الاحتلال يشدد من إجراءاته العسكرية شمال الضفة    50 شكوى حول العالم ضد جنود الاحتلال لارتكابهم جرائم في قطاع غزة    دائرة مناهضة الأبارتهايد تشيد بقرار محكمة برازيلية يقضي بإيقاف جندي إسرائيلي    المجلس الوطني يحذر من عواقب تنفيذ الاحتلال قراره بحظر "الأونروا"    14 شهيدا في قصف الاحتلال مناطق عدة من قطاع غزة    16 شهيدا في قصف للاحتلال على وسط قطاع غزة    نادي الأسير: المخاطر على مصير الدكتور أبو صفية تتضاعف بعد نفي الاحتلال وجود سجل يثبت اعتقاله    قرار بوقف بث وتجميد كافة أعمال فضائية الجزيرة والعاملين معها ومكتبها في فلسطين    الرئيس: الثورة الفلسطينية حررت إرادة شعبنا وآن الأوان لإنجاز هدف تجسيد الدولة الفلسطينية وإنهاء الاحتلال    في ذكرى الانطلاقة.. "فتح": الأولوية اليوم وقف حرب الإبادة في قطاع غزة وإعادة توحيدها مع الضفة وتحرير الدولة الفلسطينية من الاحتلال    في ذكرى الانطلاقة.. دبور يضع إكليلا من الزهور باسم الرئيس على النصب التذكاري لشهداء الثورة الفلسطينية    الرئاسة تثمن البيان الصادر عن شخصيات اعتبارية من قطاع غزة الذي طالب بعودة القطاع إلى مسؤولية منظمة التحرير    اللواء أكرم الرجوب: "فتح" لن تسمح لأي مشروع إقليمي بأن يستحوذ على القرار الوطني    متحدثون: قرار وقف وتجميد كافة أعمال فضائية الجزيرة في فلسطين ضروري ويأتي في الاتجاه الصحيح    الامطار الغزيرة تغرق خيام النازحين في القطاع  

الامطار الغزيرة تغرق خيام النازحين في القطاع

الآن

متى وكيف نرفع كلفة الاحتلال؟ ...- د. عبد المجيد سويلم


دون أن ترتفع كلفة الاحتلال السياسية والاقتصادية أولاً ثم كلفة هذا الاحتلال اجتماعياً وثقافياً على المجتمع والدولة في إسرائيل فلا أمل على الإطلاق في خلق قاعدة حقيقية لأي تسوية سياسية متوازنة.
واذا كان هذا التقدير صحيحاً (وهو على الأغلب صحيح للغاية) فإن كل استراتيجيات المجابهة مع إسرائيل ومع كامل المنظومة الاحتلالية ستبقى قاصرة، وستظل في الواقع على الهوامش الجانبية للصراع ما لم تكن منطلقة من هذه الحقيقة. أي بمعنى آخر فإن الاحتلال الإسرائيلي هو منظومة متكاملة من العلاقات الاقتصادية مع الأرض الفلسطينية المحتلة قائمة على أسس كولونيالية قسرية ومفروضة ومحمية من قبل المنظومة الأمنية.
كما أن الاحتلال هو منظومة أمنية متكاملة قائمة على رعاية المصالح الاقتصادية والاجتماعية للدولة والمجتمع الإسرائيلي، وعلى تسهيل منظومات النهب المنظم للثروة الفلسطينية بما يشمل الأرض وما عليها وما في باطنها، وبما يحقق مصادرة كل ما من شأنه تنمية موارد وطاقات وقدرات الشعب الفلسطيني الواقع تحت الاحتلال.
وبمعنى معين فإن احتجاز التطور الفلسطيني ورعاية السطوة الإسرائيلية على مقدرات الشعب الفلسطيني هي المهمة المباشرة لمنظومات الاحتلال السياسية أيضاً، وذلك في ضوء أن اهداف وسياسات الاحتلال قائمة على عنصر العنف والإقصاء والقسرية وليس على عنصر التبادلية والندية.
نحن هنا لا نتحدث عن إجحاف أو عدم توازن وإنما نتحدث عن علاقات مفروضة بالقوة العسكرية وعن تبعية قائمة على الإخضاع، وعلى إدارة وتوجيه مباشر لكل العلاقات القائمة حسب المصالح السياسية والاقتصادية المباشرة والبعيدة للدولة الإسرائيلية.
بل ويمكن القول باطمئنان شديد أن "الهوامش" الثانوية المتروكة للمجتمع الفلسطيني هي هوامش متحكّم بها بصورة غير مباشرة من حيث الشكل ولكنها تدور في دائرة السيطرة الإسرائيلية في نهاية المطاف.
استراتيجية المجابهة الفلسطينية إذا لم تنطلق من هذه الوقائع، وإذا لم تستند إلى هذه "التكاملية" في فهم عمق وأبعاد المنظومة الاحتلالية فإنها لن تقوى على تأسيس ركائز حقيقية لإنهاء الاحتلال وتفكيكه فإنها فاشلة.
المعركة السياسية مع الاحتلال بالمعنى السياسي والدبلوماسي والقانوني من المفترض أن يتم إدارتها في إطار خطط متكاملة وتكاملية في المنظمات الدولية ومعها، وفي إطار المنظمات والتكتلات الدولية والإقليمية ومن على قاعدة تتجاوز المواقف التقليدية من الشجب والإدانة والاستنكار وتنتقل إلى دائرة العزل والحصار والمقاطعة.
هذه الإمكانية متوفرة في الواقع، وهي تحتاج إلى وضع الرؤى والتصورات والآليات والخطط التنفيذية القابلة للقياس والقابلة للتقييم والمراجعة ومعاودة التنشيط. كما أن المعركة السياسية والدبلوماسية باتت تتطلب إعادة هيكلة المؤسسات الدبلوماسية الفلسطينية لخوض معركة الانضمام للمنظمات الدولية بكل ما تتطلبه من جهود وطاقات وإمكانيات بما في ذلك الملاحقات الجنائية.
على أن هذه المعركة على أهميتها لا يمكن أن تحقق الأهداف المرجوة منها إلاّ إذا تضافرت وتكاملت مع جهد شعبي عارم ومنظم للمقاومة الشعبية، والتي إضافة إلى انسجامها الكامل مع القانون الدولي فهي الأسلوب الأمثل لحشد الدعم الدولي الرسمي من جهة والشعبي تحديداً وعلى وجه الخصوص.
عندما تبدأ المنظمات الدولية وكل الهيئات الدولية والإقليمية الارتقاء بأشكال المواجهة مع الاحتلال والانتقال إلى مرحلة أعلى من الإدانة والاستنكار نحو العزل والحصار فإن التضامن الذي تولّده المقاومة الشعبية السلمية رسمياً وشعبياً في أوساط الرأي العام العالمي سيساهم بصورة مباشرة في مأسسة هذا الانتقال وتحويله إلى واقع سياسي جديد.
هذه التكاملية ما بين العمل السياسي والدبلوماسي من جهة والشكل الكفاحي من جهة أخرى، وعلى الرغم من أهميتها الفائقة ومن تأثير دورها الفاعل إلاّ أنها تبقى دون المستوى المطلوب في معركة المجابهة.
لا تكتمل دورة المجابهة الفاعلة الشاملة إلاّ من خلال الخسارة الاقتصادية المباشرة والتي ستنعكس بنفسها على تلابيب المجتمع الإسرائيلي.
لتوضيح أبعاد هذه المسألة فإن علينا ـ على ما يبدو ـ أن نتعرف على الحقائق التالية:
• ليس صحيحاً على الإطلاق التقليل من شأن القوى والطبقات والفئات الاجتماعية الإسرائيلية المنتفعة من الاحتلال والمستفيدة بصورة مباشرة أولاً، وبصورة غير مباشرة ثانياً من هذا الاحتلال.
• نحن أكبر سوق للسلع الإسرائيلية وتجارة إسرائيل مع الأرض المحتلة هي تجارة نادرة في التاريخ الاقتصادي للشعوب. المعابر مفتوحة، والطرق أيضاً، وآلاف المصانع الإسرائيلية تنتج لاستهلاكنا، وهو استهلاك إجباري في بعض جوانبه، وشبه إجباري في جوانب أخرى. وهامش حرية الاختيار فيه محدودة للغاية إضافة الى كل المزايا والتسهيلات التي يؤمّنها الاحتلال لهذه العملية.
• كما أن الاحتلال يستورد من الأرض المحتلة ما يقرره هو وما يراه مناسباً له ووفق مصالحه الخاصة أساساً ليس فقط من السلع وإنما من العمالة ايضاً، وهو الذي يقرر عدد العمال ونوعية هؤلاء العمال وأماكن عملهم وبشروط اقتصادية مجحفة تصل إلى مستوى العبودية في كثير من الأحيان. فإذا أضيف إلى كل ذلك الكلفة "صفر" من ثمن الأرض التي يستولي عليها وكلفة السرقة والنقل للثروات التي ينهبها فإن الاحتلال الإسرائيلي في الواقع يصبح أكثر الاحتلالات إرباحية في التاريخ البشري المعاصر.
أما الاستيطان وتمويله فهو لن يتحول الى موضوع اقتصادي ضاغط على الميزانيات الإسرائيلية وخصوصاً الأمنية والاجتماعية منها إلاّ إذا تحول العامل الاقتصادي من الإرباحية العالية والاستثنائية الحالية الى تخوم الجدوى الضئيلة أولاً ثم دخوله إلى دائرة الخسارات المتراكمة.
لهذا كله فإن استراتيجية المجابهة لن تتكامل إلاّ بتحويل العامل الاقتصادي الى عامل مطروح على جدول اعمال السياسة الفلسطينية الرسمية والشعبية، والا اذا تغير مفهوم المقاومة الشعبية من مفهوم مشاركة في التظاهر والاحتجاج إلى مشاركة في تقويض المشروع الاقتصادي للاحتلال.
حين نحقق ذلك ونحن نستطيع أن نحقق ذلك اذا امتلكنا ارادة المجابهة الحقيقية فإننا نستطيع أن نستقبل كيري وميري وكل ما ترونه مناسباً، وحينها ستكون الخطط مختلفة والتوجهات غير كل ما نسمعه هذه الأيام حول خطط وبرامج وحلول مقترحة!!
وبالمناسبة فإن جوهر المجابهة هو برسم القوى السياسية الفلسطينية التي تدير معارك وهمية في الواقع مع هذا الاحتلال وتكتفي بلعن الظلام.

za

إقرأ أيضاً

الأكثر زيارة

Developed by MONGID | Software House جميع الحقوق محفوظة لـمفوضية العلاقات الوطنية © 2025