسة منظمة عدم الانحياز 19981999.
من خلال تجربته الريادية في الكفاح التحرري، مثل مانديلا رمزية عالية ليس في حدود بلادة جنوب افريقيا او حتى في حدود افريقيا، بل على صعيد العالم كله. حتى بات رمزا لكفاح شعوب الارض كلها ليس فقط في بعده السياسي، بل في ابعاد العدالة الاجتماعية والحريات.
لذا دخل نلسون مانديلا المقاتل الاممي العظيم التاريخ من اوسع ابوابه، مسجلا باحرف من ذهب صفحة ناصعة في سجل التاريخ البشري في ميدان مناهضة والانتصار على العنصرية البغيضة في بلاده ودول العالم قاطبة. وسيبقى الرئيس الجنوب افريقي رمزا ملهما لشعوب الارض في الدفاع عن حرياتها واستقلالها وتطهرها من ادران العنصرية المميتة.
بقي مانديلا نصيرا لشعوب الارض وتحررها، وكان للشعب العربي الفلسطيني نصيبا هاما من مواقفه الشجاعة، خيث اعلن بقوة وشجاعة دعمه لحقوق الشعب العربي الفلسطيني في الحرية والاستقلال واقامة دولته الوطنية المستقلة على حدود الرابع من حزيران عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، وبقي على تواصل مع القيادة الفلسطينية ممثله بالرئيس الراحل ياسر عرفات والرئيس ابو مازن. كما ناصر القضايا العربية كلها. ومازالت قيادة جنوب افريقيا حتى اليوم تواصل ذات السياسات، التي ثبتها مانديلا العظيم، وتعمل بروح تلك السياسات الاممية الشجاعة.
البشرية من اقصاها إلى اقصاها ستبقى تتذكر المثل والقيم العظيمة، التي تمثلها وكرسها الراحل الاممي الشجاع مانديلا في كفاحه، التي ستبقى احد اهم مداميك بناء البشرية العادلة الخالية من الاستعمار والتمييز العنصري والاستغلال الطبقي الفاحش وكل اشكال القهر والاضطهاد. وسيبقى اسم مانديلا وضاءا ومنيرا في فضاء البشرية على مدار التاريخ البشري في حقبه القادمة,