الإعلان عن مراسم وداع وتشييع القائد الوطني المناضل الكبير اللواء فؤاد الشوبكي    "مركزية فتح": نجدد ثقتنا بالأجهزة الأمنية الفلسطينية ونقف معها في المهمات الوطنية التي تقوم بها    17 شهيدا في قصف الاحتلال مركزي إيواء ومجموعة مواطنين في غزة    الرئيس ينعى المناضل الوطني الكبير اللواء فؤاد الشوبكي    سلطة النقد: جهة مشبوهة تنفذ سطوا على أحد فروع البنوك في قطاع غزة    و3 إصابات بجروح خطيرة في قصف الاحتلال مركبة بمخيم طولكرم    الرئيس: حصول فلسطين على العضوية الكاملة في الأمم المتحدة سيسهم في بقاء الأمل بمستقبل أفضل لشعبنا والمنطقة    "استغلال الأطفال"... ظاهرة دخيلة على القيم الوطنية وجريمة يحاسب عليها القانون    "التربية": 12.799 طالبا استُشهدوا و490 مدرسة وجامعة تعرضت للقصف والتخريب منذ بداية العدوان    الاحتلال يشرع بهدم بركسات ومنشآت غرب سلفيت    الاحتلال يعتقل شابا ويحتجز ويحقق مع عشرات آخرين في بيت لحم    10 شهداء في استهداف شقة سكنية وسط غزة والاحتلال يواصل تصعيده على المستشفيات    استشهاد مواطن وإصابة ثلاثة آخرين خلال اقتحام الاحتلال مخيم بلاطة    الجمعية العامة للأمم المتحدة تعتمد بالأغلبية قرارين لدعم "الأونروا" ووقف إطلاق النار في غزة    الاحتلال يعتقل 10 مواطنين من الضفة بينهم مصاب  

الاحتلال يعتقل 10 مواطنين من الضفة بينهم مصاب

الآن

"جامعة الحجر الأحمر"- د.أحمد جميل عزم


في أروقة الكونغرس الأميركي حاليا، مشروع قانون يمنع تقديم دعم حكومي لأي مؤسسة أكاديمية أميركية تقرر مقاطعة جامعات أو جامعيين إسرائيليين. ومن مسوّغات المشروع أنّ هذه مقاطعة عنصرية، تستهدف اليهود جميعا.
لو أردت الحديث للأميركيين، لبدأت بالقول: نُصب في العام 1918 ثلاثة عشر حجر أساس

في أروقة الكونغرس الأميركي حاليا، مشروع قانون يمنع تقديم دعم حكومي لأي مؤسسة أكاديمية أميركية تقرر مقاطعة جامعات أو جامعيين إسرائيليين. ومن مسوّغات المشروع أنّ هذه مقاطعة عنصرية، تستهدف اليهود جميعا.
لو أردت الحديث للأميركيين، لبدأت بالقول: نُصب في العام 1918 ثلاثة عشر حجر أساس لبناء الجامعة العبرية، فوق إحدى تلال القدس. اثنا عشر حجرا ترمز لقبائل بني إسرائيل التي يؤمن اليهود بتحدّرهم منها، وحجر آخر يرمز للحركة الصهيونية. وممن ساهم في وضع الحجارة، شخصيات عربية، منهم مفتي القدس حينها، ورهبان الكنائس العربية في المدينة، وممثلون جاؤوا من دول عربية أخرى يحتفلون بالمناسبة؛ ذلك أنّهم كانوا يأملون بتراجع الصهاينة عن مشروع الاستعمار، وأن يقبلوا أن يكونوا جزءاً من فلسطين. ولأخبرت الأميركيين أيضا أن: في القدس الآن نحو ستة آلاف طفل عربي من دون مدارس، لعدم وجود غرف صفيّة لهم بسبب عدم توفير حكومة الاحتلال لها، ولمنعها العرب من البناء.
أما لو أردت مخاطبة نفسي، وعربا آخرين، لقدّمت حلماً له أساسه: أن القدس عاصمة للثقافة العالمية.
عاد توفيق كنعان من دراسة الطب في بيروت العام 1905. وبعد خمس سنوات، حان وقت زواجه، فرشّح له الأصدقاء أربع فتيات، اختار منهن فتاة ألمانية تربت وعاشت في الشرق الأوسط، تسمى مارغوت إيلندر. وللتعرف عليها، ذهب وحضر صفوف تعليم "الاسبرانتو"، في مدرسة في القدس، حيث كانت تَدرُس. وهذه اللغة فكرة لتوفير لغة عالمية جديدة، يتحدث بها كل العالم. وتمت الخطبة في العام 1911.
قبل ذلك، في العام 1900، وبناءً على وصيّة خديجة الخالدي، افتتحت المكتبة الخالدية العامة، في مبنى تمتلكه، يعود للعصر المملوكي، داخل أسوار القدس. وحضر الافتتاح شخصيات عربية، مثل الشيخ طاهر الجزائري، مؤسس المكتبة الظاهرية في دمشق، والذي أصبح أول أمين للمكتبة. ومحمود الحبّال، صاحب جريدة "ثمرات الفنون" البيروتية، الذي تولى فهرسة موجودات المكتبة.
نفتخر الآن بأسماء أساتذة عرب في جامعات عالمية. ولكن، لنتحدث عن عينة أساتذة قبل أكثر من قرن من الزمن. ماذا عن بندلي الجوزي (مواليد القدس 1871)، الذي عمل قبل الثورة البلشفية في روسيا العام 1917، أستاذا للدراسات العربية هناك، في جامعة قازان، وأصبح لاحقاً عميدا لكلية اللغات الشرقية في الجامعة (قبل افتتاح الجامعة العبرية) في القدس؟ وماذا عن يوسف ضياء الخالدي؛ أستاذ اللغة العربية في النمسا العام 1875، والذي كان قبل هذا رئيسا لبلدية القدس، وألّف قاموساً في اللغة الكردية، وأصبح لاحقا نائباً في البرلمان العثماني، وبَعثَ العام 1899 رسالة إلى مؤسس الحركة الصهيونية ثيودور هرتسل، يطلب فيها منه "ترك فلسطين بحق الله بسلام". وكلثوم عودة، بنت الناصرة المولودة العام 1892، التي أحبت طبيبا روسيا، وتزوجته رغم معارضة الأهل، وذهبت معه إلى روسيا، وبقيت هناك بعد وفاته المبكرة، وحصلت على الدكتوراة وصارت أستاذة جامعية في الأدب المقارن. وخليل السكاكيني الذي درّس العربية في نيويورك العام 1907، ثم عاد وأسس مع آخرين المدرسة الدستورية في القدس، لتقدّم أحدث وسائل التربية والتعليم.
هناك فيلمان وثائقيان يخصّان الجزء الغربي من القدس، المحتل العام 1948؛ أحدهما بالإنجليزية يسمى "سرقة الكتب الكبرى"، عن مكتبات منازل ذلك الجزء، المُصادرة، والموجودة الآن في الجامعة العبرية، وما تزال تحمل أسماء أصحابها وخربشاتهم وذكرياتهم. وفيلم آخر عنوانه "الحجر الأحمر"، في إشارة إلى لون حجارة بيوت القدس المُصادرة، بكل عراقتها ورحابتها وجمالها.
يحق لي الحلم أنّه من دون مشروع صهيوني، كانت القدس ستصبح مقراً عالميّا للثقافة الإنسانية، درّس في جامعتها العالمية المتخيلة "جامعة الحجر الأحمر"؛ كلثوم عودة، وبندلي الجوزي، والسكاكيني، وضمت موجودات مكتبة "خديجة الخالدي"؛ فأباهي صديقي من جامعة كيمبريدج، بأنّه ليست جامعتهم فقط التي بُنيت بوصايا السيدات الإنجليزيات الثريات، بل هناك نساء فلسطين. وأخبره عن جناح موجودات مكتبة الشيخ محمد الخليلي التي تأسست العام 1725، وكانت تضمّ سبعة آلاف كتاب، وعن مكتبات خاصة تبرع أصحابها بها للجامعة، وكلية الحقوق باسم "المدرسة الدستورية". كما عن "معهد الاسبرانتو" في الجامعة. وأحلم أنّ إدوارد سعيد، وإبراهيم أبو لغد، وسلمى الخضرا الجيوسي، وياسر سليمان، ووليد سيف، دَرّسوا فيها، وتخرج فيها محمود درويش، وأزيّن ركناً صغيرا لي فيها.

za

إقرأ أيضاً

الأكثر زيارة

Developed by MONGID | Software House جميع الحقوق محفوظة لـمفوضية العلاقات الوطنية © 2024