اقتراب كامب ديفيد (3) - احمد جميل عزم
عندما أصرت مادلين أولبرايت، وزيرة خارجية الرئيس الأميركي بل كلنتون، العام 2000، على دعوة الرئيس ياسر عرفات إلى قمة في واشنطن، تجمعه مع الرئيس الأميركي، ورئيس الوزراء الإسرائيلي حينها، إيهود باراك، كان هناك رفض وتردد من قبل الجانب الفلسطيني، الذي كان يعتقد أنّه قبل الذهاب للمفاوضات النهائية، يجب أن يكون الإسرائيليون قد أتموا انسحابا من 90 % من الضفة الغربية.
أُقيمت القمة في منتجع كامب ديفيد الرئاسي قرب واشنطن، ربما استبشارا بأن اتفاقيات مصر وإسرائيل في السبعينيات أُبرمت في المنتجع عينه. وانتهت بتحميل الفلسطينيين، وتحديداً الرئيس عرفات، مسؤولية الانهيار التفاوضي، ومن ثم تصاعد المواجهات في انتفاضة الأقصى. ما الذي يحدث الآن؟
الأسبوع الماضي، قابل الرئيس الفلسطيني محمود عباس، وزير الخارجية الأميركي، جون كيري، في باريس. وكان واضحاً أنّ الفلسطينيين لا يقبلون بطروحات كيري بشأن "اتفاق الإطار". والآن، هناك اجتماع مُقَرّ سلفا بين رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو والرئيس الأميركي باراك أوباما، في واشنطن الأسبوع المقبل. وقد تمت، على نحو عاجل، دعوة الرئيس الفلسطيني ليلتقي الرئيس أوباما، عقب لقاء الأخير مع نتنياهو. وبحسب الأنباء، من المتوقع أن يقدّم أوباما لكل من نتنياهو وعباس اتفاق الإطار المقترح.
بهذا المعنى، ما يزال غير مطروح عقد قمة جديدة، في كامب ديفيد أو غيره. ولكن المطروح تقديم شيء للطرفين. ومن غير المعروف حقاً، رغم تصريحات المسؤولين الأميركيين للصحافة، إن كان سيجري حقا تقديم مشروع اتفاق إطار للحل. وعلى الأغلب، استناداً إلى كل المؤشرات والتفاصيل، فإنّ ما سيجري تقديمه هو دعوة جديدة للمفاوضات، يؤيد فيها الأميركيون مطالب معينة للطرفين، من مثل القول إنّ الولايات المتحدة ستؤيد مطالب إسرائيل بأن يتضمن الاتفاق النهائي اعترافا فلسطينيا بإسرائيل باعتبارها دولة يهودية، وأنها ستؤيد حق الفلسطينيين في دولة. وبهذا المعنى، لن يكون هناك اتفاقيات حقا، ولكن دعوة جديدة للمفاوضات، تتضمن كشف حساب بمواقف الطرفين خلال المفاوضات السالفة.
ما سيقدمه الأميركيون لا يبلغ، غالبا، حتى ما تمت المطالبة به فلسطينيا للبدء في هذه المفاوضات، التي يُفترض أن تنتهي في نيسان (إبريل) المقبل؛ مثل الاعتراف الإسرائيلي بحدود 1967 حدوداً للدولة الفلسطينية، مع تبادل طفيف في الأراضي. على العكس، باتت مطالبات الإسرائيليين تتضح يوميا؛ فهم يريدون رسم خريطة جديدة لا تمت للعام 1967 بصلة، وإنما تقوم على أخذ مئات المستوطنات في الضفة الغربية بعين الاعتبار أثناء رسم خريطة جديدة.
ربما تتم الدعوة إلى قمة جديدة للتفاوض العاجل، على أساس "أجندة التفاوض" الأميركية؛ قد تكون في كامب ديفيد أو في مكان آخر. وقد لا تتم هذه الدعوة، وتصبح لقاءات أوباما الثنائية مع نتنياهو وعباس، ولقاءات لاحقة قبل نيسان (أبريل) المقبل، يعكف عليها كيري، بمثابة الفصل الأخير من جولة مفاوضات، يحدث بعدها انهيار أو جمود، على غرار ما حدث بعد "كامب ديفيد2".
"الانهيار" هو أحد السيناريوهات. وفي زمن الرئيس عرفات، كانت خطوة آرئيل شارون هي النقطة التي انفجرت عندها الأمور، واندلعت الانتفاضة. والآن، توجد خطوات تمهيدية لاقتحامات من المستوطنين ومحاولات لمنح جمعيات صهيونية صلاحيات ما في الحرم القدسي الشريف، ما قد يكون نقطة انفجار. إلا أنّ منهج الرئيس عباس مختلف، هو يسعى الآن إلى إدخال أطراف مثل روسيا، التي نجحت في حلحلة ما مع واشنطن في ملفات إيران وسورية مؤخرا. وهو بالتأكيد ضد انتفاضة جديدة، على عكس ما فعل عرفات. ومن هنا، أوفد عباس كبير المفاوضين، صائب عريقات، إلى موسكو، لنقاش المرحلة مع الروس.
وإذا انتهت المفاوضات من دون خطوة فلسطينية قوية، فسيكون استمرار الضغط للعودة إلى التفاوض قائما، وسيتم التمهيد لمفاوضات جديدة على الأسس ذاتها، ومن دون مرجعيات من أي نوع، ولو بعد حين. أمّا إذا اتجه الفلسطينيون حقاً للمنظمات الدولية، ولتعزيز المقاطعة ضد الإسرائيليين، وجرى تحرّك على صعيد المقاومة الشعبية المدروسة، وخطوات على صعيد المصالحة، فقد تختلف المعطيات، وقد تختلف المرجعيات، وقد يحدث ضغط ما على إسرائيل لوقف سياساتها، والالتزام حتى بما أبرمته سابقا من اتفاقيات، ومن ثم وضع آلية جديدة لتدويل الصراع.
haأُقيمت القمة في منتجع كامب ديفيد الرئاسي قرب واشنطن، ربما استبشارا بأن اتفاقيات مصر وإسرائيل في السبعينيات أُبرمت في المنتجع عينه. وانتهت بتحميل الفلسطينيين، وتحديداً الرئيس عرفات، مسؤولية الانهيار التفاوضي، ومن ثم تصاعد المواجهات في انتفاضة الأقصى. ما الذي يحدث الآن؟
الأسبوع الماضي، قابل الرئيس الفلسطيني محمود عباس، وزير الخارجية الأميركي، جون كيري، في باريس. وكان واضحاً أنّ الفلسطينيين لا يقبلون بطروحات كيري بشأن "اتفاق الإطار". والآن، هناك اجتماع مُقَرّ سلفا بين رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو والرئيس الأميركي باراك أوباما، في واشنطن الأسبوع المقبل. وقد تمت، على نحو عاجل، دعوة الرئيس الفلسطيني ليلتقي الرئيس أوباما، عقب لقاء الأخير مع نتنياهو. وبحسب الأنباء، من المتوقع أن يقدّم أوباما لكل من نتنياهو وعباس اتفاق الإطار المقترح.
بهذا المعنى، ما يزال غير مطروح عقد قمة جديدة، في كامب ديفيد أو غيره. ولكن المطروح تقديم شيء للطرفين. ومن غير المعروف حقاً، رغم تصريحات المسؤولين الأميركيين للصحافة، إن كان سيجري حقا تقديم مشروع اتفاق إطار للحل. وعلى الأغلب، استناداً إلى كل المؤشرات والتفاصيل، فإنّ ما سيجري تقديمه هو دعوة جديدة للمفاوضات، يؤيد فيها الأميركيون مطالب معينة للطرفين، من مثل القول إنّ الولايات المتحدة ستؤيد مطالب إسرائيل بأن يتضمن الاتفاق النهائي اعترافا فلسطينيا بإسرائيل باعتبارها دولة يهودية، وأنها ستؤيد حق الفلسطينيين في دولة. وبهذا المعنى، لن يكون هناك اتفاقيات حقا، ولكن دعوة جديدة للمفاوضات، تتضمن كشف حساب بمواقف الطرفين خلال المفاوضات السالفة.
ما سيقدمه الأميركيون لا يبلغ، غالبا، حتى ما تمت المطالبة به فلسطينيا للبدء في هذه المفاوضات، التي يُفترض أن تنتهي في نيسان (إبريل) المقبل؛ مثل الاعتراف الإسرائيلي بحدود 1967 حدوداً للدولة الفلسطينية، مع تبادل طفيف في الأراضي. على العكس، باتت مطالبات الإسرائيليين تتضح يوميا؛ فهم يريدون رسم خريطة جديدة لا تمت للعام 1967 بصلة، وإنما تقوم على أخذ مئات المستوطنات في الضفة الغربية بعين الاعتبار أثناء رسم خريطة جديدة.
ربما تتم الدعوة إلى قمة جديدة للتفاوض العاجل، على أساس "أجندة التفاوض" الأميركية؛ قد تكون في كامب ديفيد أو في مكان آخر. وقد لا تتم هذه الدعوة، وتصبح لقاءات أوباما الثنائية مع نتنياهو وعباس، ولقاءات لاحقة قبل نيسان (أبريل) المقبل، يعكف عليها كيري، بمثابة الفصل الأخير من جولة مفاوضات، يحدث بعدها انهيار أو جمود، على غرار ما حدث بعد "كامب ديفيد2".
"الانهيار" هو أحد السيناريوهات. وفي زمن الرئيس عرفات، كانت خطوة آرئيل شارون هي النقطة التي انفجرت عندها الأمور، واندلعت الانتفاضة. والآن، توجد خطوات تمهيدية لاقتحامات من المستوطنين ومحاولات لمنح جمعيات صهيونية صلاحيات ما في الحرم القدسي الشريف، ما قد يكون نقطة انفجار. إلا أنّ منهج الرئيس عباس مختلف، هو يسعى الآن إلى إدخال أطراف مثل روسيا، التي نجحت في حلحلة ما مع واشنطن في ملفات إيران وسورية مؤخرا. وهو بالتأكيد ضد انتفاضة جديدة، على عكس ما فعل عرفات. ومن هنا، أوفد عباس كبير المفاوضين، صائب عريقات، إلى موسكو، لنقاش المرحلة مع الروس.
وإذا انتهت المفاوضات من دون خطوة فلسطينية قوية، فسيكون استمرار الضغط للعودة إلى التفاوض قائما، وسيتم التمهيد لمفاوضات جديدة على الأسس ذاتها، ومن دون مرجعيات من أي نوع، ولو بعد حين. أمّا إذا اتجه الفلسطينيون حقاً للمنظمات الدولية، ولتعزيز المقاطعة ضد الإسرائيليين، وجرى تحرّك على صعيد المقاومة الشعبية المدروسة، وخطوات على صعيد المصالحة، فقد تختلف المعطيات، وقد تختلف المرجعيات، وقد يحدث ضغط ما على إسرائيل لوقف سياساتها، والالتزام حتى بما أبرمته سابقا من اتفاقيات، ومن ثم وضع آلية جديدة لتدويل الصراع.