التهويش الاسرائيلي لا يخيف - عمر حلمي الغول
الخطوة الفلسطينية الصغيرة والشجاعة في آن بالانضمام ل(15) معاهدة واتفاقية اممية من 550 معاهدة واتفاقية دولية، التي اتخذتها القيادة السياسية نهاية الاسبوع الماضي في اعقاب رفض حكومة نتنياهو الالتزام بالافراج عن الدفعة الرابعة من اسرى الحرية، الذين اعتقلوا قبل التوقيع على اتفاقيات اوسلو، أثارت ردود فعل إسرائيلية واميركية متعددة.
رغم إعتراف حكومة إسرائيل أن الانضمام الفلسطيني للمعاهدات والاتفاقيات الخمسة عشر لا لؤثر على مكانة الدولة العبرية بقدر ما تحمل في جوهرها تأمين الحماية الدولية لابناء الشعب الفلسطيني من بطش دولة التطهير العرقي الاسرائيلية . مع ذلك قامت الدنيا ولم تقعد في اروقة الحكومة والاحزاب اليمينية الاسرائيلية، حاى بدا وكأن القيادة الفلسطينية، هي القوة "الممارسة للاحتلال" وليست دولة الابرتهايد الاسرائيلية؟ او كأن المطلوب من الفلسطينيين، ان يبقوا مستسلمين لمشيئة ومنطق وبلطجة حكومة قطعان المستعمرين الاسرائيلية!
هذا الوزير يهدد بعدم تحويل اموال المقاصة، وذاك يلوح بمضاعفة الحواجز بين المدن الفلسطينية، وآخر يطالب بسحب بطاقات ال VIP ورابع يطالب باعادة إحتلال الضفة الفلسطينية ... إلخ من التهديدات الغوغائية المارقة، التي تعكس فقر حال العقل السياسي الاسرائيلي في قراءة حدود الفعل السياسي الفلسطيني، وعدم قدرة على قراءة حاجة الفلسطينيين الى الاستقلال والحرية والعودة.
التهويش الاسرائيلي منذ زمن بعيد لم يعد يخيف الفلسطينيين. لان الشعب الفلسطيني، ليس لديه ما يخسره أكثر مما يخسره في بقاء الحال على ما هو عليه. وتخطىء القيادة الصهيونية كثيرا في رفضها التعاطي الايجابي الحقوق الوطنية الفلسطينية، واهداف الشعب الفلسطيني المتوافقة مع قرارات الشرعية الدولية ومرجعيات عملية السلام، وهي اهداف مقبولة من العالم، لا بل ان القيادة الفلسطينية بقبولها باقامة دولة فلسطينية على حدود الرابع من حزيران عام 1967، وضمان حق العودة للاجئين على اساس القرار الدولي 194، اعطت إسرائيل الاستعمارية تنازلا تاريخيا غير مسبوق، لانها تكون تنازلت عن قرار التقسيم الدولي، الذي قامت دولة إسرائيل على اساسه.
مضى زمن الترهيب والغطرسة والاستعلاء الاسرائيلي إلى غير رجعة، وارهاب الدولة الاسرائيلية المنظم اليومي لم يعد يفت في عضد ابناء الشعب الفلسطيني، رغم كل الالام والانتهاكات الخطيرة للقانون الدولي وحقوق الانسان، لان جرائم إسرائيل بقدر ما توجع وتضر بمصالح الفلسطينيين الانية، بقدر ما تصب الزيت على حالة الاحتقان والسخط الفلسطينية، وتعزز من مكانة وعدالة الحقوق الوطنية بالمعنى الاستراتيجي، وتفضح الدولة الاسرائيلية المارقة امام اوسع قطاعات الرأي العام العالمي، وتكشف زيف إدعاءاتها الاستعمارية.
سهل جدا عودة دبابات إسرائيل لاحتلال المدن والميادين الفلسطينية، وسهل جدا ان يعيث قطعان المستوطنين المستعمرين تخريبا في القرى والمدن العربية، وهي كما يعلم القاصي والداني لم تغادر الاراضي الفلسطينية، فمعسكرات جيش الموت الاسرائيلي ومقار اجهزته الامنية وسجونه ومستعمراته تطوق المدن والقرى والخرب والطرق والاجواء والمياه الاقليمية. وتستطيع كما فعل شارون في آذار 2002 اجتياح عملية السلام في كل لحظة، ولكنها ستغرق في الرمال الفلسطينية المتحركة، ولن تتمكن من ضبط غيقاع الشارع الفلسطيني والعربي. وبالضرورة لن يكون بالامكان الحديث عندئذ عن عملية تسوية سياسية، لان الفلسطينيين وصلوا الى الحد الاقصى من المرونة، وقدموا اقصى ما يمكن من التنازلات، وبالتالي إن افترض قادة إسرائيل، أن بامكانهم انتزاع تنازلات اضافية من الفلسطينيين، يكونوا سقطوا في وهم احلامهم، وشرور افعالهم، وبؤس مآلهم ومستقبلهم.
يبقى العتب، إن كان هناك من إمكانية للعتب على كيري، وزير خارجية اميركا، الذي حاول ان يضع القيادة الفلسطينية ودولة التطهير العرقي الاسرائيلية على قدم المساواة، حين استخدم تعبير "عدم التزام الطرفين بتقديم تنازلات" و"لجوئهم لاتخاذ خطوات احادية الجانب". هو يعلم وادارته كذلك تعلم علم اليقين، انهم جانبوا الصواب، لانهم يعلمون ان حكومة نتنياهو، هي وليس احد غيرها من رفض الالتزام بما تم الاتفاق عليه وتحت رعايتهم بالنسبة لاسرى الحرية وغير ذلك من اتفاقات. فلا يجوز لي عنق الحقيقة يا سيد اوباما ويا سيد كيري، وعليكم ممارسة نفوذكم للجم العدوانية الاستعمارية الاسرائيلية لتحقيق السلام. او فلترفعوا يدكم عن العملية السياسية، واتركوا للشرعية الدولية تلعب دورها المنوط بها تجاه عملية السلام.