يوم الطفل الفلسطيني- محمود ابو الهيجاء
لا فيزياء ولا كيمياء ايضا بوسعها ان تعقلن أو تفسر هذا المشهد: ثلاثة اطفال لا اظن ان اكبرهم يتجاوز الخمس سنوات، الاول في مقدمة الصورة يحمل حجرا بوزنه تقريبا، الثاني في يسار الصورة المغطى بالعلم الفلسطيني، يحرك حجرا اثقل من وزنه بالتأكيد، ثالثهم المتأهب بذات العلم في يمينه ينظر بعين الغضب الى اعلى التلة فجنود الاحتلال هناك على الاغلب.
ومثلما ستعجز قوانين الفيزياء والكيمياء عن العقلنة أو التفسير، سيعجز الارسال الادبي عن التعبير عن هذا المشهد، والتقاط المعنى كاملا فيه، لأن لهذا المعنى ظلا تراجيديا اكبر من ان يلتقط بأية كلمات، ولأنه خلف الزهو الذي يمكن ان نحتفي به، الزهو الذي يبعثه ما هو ظاهر للعيان في الصورة، حيث الطفولة الجريئة والشجاعة والوطنية الى هذا الحد الذي قد يحرج وطنية بعض الرجال اذا ما شئتم، خلف هذا الزهو ثمة صورة اخرى لطفولة إن لم تكن ضائعة، فهي مرتبكة وغير مدركة بالطبع لمخاطر موقف كهذا، المميتة عادة، لأن ثمة جنود احتلال لا يقيمون وزنا لحياة الفلسطيني طفلا كان او غير ذلك..!!!
ما نريد قوله اننا في يوم الطفل الفلسطيني، في الخامس من نيسان من كل عام والذي مر بالامس، ما زلنا لا نقرأ الصورة الاخرى، صورة الظل وحيث المعنى التراجيدي، في ضياع طفولة اطفالنا، وهذا ما يجعلنا لا نحسن انتاج يوم الطفل الفلسطيني، كيوم خارج بيانات الذكرى وفعالياتها السياسية والحزبية الدعائية ( على قلتها بالمناسبة ) ما يجعل منه يوما عابرا ونحن لا نلمس مسألته الانسانية، التي هي من اكثر المسائل التي تفضح وحشية الاحتلال وبشاعته وهو يدفع بعنفه وارهابه اطفالنا نحو رجولة مبكرة..!!
لدينا من هذه الصور الكثير ولا احد ينسى الطفل فارس عودة الذي بحجر بحجم قبضة يده الصغيرة وقف يتحدى وحش الميركافا الحديدي، ابتهجنا كثيرا بالصورة ولم نسأل انفسنا ترى اين ذهبت طفولة فارس ...!!