الاستفتاء نقطة تحول نوعية - عادل عبد الرحمن
"ذاب الثلج وبان المرج " واعلن رئيس اللجنة العليا للانتخابات في جمهورية مصر مساء أمس النتائج النهائية للاستفتاء على الدستور الجديد، الذي أقرته لجنة الخمسين مطلع ديسمبر/ كانون اول 2013، وكانت النتيجة 98,1% قالت نعم للدستور، و1,9% قالت لا، وهي من اعلى نسب التصويت منذ التصويت على الاستفتاء الذي جرى عام 1954 لانتخاب الرئيس الخالد جمال عبد الناصر، رئيسا لمصر آنذاك. وهذه النسبة ليست كما النسب، التي كانت الانظمة الفاسدة تزورها، وتكون دائما 99%، بل هي نسبة حقيقية، لان الشعب العربي المصري مع الدستور ومع روح الثورتين 25 يناير 2011 و30 ينونيو 2013، وللخروج من اللحظة السوداء، التي علقت بالثورتين أثناء حكم الاخوان 30 يونيو 2012 حتى 30 يونيو 2013.
شارك في الانتخابات 38,6% من مجموع اصحاب الحق في التصويت، بعدد وصل إلى 20,613,677 من اصل 53,423,485 ناخب، متجاوزة بذلك نسبة التصويت على دستور مرسي الاخواني عام 2012، حيث بلغت النسبة آنذاك 32,7% وبعدد وصل إلى 17 مليون ناخب، كان 40% منهم ضد الدستور حسب النتائج المعلنة من قبل لجنة الانتخابات آنذاك. مع ان الحقيقة وفق مصادر عليمة، ان نسبة الرافضين لذلك الدستور الاخواني اعلى مما اعلنته لجنة الانتخابات عام 2012.
بغض النظر عن التفصيلية السابقة، على اهميتها، فإن الشعب المصري، خرج في هذه اللحظة السياسية الهامة من تاريخ مصر، وأعلن من خلال صناديق الاقتراع وعبر إنتخابات نزيهة وشفافة، بانه يقف إلى جانب القيادة السياسية والعسكرية الجديدة، وليؤكد انه مع اهداف الثورتين العظيمتين، وهو تصويت ايضا لصالح ترشيح الفريق اول عبد الفتاح السيسي لرئاسة مصر. وايضا ليقطع الشك باليقين، ان مرحلة حكم الاخوان باتت من الماضي، رغم اعمال الارهاب، التي تنفذها الجماعة ضد ابناء الشعب المصري ومصالحه العليا وضد قواته المسلحة واجهزته الامنية والشرطة، التي كشف ضعف ووهن الجماعة والتنظيم الدولي على حد سواء.
الانتخابات، التي جرت في 14 و15 يناير الحالي تعتبر نقطة تحول نوعية في مسيرة التحولات الثورية والديمقراطية لجماهير مصر العظيمة، وهي محطة اساسية في إندفاع قطار خطة خارطة طريق المستقبل للامام، وفاتحة الابواب واسعا اما الانتخابات الرئاسية والبرلمانية خلال الشهور القليلة القادمة، وتؤصل للنهوض بمكانة مصر العربية والاقليمية والدولية، وتعيد الاعتبار لمكانتها المركزية في الاقليم. وايضا لتشير بشكل قاطع فشل محاولات القوى الاقليمية والدولية ، التي شاءت ان تعطيل مسيرة التحولات الديمقراطية للثورة الثانية 30 يونيو 2013.
مما لاشك فيه، كان الرهان ان تكون نسبة المشاركة في الانتخابات أعلى مما هي عليه، لاسيما وان الجماهير ، التي خرجت لاسقاط الدكتور محمد مرسي، بلغ عددها الى حوال 33 مليون مواطن مصري. ولكن جملة من العوامل أثرت على النسبة، منها : اولا امتحانات الجامعات؛ ثانيا الاخطاء ، التي لازمت سياسات الحكومة؛ ثالثا شعور بعض القطاعات ان التحولات الجديدة تستهدف "إعادة رموز نظام مبارك"؛ رابعا الخشية من ارهاب الاخوان المسلمين والجماعات التكفيرية؛ خامسا تضليل الاخوان لقطاعات من الشعب عبر بث الاكاذيب ضد القيادة الجديدة؛ سادسا الخلل الفني في انتخابات الوافدين، الذين شابت أمكن انتخابهم الارباك، فضلا عن محاولة جماعة الاخوان العبث بقوائم الناخبين كما حصل مع حمدين صباحي وغيره.
غير ان تلك الملاحظات، التي تفرض على صانع القرار المصري أخذها بعين الاعتبار لاستخلاص العبر والدروس في الانتخابات القادمة، بهدف تجاوزها، لم تؤثر عمليا وفعليا على الانتخابات ودلالاتها الهامة والاستراتيجية في مسيرة التحولات الديمقراطية المصرية، وكانت بمثابة أعراس للديمقراطية المصرية، وحاملة لاحلام وآمال الشعب المصري وشعوب الامة العربية، لان ما جرى في مصر له عميق العلاقة بكل عربي من المحيط الى الخليج ..
مبروك لمصر وشعبها وجيشها وشرطتها واجهزتها الامنية. ومبروك للعرب إنتصار مصر في الانتخابات، واللعنة على جماعة الاخوان المسلمين وتنظيمها الدولي وكل من دافع او يدافع عنهم.