شكرًا قلقيلية...- صبري صيدم
عشية الأحد الفائت قدمت قلقيلية نموذجاً طيباً للوفاء بتكريمها للقادة المؤسسين للثورة الفلسطينية المعاصرة وقدامى المقاتلين فأعادت للمسيرة الوطنية بعداً اختطفته الأيام لعدة اعتبارات خلنا معها جميعاً وكأن حبل الوفاء للذين قاتلوا في معارك الشرف والكرامة قد انقطع.
عبد الفتاح حمود وأبو علي إياد وصبحي أبو كرش وهايل عبد الحميد وغيرهم المزيد ممن اختفت وتختفي أسماؤهم في محطاتٍ عدة لتعاود الظهور في مناسباتٍ نادرة واحتفالياتٍ عابرة واستحضار شحيحٍ للماضي.
قلقيلية المحاصرة المجروحة المكلومة بفعل الاحتلال ومستوطنيه رفعت يوم الاحد راية الوفاء بإقليمها ومحافظاتها وأهلها الطيبين البسطاء بسجيتهم والكبار بكرامتهم فعلموا أطفالهم وأطفالنا درساً كبيراً في الاعتزاز بالماضي وسير الراحلين والشهداء الأحياء واستحضروا تاريخاً ناصعاً مشرفاً أمام حشدٍ ضخم من الأهل والأحبة في مهرجانٍ ومعرضٍ غير مسبوقين من حيث الكم والنوع.
فاعتلى منصة التكريم خليط من الأهل: أطفال صغار أحفاد المكرمين، ومناضلون تقطعت أصابعهم وجرحت أجسادهم في معارك الفخار ومقاتلون نال منهم العمر فاتكأوا على أكتاف أحبابهم بعد أن اتكأت الثورة على هاماتهم لعقودٍ خلت.
فبينما كان أرباب الاحتلال يعدون منصاتهم لإطلاق المزيد من الوعيد والتهديد جراء قرار القيادة بالانضمام للاتفاقيات الدولية، كان الشباب الحر في قلقيلية يحضرون لهذا التكريم في معركة هادئة ما بين التاريخ وإرادة القمع وفي تعبير كبير عن الاعتزاز بالنضال والثورة والتأكيد على أنهما لما يلدا بالأمس.
الفلسطينيون يعرفون معنى الهوية ويحفظون في صدورهم من قاتل في معركة الجغرافية ويرفعون اليوم من شأن التاريخ في تقاطعٍ نوعي ما بين الهوية والتاريخ والجغرافيا على طريق الانتصار والتحرر.
شكراً لقلقيلية إذاً التي أفاقت البعض من غفوته في عالم التاريخ ونفضت عن البعض غبار الهم في عالم السياسة وجددت العهد في معركة البقاء وعالم الهوية وربطت الأجيال بموروث النضال في عالم التذكير وذكرت الكثيرين بأننا لم نولد لننكسر في عالم الجغرافيا وردت على المترددين أمام المانحين في تكريم شهدائهم حتى وان كثرت المغريات في عالم المال.
نعم لا خير في أمة لا تحترم تاريخها وإرثها وإنجازاتها ونضالاتها وقدامى محاربيها وشهدائها وأسراها وجرحاها ومناضليها ومتقاعديها.
شكراً للجنود الحاضرين والجنود المجهولين والقائمين والراعين والمنظمين والمكرِمين والمكَرمين على كل ما قدموه في مهرجان الكرامة الأحد الماضي.. لقد انعشتم العروق .. في مسيرة لم ولن تموت...
s.saidam@gmail.com