فيديو- جـميلـــــة بصمت
القدس - رام الله - الدائرة الإعلامية
عميد شحادة
تظل جدارية 'هنا أرض كنعان' التي رسمها 'تجمع أثينا الفني' على جدار ملعب بلدية نابلس جميلة، إلى أن يبدأ منسقها وائل دويكات بشرح مغزاها: 'تحكي حقبة فلسطين من أيام الكنعانيين وصولا إلى التحرير'.
التحرير؟!
قصة فلسطين التي لا تكتب ولا ترسم ولا تغنى على إيقاع لا يلامس هزاتها الأرضية، كيف يمكن لجدار لا تلفحك أمامه نسمة ذهول باردة أن يحكي قصة مذهلة اسمها فلسطين؟
على جدار مساحته ألف متر مربع، نجح التجمع برسم شيء جميل، وعَجِزَ عن إطفاء نار المولعين بالتفاصيل، رَسَم المقاومة –مثلا- لا كيف أجهضت.
يلتفت وائل وهو أيضا فنان تشكيلي إلى الجدارية ليختار صورة يشرحها، ويقول مشيرا برأسه إلى امرأة تبذر الرصاص في الأرض: 'لا ننسى طبعا عنصر المقاومة الذي كان له دور في التحرير'.
التحرير، مرة أخرى؟!
تصعد الفنانة شروق حمدان _واحدة من خمسة عشر فنانا أساسيين في تجمع أثينا_ بواسطة سُلم خشبي إلى السقالة المنصوبة بجوار الجدار، وتمسح عين اللاجئ بفرشاتها، ثم تنزل أرضا وتبتعد لتعاين رسمتها، وفي هذه الأثناء تقترب الفنانة أريج شبيطة منسقة الجدارية التي أسست هي ودويكات التجمع المذكور لتبدي ملاحظاتها.
تقول شروق التي بدا واضحا من مجرد استخدامها للسلم أنها تتمتع برشاقة عالية في الحركة ومثلها زميلاتها: 'العودة ليست أمنية اللاجئ فحسب، نحن أيضا نتمنى لهم ذلك.. أنا أرسم رجل ينظر من حلقة مفتاحه، عينه على العودة'.
لا شك أن في ضخامة جدارية 'هنا أرض كنعان' نقطة بيضاء لحساب تجمع أثينا الفني، الذي وجد في جدار ملعب بلدية نابلس _القريب من متنزه جمال عبد الناصر_ صدرا يغري باتساعه فرشاة أي فنان جائع للرسم.
وسائل الإعلام تحدثت عن الجدارية على أنها الأكبر في الوطن العربي، غير أن المعلومة لن تكون دقيقة إلا أن يوثق ذلك في موسوعة 'جينيس' للأرقام القياسية.
'عانينا كثيرا. كان الناس يرشقون أجزاء الجدارية بالألوان بقصد التخريب. نتمنى من الكل أن يحافظ على هكذا أعمال'، قال وائل.
تتنقل الفنانة اريج شبيطة بين أعضاء تجمعها المنغمسين في الرسم، وتبدي ملاحظاتها لبعضهم، وتُعدل بفرشاتها بعض الأمور. وأبعد مسافة بينها وبين أعلى فنان فوق السقالة عشرة أمتار تقريبا هي ارتفاع الجدار.
تقول شبيطة 'لم نضع اللمسات الأخيرة على مشهد نهاية الجدارية، لكننا نريده أملا في الحرية. البداية ثابتة كنعانيون، والنهاية مفتوحة تخاطب فكر المتلقي فيما يعني الأمل في التحرير'.
إذا، عندما قال وائل إن الجدارية تحكي قصة فلسطين من الكنعانيين وصولا إلى التحرير، كان يقصد ربما الأمل في التحرير كما أوردت شبيطة.
كانت للفلسطينيين منذ زمن بعيد علاقات طيبة مع الجدران، يحتمون بها من رصاص العدو، وصارت في الانتفاضة الأولى عام 1987 وسيلة إعلام للمقاومين، يخطون عليها بياناتهم المقتضبة، ولم يخل آنذاك جدارٌ من العبارة الشهيرة 'لكل بيت باب ولكل عميل حساب'، حتى جاء الجدار اللئيم عام 2002 مسقطا بخطره المثل السائد فلسطينيا 'امشي الحيط الحيط وقل يا رب الستر'، فبعده صار الاختباء بالجدران فضيحة.