أبو مازن بميدان معركة العقل - موفق مطر
لا نحتاج الى أدلة لاثبات جدية التهديدات
الاسرائيلية لحياة الرئيس ابو مازن, فنظرة الى ضريح الزعيم الشهيد ياسر
عرفات, ستجعل أي متردد مقتنعا أنهم لا يستهدفون حياة الرئيس ابو مازن
الشخصية وحسب, بل روح ابو مازن الوطنية ومنهجه وانجازاته كقائد لحركة
التحرر الوطنية الفلسطينية ورئيس الشعب الفلسطيني المنتخب, اذ ليس عبثا جهر
قادة المشروع الصهيوني الاحتلالي الاستيطاني بتقديراتهم وأحكامهم حول
خطورة الفلسطيني محمود عباس على مشروع اسرائيل المدفوع بقوة شرعنة الاحتلال
والاستيطان, وتحويل الدين أو الطائفة الى قومية ودولة.
haيدرك
قادة دولة الاحتلال أن اعتراف حوالي 140 دولة بفلسطين كدولة, وبحق شعب
فلسطين بهذا الجزء من أرضه التاريخية لتقوم دولته عليها, هي بداية انكفاء
المشروع الاحتلالي الاستيطاني الصهيوني, أو على الأقل وقوفه عند شارات
الحدود الجغرافية التي كانت قائمة حتى الرابع من حزيران من العام 1967،
فالأرض بالنسبة للمشروع الصهيوني ركيزة لتبرير الرواية النظرية, ولتثبيت
دعائم «الدولة اليهودية», او «دولة اليهود» ولتوفير مقومات الحياة لتمدد
حدود الدولة, فالأرض ليست لتأمين الموارد, وضمان الأمن وحسب, بل لبث الحياة
بالمشروع الصهيوني من حيث السعة والنوع, وعلاقتها بالثقافة والمعتقدات
الدينية السائدة لدى شعوب المنطقة, فالاستيطان عماد « الدولة اليهودية «
والمستوطنون يحتاجون لأراض ذات موارد لاستيعابهم تمهيدا لتهويدها ثقافيا
وسياسيا, وضمها قانونيا ونيل اعتراف العالم بها – ان استطاعوا - ضمن حدود
دولة اسرائيل الهلامية حتى الآن !!.
استخلص
قادة الاحتلال أن منهج ابو مازن السياسي يقوم على استراتيجية الحفاظ على
عناصر الهوية الوطنية الفلسطينية, وتعزيز مقومات ديمومتها, بأشكال حضارية
سلمية لعنفية, تلقى قبولا وحضورا لدى شعوب الدول والحكومات التي لطالما
اعتمدت اسرائيل على تأييدها ودعمها, فأبو مازن يهتم بحياة الانسان
الفلسطيني, وليس معنيا بالخطاب الانفعالي المفتوح الى ساحات الموت العبثي,
فحكومة اسرائيل ضمنت الغلبة والتفوق بالخبرة والتجارب العملية – بالحروب
والعمليات النوعية - لسلاح جيشها المتطور على كل من يفكر بمحاربتها
بالسلاح, لكنهم من الصعب التفوق على عقل وطني فلسطيني, معزز بثقافة الحياة
والأمل بالمستقبل, وارادة المؤمن بحقوقه, ومبدع لأساليب انسانية عصرية
لمخاطبة العالم, فالانتصار للحق بالعقل امضى واقوى وأقوم من السلاح – فكل
اسلحة العالم لن تضمن لاسرائيل حقا تغتصبه من ارض دولة فلسطين بعد اعتراف
العالم ذاته بحدود هذه الدولة, ولا تكفل لها شرعنة اجراء عنصري ضد
المواطنين الفلسطينيين, او تعفيها من جريمة حرب او ضد الانسانية فالأسلحة
تخط كتبها نيرانا ودمارا ودخانا وغبارا في ميادين المعارك والحروب, لكنها
لا تخط في الذاكرة الانسانية حقوقا تاريخية وثقافة السلام.
لا
تحتمل الحالة الفلسطينية قراءة انفعالية, شخصانية, فئوية, عصبوية, حزبية,
وفصائلية ضيقة لسياسة الرئيس ومنهجه, لكنها تحتمل اكثر مما نتصور حوارا
وطنيا صادقا معمقا, لتطوير ودعم تمسك الرئيس بثوابت الشعب الفلسطيني
وحقوقه, فالقائد التاريخي هو من يقتله خصومه بالسلاح لخسرانهم معركة العقل
ضده !.