الاحتلال يشدد من إجراءاته العسكرية شمال الضفة    50 شكوى حول العالم ضد جنود الاحتلال لارتكابهم جرائم في قطاع غزة    دائرة مناهضة الأبارتهايد تشيد بقرار محكمة برازيلية يقضي بإيقاف جندي إسرائيلي    المجلس الوطني يحذر من عواقب تنفيذ الاحتلال قراره بحظر "الأونروا"    14 شهيدا في قصف الاحتلال مناطق عدة من قطاع غزة    16 شهيدا في قصف للاحتلال على وسط قطاع غزة    نادي الأسير: المخاطر على مصير الدكتور أبو صفية تتضاعف بعد نفي الاحتلال وجود سجل يثبت اعتقاله    قرار بوقف بث وتجميد كافة أعمال فضائية الجزيرة والعاملين معها ومكتبها في فلسطين    الرئيس: الثورة الفلسطينية حررت إرادة شعبنا وآن الأوان لإنجاز هدف تجسيد الدولة الفلسطينية وإنهاء الاحتلال    في ذكرى الانطلاقة.. "فتح": الأولوية اليوم وقف حرب الإبادة في قطاع غزة وإعادة توحيدها مع الضفة وتحرير الدولة الفلسطينية من الاحتلال    في ذكرى الانطلاقة.. دبور يضع إكليلا من الزهور باسم الرئيس على النصب التذكاري لشهداء الثورة الفلسطينية    الرئاسة تثمن البيان الصادر عن شخصيات اعتبارية من قطاع غزة الذي طالب بعودة القطاع إلى مسؤولية منظمة التحرير    اللواء أكرم الرجوب: "فتح" لن تسمح لأي مشروع إقليمي بأن يستحوذ على القرار الوطني    متحدثون: قرار وقف وتجميد كافة أعمال فضائية الجزيرة في فلسطين ضروري ويأتي في الاتجاه الصحيح    الامطار الغزيرة تغرق خيام النازحين في القطاع  

الامطار الغزيرة تغرق خيام النازحين في القطاع

الآن

'في الأثناء، ثمة حالة طوارئ في فلسطين' - مارجوت إيليس


نائبة المفوض العام وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين (الأونروا)
إن المأساة التي تتكشف في سوريا تطغى على عناوين الأخبار الدولية عن استحقاق. فالحجم الهائل من المعاناة يستصرخ طلباً للتغطية. وتقدر الأمم المتحدة أن 6.5 مليون شخص قد أصبحوا مهجرين داخلياً، أي حوالي ثلث سكان البلد قبل بدء الصراع. ونحن نقدر أن حوالي 9.3 مليون شخص في سوريا بحاجة إلى العون. كما يوجد حوالي 2.5 مليون لاجئ مسجل نزحوا إلى البلدان المجاورة. وقد توقفت الأمم المتحدة في كانون الثاني/ يناير من هذه السنة عن تقدير أعداد القتلى المتزايدة، بعد أن بلغت تقديرات وفيات الحرب مستويات صاعقة تتجاوز 100,000.

وقد كانت الأرقام مذهلة أيضاً بالنسبة للأونروا، كمنظمة تعمل مع أكثر بقليل من نصف مليون فلسطيني يقيمون في سوريا أو حولها، فحوالي 270,000 من اللاجئين الفلسطينيين في سوريا قد تهجروا داخلياً. ولم تسلم من تأثيرات الصراع جميع مخيمات اللاجئين الفلسطينيين الاثني عشر، فيما يجتاح القتال الدائر سبعة منها. وقد تحول أكبر المخيمات، وهو مخيم اليرموك في دمشق الذي كان يضم 160,000 فلسطيني، إلى ركام في أغلب أجزائه. هذا فيما نزح أكثر من 50,000 لاجئ فلسطيني من سوريا إلى لبنان ونزح 10,000 إلى الأردن وأكثر من 1,000 إلى غزة. وفي مواجهة هذه الحالة الطارئة الساحقة، قدمنا مناشدة إلى مجتمع المانحين نطلب أكثر من 400 مليون دولار أمريكي لتنفيذ 'خطة الاستجابة في سوريا'.

إن أموال المعونات في العادة تتبع الكاميرات. والكاميرات تتبع الصراع. وسوريا لا تشكل استثناءً من ذلك. فخطة الاستجابة في سوريا لسنة 2014 قد حظيت بقدر جيد من التمويل حتى الآن. وهذا أقل ما يستحقه موظفونا الذين يعملون ببطولة هناك، والمستفيدون من برامجنا الذين أنهكتهم الحرب. وفي هذا يكمن الوجه الجيد نسبياً من الأخبار. أما الأخبار السيئة بالنسبة للأونروا فهي أننا ننفذ برامج طوارئ في أماكن أخرى لديها احتياجات شديدة ومزمنة، ولكنها تعاني من إعياء إعلامي شديد: أعني بذلك غزة والضفة الغربية.

اعتلت غزة عناوين الصحف أثناء فترة تصاعد القتال في شتاء 2008-2009، ومرة أخرى في تشرين الثاني/ نوفمبر 2012. وتواجدت الكاميرات هناك لعدد قليل من الأيام لكي تلتقط عدساتها الهجوم الإسرائيلي والصواريخ التي انطلقت باتجاه تل أبيب والقدس.

أما الضفة الغربية فتعاني من إعياء إعلامي أكثر حدة، فقد تجاوز عمر الاحتلال 45 سنة، ولم يعد يصلح كمادة إعلامية برأي البعض. أما الأسباب الجذرية والمزمنة الأخرى للوضع الطارئ مثل التوسع الذي لا يتوقف في المستوطنات الإسرائيلية غير الشرعية، فهي بالكاد تستطيع لفت اهتمام عناوين الأخبار الدولية.

ومع الإعياء الإعلامي، أصاب الإعياء المانحين، فأصبحنا نواجه مشكلة في حشد التمويل لدعم عملنا الطارئ، وخاصة مع زيادة الضغوط على ميزانيات المعونات الأجنبية.

تتوقع الأونروا أن عملنا في مجال الطوارئ هذه السنة في غزة والضفة الغربية، والذي نحتاج إلى 300 مليون دولار أميركي لتنفيذه، سيحصل على 120 مليون دولار فقط وبالأساس من الدول المانحة التي تدعم عملنا. ستكون لذلك آثار محبطة على المستوى الفردي بالنسبة للمستفيدين الذين يوجدون في عداد أكثر الفئات معاناة وحرماناً في الشرق الأوسط. أما على المستوى الكلي، فيرجح أن يكون لذلك عواقب سياسية بالنظر إلى أن هذه هي الفئات السكانية التي من المفترض أن تكون منخرطة في العملية السلمية الجارية. ولكن آفاق انخراطهم سيتراجع في ظل استمرار إضعافهم الاقتصادي وما يترتب على ذلك من حس باليأس والعزلة.

في غزة، تخدم الأونروا 1.2 مليون لاجئ من مجموع 1.7 مليون نسمة، وربما يصل العجز في الميزانية حوالي 94 مليون دولار، ما سيترك أثراً مدمراً على السكان الذين أصبحوا يضيقون ذرعاً بعد حوالي سبع سنوات من الاختناق الاقتصادي الناجم عن الحصار الإسرائيلي، وبعد تدمير الأنفاق مع مصر، والتي كانت التجارة عبرها تشكل حبل نجاة مهماً بالنسبة للعديدين.

على الأغلب أن تصبح المعونات الغذائية التي تقدمها الأونروا أولى ضحايا النقص في تمويل برامج الطوارئ. ومن المرجح أن يتوقف برنامج الوجبات المدرسية في غزة، المعلق حالياً، والذي يقدم وجبة الصباح الاعتيادية الأولى لنسبة كبيرة من الطلبة في مدارسنا التي تضم ربع مليون طفل. سنعمل على توجيه أي تمويل غير مخصص يتوفر لدينا لتغطية المعونات الغذائية، ولكن ذلك لن يحول دون اضطرارنا لأن نخفض الحصص الغذائية المقدمة إلى جميع المستفيدين بدءاً من الأول من تشرين الأول/ أكتوبر، أو بدلاً من ذلك يمكن أن يتوقف تقديم المساعدات الغذائية بأكملها إلى حوالي 450,000 لاجئ لمدة ثلاثة أشهر. ونحن لا نريد أن نُجبر على اتخاذ هذا الخيار.

بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن يتوقف برنامج التعلم الصيفي لأكثر من 40,000 طالب وطالبة وقد يلزم إجراء تقليص ملموس في برنامج الصحة النفسية المجتمعية الذي نجريه في غزة. علاوة على ذلك، قد نضطر لوقف المساعدات النقدية للاجئين الذين لا يزالون ينتظرون الانتقال إلى مساكن جديدة في أعقاب جولتي القتال الأخيرتين ونتيجة الفيضانات المدمرة التي اجتاحت المنطقة في أواخر السنة الماضية. وستتفاقم المعاناة عندما نضطر لتقليص جميع تدخلاتنا الطارئة في مجال المياه والصرف الصحي وتخفيض دعمنا لبرامج الصحة البيئية.

وفي الوقت نفسه، قد تضطرنا توقعات نقص التمويل في الضفة الغربية لإجراء تخفيض ملموس في المساعدات الغذائية في الوقت الذي ترتفع فيه معدلات انعدام الأمن الغذائي، حيث تتزايد أعداد الأسر التي بحاجة إلى مساعدة لتلبية احتياجاتها الغذائية الأساسية، وخاصة داخل المخيمات. يوجد حوالي 195,000 لاجئ يفتقرون إلى الأمن الغذائي عبر الضفة الغربية، ولن يحصل هؤلاء على أية معونة غذائية. وتدل الاتجاهات الاقتصادية السائدة على أن هذا الرقم سيتزايد، فقد ارتفعت معدلات انعدام الأمن الغذائي في الضفة الغربية بشكل منذر من 25 بالمائة في سنة 2009 إلى 35 بالمائة في سنة 2012. وهناك ميل نحو التصاعد في هذه المعدلات. وفي هذا السياق، فإن النقص في تمويل المساعدات الإنسانية للضفة الغربية سيصب المزيد من الوقود على الوضع الصعب والقابل للاشتعال في أي وقت.

كما أن الاتجاهات الاقتصادية العامة في غزة لا تمنح الكثير من الأمل. فحسب أحدث البيانات الرسمية الفلسطينية، ارتفع معدل البطالة إلى مستوى قياسي ليقف عند 38.5 بالمائة في الربع الأخير من سنة 2013، بعد أن كان 27.9 بالمائة في الربع الثاني وبلغ 32.5 بالمائة في الربع الثالث. وبما أن اللاجئين يعانون من هشاشة إضافية، فقد تضرروا بشكل أكبر من الفئات الأخرى، حيث بلغ معدل البطالة بين تجمعات اللاجئين أكثر من 40.9 بالمائة مع نهاية السنة الماضية.

لقد خسر اقتصاد غزة خلال النصف الثاني من سنة 2013 ما يصل إلى 23,800 وظيفة، وكانت 11,000 منها في قطاع الإنشاءات. وبما أن هذا القطاع كان يوظف حوالي 24,000 شخص، فإن حوالي نصف المجموع الكلي للقوى العاملة في هذا القطاع قد انضم إلى صفوف البطالة، وذلك نتيجة الإغلاق المستمر. وفيما وفرت مشاريع الإنشاءات في الأونروا أكثر من 3,500 وظيفة في الربع الثالث من سنة 2013، فإن الحصار قد سبب تضاؤل هذا الرقم.

إن الإشارة واضحة. ففي الوقت الذي تدل فيه التنبؤات الاقتصادية على أن مستويات الاحتياج سترتفع، يرجح أن تضطر الأونروا لتقليص أنشطة الطوارئ التي تخدم سكاناً يزدادون احتياجاً. ولا خلاف على أن تقليص خدمات الأونروا يثبت بشكل ملموس أن بإمكانه أن يهدد الاستقرار في منطقة تعاني من الاضطراب من قبل وفي الأماكن ذاتها التي ينبغي أن يتم فيها تعزيز مبادرة السلام الحالية. فقد ارتفع منسوب الحدة والاضطراب أثناء الإضراب الأخير الذي نفذه موظفو الأونروا في الضفة الغربية عندما رأت تجمعات اللاجئين كيف تنحجب عنها الخدمات. وفي مناسبة واحدة لوحدها في مخيم الجلزون، تسبب العنف بإصابة أكثر من 40 شخصاً. وفي غزة، شهدنا كيف تعرض مقر رئاسة الأونروا للهجوم بسبب تخفيض الخدمات، كما وقعت احتجاجات عنيفة ضد تقليص الخدمات في أنحاء مختلفة من قطاع غزة في ظل الوضع المضطرب السائد هناك.

إن الطريقة الوحيدة بالطبع للتعامل مع هذه الطوارئ من صنع الإنسان تكمن في التخلص من مسبباتها الضمنية، أي الاحتلال الإسرائيلي للأرض الفلسطينية ولإغلاق المفروض على غزة الذي يخنق الاقتصاد ويرفع معدلات الفقر والبطالة، وخاصة بين الشباب، ويضطر السكان للاعتماد بقدر أكبر على المعونات التي يقدمها المجتمع الدولي. ولا شك أن الحاجة إلى التدخلات الطارئة ستتضاءل بشكل كبير إذا فتح المجال أمام غزة لممارسة أنشطة الأعمال والتجارة الاعتيادية.

السياق يعني كل شيء. والآن تبلغ صادرات غزة 1 بالمائة فقط من مستواها قبل سنة 2007، ويرتفع انعدام الأمن الغذائي في غزة بستة أضعاف عن معدله في سنة 2000. إن هذه التطورات البائسة توضح لماذا ينبغي أن يتم تمويل العمل الإنساني الطارئ الذي تقوم به الأونروا في غزة والضفة الغربية بالقدر الكافي، فالمساعدات التي تقدمها الأونروا تملك القدرة على بث درجة من الهدوء والاستقرار في حياة بعض التجمعات السكانية الأشد بؤساً وحرماناً في الشرق الأوسط. وبإمكان الاستثمار الصغير نسبياً الذي يقدم الآن أن يُنتِج قيمة دائمة وعائداً حيوياً لصالح السلام في لحظة حاسمة من أجل المستقبل.

وعلى العكس من ذلك، لا يجادل الكثيرون في أن الإخفاق في التعامل مع تنامي الحس بالعزلة والإضعاف في أوساط بعض التجمعات السكانية الأكثر يأساً حول إسرائيل يرجح أن تكون له عواقب سياسية بعيدة المدى. وهذا في الواقع ثمن لن يريد أحد أن يدفعه.

ــ

za

إقرأ أيضاً

الأكثر زيارة

Developed by MONGID | Software House جميع الحقوق محفوظة لـمفوضية العلاقات الوطنية © 2025