هل تمثل القضية الفلسطينية الأولوية في الحسابات الغربية الأمريكية - الاسير ماهر عرار سجن النقب الصحراوي
منذ نضجت على مستوى فهم الوضع الجيوسياسي والدولي الأقليمي لفلسطين وقضيتها، ويدور في ذهني الخطاب الفلسطيني قبل العربي والدولي حول أن فلسطين ركيزة استقرار المنطقة وتقع ضمن أولوية الحسابات الأمريكية والغربية وإستراتيجياتها الشرق اوسطية لما تمثل من أنعكاس على المصالح الغربية الامريكية في المنطقة، حسب ما شاع ويشاع في المجال السياسي الفلسطيني والعربي والدولي ......
الناظر لمجمل تحركات وسياسات الغرب وأمريكا حيال المنطقة منذ عقود خلت وحتى هذه الحقبة، لا يجد ما يقنع من وقائع أو معطيات من شأنها أن ترجح من قوة الخطاب القائل بأولوية فلسطين أو أعتباريتها لدى المخططين الأمريكيين، وهنا سأحيد الغربيين قليلا عن طائلة البحث في أتساقهم مع الخطاب ومدى تطابق سياساتهم حياله، ذلك نظرا لتفاوت تعاطيهم نسبيا وأن بدا طفيف في مع الشأن الفلسطيني (قانون المستوطنات المقر في تموز) الا أنه يشكل معطى فارق عن السياسات الامريكية لذات القضية أي فلسطين ....
يعد ذلك مدعاة لتقصي مدى تطابق الخطاب الأمريكي و نظرية أولوية القضية الفلسطينية ومدى أثرها على المصالح الامريكية حسب ما يتم تسويقه من قبل نخبتنا السياسية والأعلامية في قراءاتها للسياسة الامريكية الشرق اوسطية، وهي قراءات تواصل التأكيد على ذات الأستنتاجات مع غياب الأرادة والفاعلية السياسية الاستراتيجية لدى الأمريكيين في إيجاد حل وتسوية نهائية لهذه القضية طوال أحتكارها لهذا الملف ....
يضع يذلك العديد من علامات الاستفهام حول صحة وواقعية الأطروحة الفلسطينية بشأن الأولوية لقضية فلسطين لدى الأمريكان ....
تبعا لذلك تحيلني أفتتاحية مجلة فورين بولسي الأمريكية الصادرة مؤخرا والتي جاءت تحت عنوان فلسطين لم تعد في أولوية الادارة الأمريكية في الشرق الأوسط، تحيلني إلى التساؤل مجددا وتعيد إلى ذهني اطروحة شككت في واقعيتها كثيرا رغم حداثة سني في عوالم السياسة وتعقيداتها، تقول فورين بوليسي (رغم الجهد الأمريكي الكثيف الذي تقوم به ادارة أوباما في السعي للتوسط في مفاوضات السلام بين اسرائيل والفلسطينين، الا أن ذلك لا يعد مؤشرا أو مقياسا لبقاء قضية فلسطين في صدارة الأولويات الأمريكية نظرا لتفجر العديد من القضايا الساخنة التي احالت فلسطين إلى ذيل قائمة الاولويات الأمريكية، وقد بينت المجلة توافق السفيرة السابق في مصر آن باترسون مع هذه القراءة بالأضافة لعديد من الخبراء والمختصيين) ..... بعيدا عن ما تفضلت به مجلة فورين بوليسي من قراءة تتناول سياق المرحلة ولا تعطي المسألة القدر المستحق من القراءة بما يشمل تاريخ الضلوع والرعاية الامريكية لقضايا الشرق الاوسط وفي مقدمها فلسطين على الأقل منذ مطلع التسعينات ووقوع المنطقة والعالم في براثن القطب الواحد بعد انهيار معسكر الشرق ظهير العرب على الساحة الدولية لربع قرن من الزمان، بعيد عن ذلك فأن المنطق يفرض نفسه وبقوة في هذه الجزئية، اذ يكفي اخضاع مسألة أولوية فلسطين المفترضة في الحسبان الأمريكي تاريخيا، للمنطق حتى تتجلى الأستنتاجات السليمة والواقعية حول مهزلة لا ينفك الساسة عن تردادها على مسامعنا في كافة المناسبات والاهازيج، ولعل من الواقعية بمكان نقد هذه الأطروحة واخضاعها لدراسات بحثية علمية لا تغالي في تعاطيها العاطفي الأكلاسيكي الأشبه بالفلكوري ....
وهنا يفرض التسؤال نفسه وبقوة، هل تشكل فلسطين ركيزة استقرار الشرق وبالتالي ونظرا لمصالح الغرب وامريكا أولوية في حسابات الأمريكان حفظا لمصالحهم؟ لم أكن لأكون بهذا الوضوح والجزم حول عدم واقعية هذا الطرح الفلسطيني والعربي، لو لا اصرار وتمسك الولايات المتحدة في سياق استراتيجيتها حيال قضية فلسطين، بسياسة ادارة الازمة بدلا من التسوية والحل الجذري لقضية يفترض انها تمس المصالح الأمريكية! ...!
مرة أخرى يفرض المنطق ورجاحة العقل موقفه بقوة على هذه المسألة، أذ كيف لقضية صور أنها همزة استقرار الشرق الأوسط ومصالح اطرافه المتعددة، أن تبقى معلقة لأكثر من 60 عام، دون تحرك وازن أو ثقل أمريكي ودولي وغربي لأيجاد حل قطعي لها؟ على شكل الثقل المتوفر في قضية إيران وسوريا إلخ ...
علينا بادء ذي بدء، مصارح الذات، وطلاق حالة الافلاس السياسي ومرادفه من سياسية الأنتظار أقتناعا منا بأن قضيتنا أم القضايا، علينا التحرك سياسيا بهجوم السلام الفلسطيني على المسرح الدولي ومؤسساته وعدم الرهان على فرضية سقطت وتواصل السقوط مع تقادم الزمن، وهنا أذكر تعقيب لصحفي قدير في صحيفة القدس (كريم) في تعقيب له على أحدى مقالاتي، حيث قال هل أنت مقتنع أن الولايات المتحدة تريد حقا أن تفرض تسوية في مصلحة قضيتنا أو هي ترغب في الحل اساسا؟، ولعله كان محقا في تشكيكه هذا الذي لا يخفي بؤس حالنا وتردي وضعنا السياسي ، لابل يشي بكم هائل من الأحباط إزاء مجمل مشاريع السلام الزائفة فعلا وقولا والتي لم تسهم سوى في تصاعد عربدة اسرائيل وتماديها سيما فجاجة الغرب وأمريكا المتمثل بخطط أمنية وسياسية تنتقص من حقوقنا بحدها الأدنى (أفكار كيري والدولة المسخ)، الأمر الذي يقدم إسرائيل كأولوية وهمزة أستقرار في حسابات الغرب وأمريكا ومصالحها الشرق أوسطية، على نقيض فرضية أولوية فلسطين الفانتازية لدى الفلسطينين قبل غيرهم في أن فلسطين ام القضايا ...