نيسان يزهر وفاءا - عمر حلمي الغول
نيسان يفتح ذراعيه واسعا للربيع، يفرش الارض بسجادة خضراء، وتتفتح بين روزنامة ايامه ازهار اللوز وشقائق النعمان، فيشكل لوحة طبيعية تحاكي المأساة والتراجيديا الفلسطينية بتفاصيلها بآمالها ومآلاتها.
الربيع الفلسطيني يزهر من بين الضلوع زنبقا ابيض رغم سواد المشهد، يلون الدنيا بالوان الفرح وقوس قزح، يحاكي الاحلام الكبيرة والصغيرة. يخفف من اوجاع الذاكرة المدماة بمذابح الصهاينة ولعنة الاخوة الاعداء، يشيع الامل في روح الاسرى الابطال...
نيسان من كل عام يحمل في ثناياه مجموعة مرارات وذكريات. يقص علينا لعنة الاعداء في دير ياسين، كيف ذبحوا الاطفال والنساء والرجال، وكيف تسربل الدم الاحمر القاني بين مسامات الارض ليزهر وردا وأملا ووعدا جديدا.. لم تمت دير ياسين، مازالت تخفق في القلوب الفتية بين الزهرات والاشبال عاما تلو الاخر، حيثما ولد فلسطيني، تولد معه الذكري، يرضعها وتنمو في الجينات، وتكبر الماساة يوما بعد يوم، لا تنام الذاكرة ولا تتقادم عبر السنين.
المذبحة .. المجزرة في دير ياسين ، ارواح 245 شهيدا من الاطفال والنساء والشيوخ والرجال الابرياء، الذي قتلوا بدم بارد في التاسع من نيسان 1948، كانت بوابة النكبة الكبرى للشعب العربي الفلسطيني، غير انها مازالت بوابة الذكرى للتمسك بالحقوق والثوابت الوطنية والعودة لارض الاباء والاجداد، وعنوان اساسي لمحاكمة مجرمي الحرب الصهاينة.
إبريل ينقلنا إلى خصب الوفاء للشهداء واميرهم ابو جهاد، الذي إغتاله مجرمو الحرب الاسرائيليون، إنتقاما من بحر الانتفاضة الهادر بالحرية والاستقلال. اغمض عينيه على وعد الانتصار، نام قرير العين في دمشق، التي احب ليكون على مرمى حجر من الرملة مسقط راسه. طلقات القاتل إيهود باراك وغيره من لبقتلة الاسرائيليين، التي إستباحت جسد البطل خليل الوزير علامة فارقة ودامغة على جريمة حرب جديدة في السجل الاسود لدولة الارهاب الاسرائيلية المنظم. وعنوان آخر من عناوين محاكمة القتلة الارهابيبن الاسرائيليين.
لم يمت ابو جهاد، لانه باق في احلام وطموحات الاجيال الجديدة. مازال واقفا ينافح عن مشروعه وخياره، كما الربيع يزهر عطاءا في نفوس الشباب الوطني، 26 عاما مضت على رحيل الامير ومشوار التحرر من نير الاحتلال الاسرائيلي متواصل دون توقف، تغذيه الطاقات الوطنية مستلهمة روح الشهيد البطل خليل الوزير. وسيبقى مشوار امير الشهداء باق حتى بلوغ هدف الحرية والاستقلال والعودة للاجئين.
نيسان حامل مشعل الربيع يقف كل عام ليضيء شمعة جديدة للوفاء لاسرى الحرية، اولئك الذين يزرعون مقومات الصمود والتحدي للجلاد الاسرائيلي. يرسمون لوحات البطولة في اقبية التحقيق والزنازين والعزل الانفرادي، يصرخون باعلى اصواتهم في وجه القاتل الغاصب الاسرائيلي. يرتلون ايات البطولة والعطاء صباح مساء، يحاصرون الجلاد مع انه مدجج بالاسلحة ووسائل الترهيب والقتل.
في إبريل يخرج ابناء فلسطين في الوطن والشتات وفي داخل الداخل لبرفعوا راية الوفاء للاموات الاحياء، لجنرالات البطولة ومعارك الصمود في باستيلات دولة التطهير العرقي الاسرائيلية. في ال17 من نيسان تتفتح زهور الحرية، وتتظافر ارادت الفلسطينيون في ارجاء الارض لتعلن وقوفها صفا واحدا في معركة الدفاع عن اسرى الحرية الابطال.
نيسان لا ينام في فلسطين إسوة بباقي شهور السنة، لان كل يوم من ايام التاريخ يحمل في ثناياه عنوانا من عناوين الرواية الفلسطينية. ايام العام واحداثه المتوالية وذكرياته المرة والحلوة على مدار عقود الصراع الطويلة دونت فصول التراجيديا الفلسطينية، وصقلت الاحلام والآمال والطموحات والاهداف الوطنية الكبيرة. ولنيسان خاصية الجمع بين الخصب والدم والحرية والربيع والوفاء..
oalghoul@gmail.com
a.alrhman@gmail.com