فتح ضرورة وطنية- يحيى رباح
من قرار الثورة, الى قرار الدولة فاننا نتأكد يوميا ان فتح ما زالت ضرورة وطنية، وهذه الحقيقة من المهم جدا التأكيد عليها والوعي العميق بها, والتصرف بموجبها، لان هناك سؤالا كبيرا يدور في كل العقول حول جدوى استمرار التركيبة الفلسطينية على حالها, خاصة وان هذه التركيبة قد نشأت في ستينيات القرن الماضي, في ظل النظام الدولي السابق, في ظل الحرب الباردة واحتدام الصراع بين القطبين, وحين انهار ذلك النظام انهارت معه امبراطوريات خارقة, الامبرطورية السوفييتية، والامبرطورية اليوغسلافية, وسقط نظام عدم الانحياز, وتحولت مجموعات سياسية اقليمية مثل النظام الاقليمي العربي الى الهوامش الجانبية حيث لا يعرف سوى الله وحده مصيرها في ظل الفوران المستمر منذ ثلاث سنوات, كما تحولت قضايا كبرى الى مالا تذكره الذاكرة الآن، وتتهاوى امام اعيننا جماعة الاخوان المسلمين الدولية التي استخدمت في ادوار مذهلة, وها نحن نراها عاجزة, فاشلة, مفضوحة لا تجد ما تفعله سوى المزيد من العداوة والتفسخ الذي يثبت انها لم تعد تنتمي الى عصرنا فدخلت في طور التآكل الذي لا يبقى منه سوى ذاكرة سلبية جدا .
وهنا ينشأ السؤال:
هل الفصائل الفلسطينية استثناء من ذلك كله؟؟ والجواب بكل تأكيد هو لا, فالتاريخ له قواعده الحاكمة والحاسمة على الجميع.
ولكن فتح تملك هذه الفضيلة الكبرى بأنها لم تبتعد اصلا عن جوهر فكرتها الاولى, بغض النظر عما اذا كان النشاط الذي يخدم هذا الجوهر كبيرا ومبدعا ومؤثرا ام صغيرا ومكررا ومحدودا !
فالفكرة الاولى, الفكرة الاصلية التي حملتها فتح ان الشعب الفلسطيني ليس زائدا عن الحاجة, وانه غير قابل للذوبان والتلاشي وفقدان ملامحه الوطنية, وان هناك درجة عالية من الخطورة في انتشاره او انفجاره, وانه يستحق ان يكون له وطن وكيان وعنوان, وان نقيضه وهو المشروع الصهيوني الذي نشأ في زمن الاستعمار المباشر ممثلا باسرائيل, هو نموذج فاشل وينحدر شيئا فشيئا ،وانه مصدر للقلق الحضاري, غير مقنع وغير مبرر من خلال افعاله المتراكمة .
حركة فتح لم تصب بلوثة المشاريع الغامضة, لا مشروع الخلافة الاسلامية, ولا مشروع التناقضات القومية, بل ظل مشروعها ممكنا, دولة للشعب الفلسطيني في ارضه قبل العالم كله بها, وانحازت قرارات الشرعية الدولية لصالحها, ورغم حجم النفاق الدولي فان هذه الدولة الفلسطينية هي محور الحديث الآن وبغض النظر عن الاهتراء الذي تصاب به بعض الهياكل السياسية والتنظيمية والادارية بين وقت واخر, وخاصة عدم حيوية التنظيم, فإن فتح تتغذى وتستمر من ضرورات النبع الاول وهو الوطنية الفلسطينية وان مشروعها لا يوجد فكرة افضل منه ولا يوجد له بديل .
في الثبات على الفكرة, وفي مجال الحفاظ على المشروع الذي لا بديل له موضوعيا, وفي ظل تكشف وتفسخ المشروع الصهيوني وفي سياق عدم ابتعاد فتح عن فكرتها الاولى رغم كثرة المناورات التي تلجأ اليها راضية او مضطرة فان فتح تستحق التحية, وتستحق الانتباه الايجابي بصفتها ضرورة وطنية للشعب الفلسطيني, للمنتمين اليها وغير المنتمين على حد سواء, فليبارك الله حركة فتح, وندعو لها بالتجدد وازالة حالة التكلس والخروج من الاختناقات التنظيمية, ورفض نماذج الفشل, ذلك ان فتح ليست وعدا وطنيا فقط بل هي ديناميكية فلسطينية خلاقة وصبورة وايجابية لتحقيق هذا الهدف.
YYA_RABAHPRESS@YAHOO.COM