الشباب في وجدان الرئيس!!! - رامي الغف*
في الكلمة التي ألقاها أمام شباب جامعات الوطن، بمقر الرئاسة في مدينة رام الله قال الرئيس محمود عباس، مخاطبهم نحن نعول عليكم ونبني آمالنا عليكم، ونتمنى أن تستلموا الراية وهي مرتفعة وليست منخفضة، لتكملوا بها المسيرة حتى النهاية. وأضاف سيادته أن جيل الشباب الذي يمثل 50% من الشعب الفلسطيني، أي أن 50% هم أقل من 18 عاما، وبالتالي شعبنا شعب شاب قادر على مواجهة الصعوبات والعقبات، قادر على أن يقف دون حقه بثبات مهما كانت هذه الصعوبات، لذلك نعول عليكم ونبني آمالنا عليكم ونتمنى أن تستلموا الراية وهي مرتفعة وليست راية منخفضة، لتكملوا بها المسيرة حتى النهاية، وقد ركز سيادته على عنصر مهم، ألا وهم الشباب، فقد ربط السيد الرئيس بين الشباب والتطور، وأعاد إلى الأذهان فكر الشهيد الرمز ياسر عرفات، في تفعيل دور الشباب كونهم الركيزة الأساسية في بناء الوطن الفلسطيني. إن الشباب الفلسطيني هم عماد كل فلسطين وأساسهـا، فهم قادة سفينتها نحو التقدم والتطـور، ونبض الحيـاة في عروق الوطـن ونبراس الأمل المضيء وبسمة المستقبل المنيرة وأداة فعالـة للبناء والتنميـة، وحينما يغيب دور الشباب عن ساحـة المجتمع الفلسطيني أو يُساء ممارسته، يتسارع إلى الوطن بوادر الركود وتعبث بهـا أيادي الانحطاط وتتوقف عجلة التقدم، كما أن الشباب لهم القدرة والقوة والطاقـة والحيوية تؤهلهم إلى أن يعطوا من أعمالهم وجهودهم وعزمهم وصبرهم ثمرات ناضجـة للوطن والقضية، إذا ما ساروا على الطريق الصحيح المرسوم في اتجاه التنمية والتقدم والازدهار، واستغلوا نشاطهم لما فيه منفعـة لهم ولغيرهم خدمـة للوطـن والوطنيـة، ومن هنا يؤكد الرئيس محمود عباس على الأدوار المهمة التي يمارسها الشباب في بناء أسس الدولة الفلسطينية العصرية الحديثة، وفق موازين التعددية واحترام حقوق الشعب الفلسطيني، إذ ركز في خطابه على أن الشباب هم الأمل والمستقبل وبناة هذا الوطن, وهم من سيتسلم الراية غداً ، لان الوطن يبنى على يد أبناءه وانتم أيها الشباب أبناءه, فعندما نبني شبابا قويا مؤمنا بوطنه، ويحبه ويخلص له؟ نكون قد اعددنا لمستقبلنا الفلسطيني الإعداد الصحيح. ومن هنا يجب أن تسعى كل العناصر المسئولة وأصحاب القرار في هذا الوطن والجهات النافذة ذات السلطـة والتدبير والتسيير، إلى خلـق أساليب وآليات تؤدي إلى استثمار طاقـة الشباب وقوتهم فيما يرجـى نفعـه وفائدته من فرص للعمل والشغـل لامتصاص أكبر قدر من الفقر والبطالـة التي باتت تنخر العمود الفقري لمجتمعنا الفلسطيني، وتهدد أكثر أفراده حيوية بالضياع والفقر والتشرد، وخلق أنشطـة رياضية وتعليمية وثقافيـة وفنية وإبداعية واجتماعيـة الخ، للنهوض بهذه الفئـة الشابـة والرفع من مستواها ومعنوياتهـا بدل إهمالها والتخلي عنها في عتمة زوايا الضياع، فالشباب اليوم هم الأكثر طموحاً في وطننا، وهذا يعني أن عملية التغيير والتقدم لديهم لا تقف عند حدود، والحزب السياسي أو المنظمة الشبابية أو أية مجموعة اجتماعية تسعى للتغيير السياسي أو الاجتماعي يجب أن تضع في سلم أولوياتها استقطاب طاقات الشباب وتوظيف هذه الطاقات باتجاه أهدافها المحددة، كما أن الشباب الأكثر تقبلاً للتغيير، بينما الشباب وبحكم هذه الخاصية فإن استعدادهم الموضوعي نحو التغيير وتقبل الجديد والتعامل معه بروح خلاقة ومبدعة سيضمن المواكبة الحثيثة للمتغيرات والتكيف معها بشكل سلس دونما إرباك، كما أن التضحية والحيوية فكراً وحركة، وبما يشكل طاقة دفع نحو التقدم، فالشباب المتقد حماسة وحيوية في تفاعله مع معطيات السياسية ومتغيراتها ومع معطيات المجتمع ومتطلباته هو الضمانة للتقدم بثبات فيما المجتمعات التي لا تحظى بهذه الطاقة الخلاقة فإنها مهددة بالانهيار والموت أو على أقل تقدير التقوقع والمراوحة في ذات المكان. إن الشباب في أي مجتمع تعتبر من أبرز الشرائح الفاعلة فيه والقادرة على العطاء لما تمتلكه من طاقات نفسية وجسمية وحماس واندفاع كبيرين، ولذا عادة ما تخطط الدول إلى استثمار هذه الطاقة سواء الأصلية منها أو الفائضة وتوظيفها بما يخدم المصالح الاجتماعية والأهداف الوطنية، وما لم يتم ذلك فإن هذه الطاقات تكون ثروات مهدرة لا يستطيع المجتمع الاستفادة منها، بل قد تتحول إلى أمراض تصيب مفاصل المجتمع بالعديد من الأخطار والأزمات والتبعات السلبية، ولذلك فإن أفضل استثمار يمكن أن يقدم لهذه الفئة المهمة من أبناء المجتمع هو توفير فرص عمل مناسبة لهم بحيث يستطيعون أن يوظفوا طاقاتهم وإمكانياتهم ضمن مشاريع التنمية الاقتصادية والاجتماعية، ولكن الملاحظ أن هنالك خللا واضحا في دور الاقتصاد المحلي في استيعاب هذه الفئة، انعكس على شكل ارتفاع في معدل البطالة وانتشار حالة اللامبالاة بينهم، بل والارتماء أحيانا في متاهات الغواية أو الأنشطة اللامسؤولة، وتعتبر قضية البطالة من أهم القضايا التي تؤرق بال الشباب في وطننا في هذه المرحلة، وتجعلهم قليلي الحماس للتفكير في المستقبل والتخطيط له، ولذا فإن هنالك نسبة كبيرة منهم (من الجنسين) لا تبدي حماسا كبيرا وتفاعلا لتحقيق نتائج متقدمة في مجال الدراسة لشعورهم بأن الفرص المتاحة أمامهم محدودة جدا أو غير ذات قيمة، ولتفاقم حالة الإحباط النفسي لديهم. وتبرز في هذا المجال مشكلة قد تكون من أبرز القضايا التباسا في علاقة الشباب بالعمل وهي ضعف التأهيل النفسي والاجتماعي للشباب للانخراط في مجالات العمل المتاحة أمامهم، وذلك بسبب بيئة التربية وتأثير المجتمع، فالكثير من الشباب حاليا يضعون لأنفسهم مواصفات غير عملية أحيانا تتعارض مع حاجاتهم للعمل من قبيل عدم القبول بمهن وحرف معينة أو وضع شروط تعجيزية أمام المؤسسات الموظفة أو عدم الالتزام والتقيد بضوابط ومتطلبات العمل المختلفة. من هنا ينبغي أن يبذل جهد كبير على صعيد التدريب والـتأهيل بما يتلاءم مع ظروف الشباب وحاجاتهم النفسية والاجتماعية وما يناسب سوق العمل أيضا بهدف معالجة هذه الإشكالية الحقيقية، ومن المؤكد أن جميع المشاريع الأهلية تتحمل مسؤولية وطنية في المساهمة في علاج مشاكل العمل لدى الشباب، فإن هنالك حاجة ماسة إلى إعادة النظر في مشكلة العمل والبطالة المستشرية في الشارع الفلسطيني، وان تكون لأجهزة الدولة التنفيذية والتخطيطية رؤية واضحة وثاقبة للمستقبل واحتياجات الشارع ، كذلك على الشباب الفلسطيني أن يكون بقدر المسؤولية وان يكون متيقناً أن أبواب العمل لا تُفصّل على مقاساته وعليه أن يكون مؤمناً بان العمل شرف مهما كان نوعه، ومن يبني نفسه من عمله هو خير واشرف ممن يتسكع على أبواب المقاهي والكافيهات والشوارع ينتظر من يقدم له ثوب العمل بألوان تناسبه.
إعلامي وباحث سياسي
Ramyprees35@hot.com