اطلبوا المصالحة ولو في المهجر!- د.صبري صيدم
تسببت سنوات الانقسام الفلسطيني الماضية في ولادة حالة من الشرخ العمودي في نسيج المجتمع الفلسطيني تجذرت مع مرور الزمن واحتدام السجالات وصراع المواقف وانحسار المبادرات وتقهقر محطات التفاؤل على اختلافها.
ولم يقتصر الشرخ على مساحة الوطن وإنما وصل إلى جالياتنا في المهجر ما أدى إلى توسيع دوائر اختلافها وتقوقعها في مساحاتها الفكرية والاجتماعية والثقافية وحتى الخدمية. ودبت الخلافات فيما بين البعض منها وصل إلى حدود الاستجارة بالدول المضيفة بصورة زادت من واقع التشرّخ والتمزيق.
أما التحالفات فقد باتت أكثر التصاقاً بالقواعد الشعبية ذات الأفكار العقائدية المشتركة ما زاد في حجم التباعد بين أبناء الشعب الواحد وتمترسهم خلف مواقفهم في معركة تسجيل النقاط.
وبين هذا وذاك فقد وقع الجهد المشترك والعمل الجماعي المتكامل ضحية هذا الحال المرير بصورة أنهكت القدرة على توحيد الجهود وتكثيفها خاصة في ظل نكبات الفلسطينيين المتكررة وحرب الاحتلال عليهم.
ضاع الجهد وضاعت معه القدرة على أن تصبح جالياتنا منصات لرأب الصدع أو حتى أخذ المبادرة لجمع الإخوة الفرقاء ولملمة الجراح وجسر الهوة ولم الشمل.
لكن أن تأتي متأخراً خير من أن لا تأتي أبداً لذلك ربما يكون الوقت مناسباً ليأخذ المهجر الفلسطيني دوره في المبادرة لجمع الشمل الفلسطيني ضمن حدود ساحاته المتعددة فيضرب نموذجا واضحاً في التآخي والقدرة أو تجاوز عثرات الزمن.
لقد عرّت تجاربنا الأخيرة حدود قدراتنا وحجم وهننا وتمزق حالنا بصورة لم نستطع أن نقف لمؤازرة إخوتنا في ساحات الخريف العربي الملتهبة بالصورة المطلوبة. وشهدت جالياتنا حالاً مماثلاً.
لذا وأمام تأخر المصالحة وتعطلها في كل مرة قاربت على التحقق والإنجاز فإن إتاحة الفرصة لتمكين جالياتنا من أن تحقق تصالحاً داخلياً فيما بينها يقود نحو العمل المشترك والجهد المتكامل سيكون أمراً طيباً لا يعفي طبعاً السياسيين من مسؤولياتهم وإخفاقاتهم وإنما ولربما يستفزهم نحو تحقيق ما يصبو إليه الناس من توحد والتحام بعد سنوات أليمة من قهر الفرقة والاختلاف.
فهل سنرى قصة نجاحٍ "مهجرية" قريبة أم يستمر مركبنا في الغرق؟
s.saidam@gmail.com