جورج حبش .. وفاءا لذكراه - عادل عبد الرحمن
تمر الذكرى السادسة لرحيل الدكتور حورج حبش، الامين العام الاسبق للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين في ال26 من يناير الحالي، وهي مناسبة لاحياء ذكرى الرجل، صاحب القامة الرمزية الهامة في الساحتين الوطنية والقومية؛ وكون ذكرى رحيله تحل مع إنتهاء اعمال المؤتمر السابع للجبهة الشعبية، ولتسليط الضوء على بعض خصال الحكيم.
مؤسس حركة القوميين العرب إحتل موقعا قياديا رئيسيا في الساحات العربية؛ ولعب دورا مركزيا في النضال القومي والوطني. وتميز جورج حبش بالممواقف ذات الطابع الاستراتيجي، بقي أمينا لقناعاته الفكرية الاولى، وواصل العمل على هديها، رغم انها أثقلت تجربته الكفاحية بالصعود والهبوط في المنعطفات الفكرية والسياسية والتنظيمية، التي مرت بها الحركة والجبهة الشعبية.
واتسمت شخصية حبش بالصلابة والشجاعة والمصداقية العالية، مما اسبغ عليه صفة حكيم الثورة، التي لم يحصل عليها لكونه طبيبا، وانما نتاج قناعة قطاع واسع من ابناء الثورة الفلسطينية المعاصرة والمراقبين السياسيين لاهمية دور وسياسات الرجل في العملية الكفاحية.
واستطاع امين عام الشعبية، ان يسجل لشخصه السبق في التنحي عن موقعه الاول في قيادة الجبهة لمنح الجيل الجديد الفرصة في تولي مهام القيادة وخاصة موقع الامين العام. وهو ما لم يتحلى به اي امين عام في الساحة الفلسطينية. ولم يتنحى حبش عن موقع الامين العام بسبب المرض، ولا بسبب عدم قدرته على القيادة، وانما نتاج قناعة بضرورة خلق الفرص امام الدم الجديد من القيادات، وهو ما لم يتمز به حتى من خلفه في موقع الامانة العامة، واقصد المناضل الاسير احمد سعدات، الذي اعيد انتخابه بالاجماع في المؤتمر السابع وفاءا لتجربته الريادية في الكفاح ، وكونه يقبع منذ احد عشر عاما في زنازين الاحتلال والاسرائيلي. إعادة انتخاب سعدات من قبل اعضاء المؤتمر، أمر طبيعي ومشروع، ولم يكن من الممكن لرفاقه أن يتخذوا موقفا مغايرا للنتيجة آنفة الذكر. ولكن كما ذكرت في زاوية سابقة، كان الاجدر بابي غسان ان يبادر هو من موقعه وبشجاعته المعهودة بالطلب من رفاقه إعفائه من مهام منصبه، لاعطاء الفرصة لادارة العملية القيادية باريحية نسبية. لكن يبدو ان مستوى النضج الفكري والسياسي والشخصي تختلف من مناضل لآخر.
كثيرة خصال جورج حبش، رغم ما نعته العديد من رفاقه القدامى، الذين إنشقوا عنه او تركوا الحركة والجبهة على حد سواء. ولكل شخص عاييش الرجل الحق في وضع التقييم ، الذي يراه من وجهة نظره. غير ان الجميع تجمع على ان جورج حبش كان رمزا وطنيا وقوميا ملهما لقطاعات واسعة من الجماهير الفلسطينية والعربية.
مع ذلك وبشكل موضوعي ومسؤول، فإن الحكيم وقع في اخطاء إستراتيجية في مسيرة الحركة والجبهة على حد سواء، ليس هنا المجال لذكرها كلها، لكن يمكن ايراد بعضها باختصار شديد: اولا غياب الرؤية العقلانية بين المسألتين الوطنية والقومية؛ ثانيا الارتباك والتعثر في العلاقة مع اهل النظام العربي الرسمي وخاصة نظام عبد الناصر؛ ثالثا القراءة الخاطئة للعلاقة بين التحرير والوحدة العربية، وبين القرار الوطني المستقل والبعد القومي؛ رابعا التلكؤ في إعلان الانطلاقة للثورة الفلسطينية المعاصرة، مع ان الحركة قامت باول عملية في العام 1964، وقدمت شهيدا آنذاك، لكن شعارها الساذج والمتخلف القائل " فوق الصفر وتحت التوريط!"، أدى الى ترك الساحة مفتوحة امام مبادرة حركة فتح لتكون صاحبة الريادة في اعلان الانطلاقة؛ خامسا عدم مشاركة الجبهة الشعبية في معركة الكرامة ، والنأي بالنفس نتيجة الفهم الخاطىء لمفهوم حرب التحرير الشعبية، والقراءة السطحية للمبادىء الناظمة للعملية الكفاحية؛ سادسا التخندق في مربع السياسة الانتظارية، التي شكلت عبئا ثقيلا على مكانة الشعبية في الساحة الوطنية؛ سابعا عدم إدراك اهمية منظمة التحرير الفلسطينية كممثل شرعي ووحيد للشعب الفلسطيني، مما جعل الشعبية تتعامل معها بخفة، وتركتها ساحة مفتوحة لقيادة فتح لتشكلها وفق مشيئتها ورؤيتها؛ ثامنا مع ان الحكيم كان ، هو، من صاغ برنامج النقاط العشر بخط يده، إلآ ان الشعبية قاطعت ذهاب الرئيس عرفات للامم المتحدة، ومن ثم قامت بشق الساحة الوطنية بتشكيلها جبهة الرفض. تاسعا الرهان على فصائل الجملة الثورية الديماغوجية في الساحات العربية، وإدارة الظهر للقوى الوطنية والقومية باتجهاتها المختلفة؛ عاشرا عدم الربط العملي والمسؤول بين الشعار الاستراتيجي والممارسة التكتيكية في المنعطافات السياسيية الهامة في مسيرة الثورة ..... إلخ
مع ذلك كان الحكيم منارة قومية ووطنية ، وسيبقى رمزا من رموز الكفاح الشجاعة في الميادين المختلفة، ولن ينسى الشعب العربي الفلسطيني ولا قياداته وفصائله المكانة المميزة للرجل، وليس فقط رفاقه في الشعبية. رحم الله جورج حبش.
haمؤسس حركة القوميين العرب إحتل موقعا قياديا رئيسيا في الساحات العربية؛ ولعب دورا مركزيا في النضال القومي والوطني. وتميز جورج حبش بالممواقف ذات الطابع الاستراتيجي، بقي أمينا لقناعاته الفكرية الاولى، وواصل العمل على هديها، رغم انها أثقلت تجربته الكفاحية بالصعود والهبوط في المنعطفات الفكرية والسياسية والتنظيمية، التي مرت بها الحركة والجبهة الشعبية.
واتسمت شخصية حبش بالصلابة والشجاعة والمصداقية العالية، مما اسبغ عليه صفة حكيم الثورة، التي لم يحصل عليها لكونه طبيبا، وانما نتاج قناعة قطاع واسع من ابناء الثورة الفلسطينية المعاصرة والمراقبين السياسيين لاهمية دور وسياسات الرجل في العملية الكفاحية.
واستطاع امين عام الشعبية، ان يسجل لشخصه السبق في التنحي عن موقعه الاول في قيادة الجبهة لمنح الجيل الجديد الفرصة في تولي مهام القيادة وخاصة موقع الامين العام. وهو ما لم يتحلى به اي امين عام في الساحة الفلسطينية. ولم يتنحى حبش عن موقع الامين العام بسبب المرض، ولا بسبب عدم قدرته على القيادة، وانما نتاج قناعة بضرورة خلق الفرص امام الدم الجديد من القيادات، وهو ما لم يتمز به حتى من خلفه في موقع الامانة العامة، واقصد المناضل الاسير احمد سعدات، الذي اعيد انتخابه بالاجماع في المؤتمر السابع وفاءا لتجربته الريادية في الكفاح ، وكونه يقبع منذ احد عشر عاما في زنازين الاحتلال والاسرائيلي. إعادة انتخاب سعدات من قبل اعضاء المؤتمر، أمر طبيعي ومشروع، ولم يكن من الممكن لرفاقه أن يتخذوا موقفا مغايرا للنتيجة آنفة الذكر. ولكن كما ذكرت في زاوية سابقة، كان الاجدر بابي غسان ان يبادر هو من موقعه وبشجاعته المعهودة بالطلب من رفاقه إعفائه من مهام منصبه، لاعطاء الفرصة لادارة العملية القيادية باريحية نسبية. لكن يبدو ان مستوى النضج الفكري والسياسي والشخصي تختلف من مناضل لآخر.
كثيرة خصال جورج حبش، رغم ما نعته العديد من رفاقه القدامى، الذين إنشقوا عنه او تركوا الحركة والجبهة على حد سواء. ولكل شخص عاييش الرجل الحق في وضع التقييم ، الذي يراه من وجهة نظره. غير ان الجميع تجمع على ان جورج حبش كان رمزا وطنيا وقوميا ملهما لقطاعات واسعة من الجماهير الفلسطينية والعربية.
مع ذلك وبشكل موضوعي ومسؤول، فإن الحكيم وقع في اخطاء إستراتيجية في مسيرة الحركة والجبهة على حد سواء، ليس هنا المجال لذكرها كلها، لكن يمكن ايراد بعضها باختصار شديد: اولا غياب الرؤية العقلانية بين المسألتين الوطنية والقومية؛ ثانيا الارتباك والتعثر في العلاقة مع اهل النظام العربي الرسمي وخاصة نظام عبد الناصر؛ ثالثا القراءة الخاطئة للعلاقة بين التحرير والوحدة العربية، وبين القرار الوطني المستقل والبعد القومي؛ رابعا التلكؤ في إعلان الانطلاقة للثورة الفلسطينية المعاصرة، مع ان الحركة قامت باول عملية في العام 1964، وقدمت شهيدا آنذاك، لكن شعارها الساذج والمتخلف القائل " فوق الصفر وتحت التوريط!"، أدى الى ترك الساحة مفتوحة امام مبادرة حركة فتح لتكون صاحبة الريادة في اعلان الانطلاقة؛ خامسا عدم مشاركة الجبهة الشعبية في معركة الكرامة ، والنأي بالنفس نتيجة الفهم الخاطىء لمفهوم حرب التحرير الشعبية، والقراءة السطحية للمبادىء الناظمة للعملية الكفاحية؛ سادسا التخندق في مربع السياسة الانتظارية، التي شكلت عبئا ثقيلا على مكانة الشعبية في الساحة الوطنية؛ سابعا عدم إدراك اهمية منظمة التحرير الفلسطينية كممثل شرعي ووحيد للشعب الفلسطيني، مما جعل الشعبية تتعامل معها بخفة، وتركتها ساحة مفتوحة لقيادة فتح لتشكلها وفق مشيئتها ورؤيتها؛ ثامنا مع ان الحكيم كان ، هو، من صاغ برنامج النقاط العشر بخط يده، إلآ ان الشعبية قاطعت ذهاب الرئيس عرفات للامم المتحدة، ومن ثم قامت بشق الساحة الوطنية بتشكيلها جبهة الرفض. تاسعا الرهان على فصائل الجملة الثورية الديماغوجية في الساحات العربية، وإدارة الظهر للقوى الوطنية والقومية باتجهاتها المختلفة؛ عاشرا عدم الربط العملي والمسؤول بين الشعار الاستراتيجي والممارسة التكتيكية في المنعطافات السياسيية الهامة في مسيرة الثورة ..... إلخ
مع ذلك كان الحكيم منارة قومية ووطنية ، وسيبقى رمزا من رموز الكفاح الشجاعة في الميادين المختلفة، ولن ينسى الشعب العربي الفلسطيني ولا قياداته وفصائله المكانة المميزة للرجل، وليس فقط رفاقه في الشعبية. رحم الله جورج حبش.