التوقيع التاريخي- محمود ابو الهيجاء
بالطبع للصبر الفلسطيني حدود، وبالتأكيد ان لهذا الصبر المشهود له بالنفس الطويل، وكلما وصل الى حده، خيارات صائبة وحكيمة، لا تجعل من نهاياته، نهايات انفعالية، او غير مدروسة، او قفزا الى المجهول، وعلى هذا النحو ينبغي ان نقرأ قرار الرئيس ابو مازن باجماع القيادة الفلسطينية، بدء التحرك السياسي والدبلوماسي للانضمام الى المعاهدات والمنظمات الدولية، كي تستكمل فلسطين حضورها السياسي والعملي في هيئات الامم المتحدة، كدولة كاملة العضوية، من اجل حضورها المادي على ارض الواقع في حدود الرابع من حزيران وبعاصمتها القدس الشريف, لطالما ان التعنت والصلف الاسرائيلي، والتراخي الاميركي تجاه هذا التعنت وهذا الصلف، مازالا العقبة الحقيقية امام تقدم المفاوضات ( خيارنا الاساس حتى الان ) واستكمالها من اجل اقامة الدولة وتحقيق سلام ممكن وعادل في هذه المنطقة.
ومرة اخرى ينبغي ان نؤكد مجددا ونشدد على ان على الادارة الاميركية قبل اسرائيل، ان تعرف جيدا ان الفلسطينيين في طريق الثورة والكفاح الوطني، ومنذ ان اطلقوا الرصاصة الاولى في هذه الطريق، يدركون ويؤمنون برؤية واقعية وخالية من اوهام الخطابات البلاغية، ان معركة الحرية والخلاص من الاحتلال، معركة طويلة، وسائلها عديدة، وخياراتها منوعة، بل انها لا تعدم الخيارات الواقعية والفاعلة، لتحقيق اهدافهم العادلة وانتزاع حقوقهم المشروعة، واكثر من ذلك يؤمن الفلسطينيون بقيادتهم الوطنية، انهم كما الحياة التي تجد طريقها دائما للتحقق والانتصار فانهم يجدون ذات الطريق مهما كانت الصعاب وايا كانت العراقيل، صعبة او شاقة اومظلمة او غير ذلك. نقول هذه الحقيقة مرة اخرى ونشدد عليها فلعل الادارة الاميركية تكف عن موقفها المتراخي تجاه الصلف والتعنت الاسرائيلي، لتنظر بعين الواقعية والموضوعية للموقف الفلسطيني لا من حيث انه موقف ساع للسلام العادل والممكن فقط وانما كموقف لا يعدم خيارات العمل الوطني من اجل تحقيق اهدافه العادلة، لتكف عن اضاعة الوقت، فتنحاز بنزاهة الوسيط لدعم هذا الموقف، ولطالما انها لا تريد وسيطا اخر في تسوية الصراع الفلسطيني الاسرائيلي.
لا نهدد احدا بهذا الموقف ولا نريد به ابتزازا لاحد، انه الثبات على المبادئ وعدم التراجع عن طريق الحرية للمضي قدما في هذه الطريق، واليوم بخطوات توقيع الرئيس ابو مازن على طلب الانضمام لخمسة عشر معاهدة ومنظمة دولية، وغدا بخطوات ستؤكد ان هذا التوقيع كان توقيعا تاريخيا, ولبنة استراتيجية اخرى لقيامة الدولة الفلسطينية المستقلة ودائما بعاصمتها القدس الشريف.