يوم الأسير... هو يوم للنضال وليس للاحتفال .. - الأسير المحرر/ خضر شعت
تطورت وتنوعت أشكال النضال لتحرير الأسرى في سجون الاحتلال الإسرائيلي، منها خطف جنود احتلال ومفاوضات وفعاليات تضامن محلية ودولية وحملات إعلامية وحقوقية...الخ، وكان من المفترض تقييم وتطوير هذه الآليات دورياً وفقاً للظروف والفرص المتاحة، كما ويُفترض أن يكون يوم الأسير مناسبة للنضال وليست للاحتفال، ويوماً لإبداع برامجي يرقى لحجم تضحيات الأسرى.
وبجانب الاهتمام العام الرسمي والشعبي بتحرير الأسرى، فقد اتسم هذا العام بحراك واسع تضامناً مع الأسرى، ويمكن تقييمه كما يلي:
1ـ المستوى السياسي: جعلت القيادة الفلسطينية مطلب تحرير الأسرى ضمن أولوياتها، وبعيد اتفاقات أوسلو نجحت بتحرير 90% من الأسرى أي نحو 11 ألف أسير، وبعد اعتماد فلسطين دولة مراقب امتلكت القيادة ورقة الانضمام للمحكمة الجنائية وللمنظمات الدولية، وأرغمت الاحتلال على تحرير المعتقلين قبل أوسلو، ورغم الحراك العالمي والإقليمي مع الأسرى، لكن الاحتلال زاد تعنته، معتبراً الأسرى أحد أوراق الضغط القليلة التي يمتلكها، وبالمقابل طالبت السلطة بتحرير مزيد من الأسرى بديلاً للانضمام للمحكمة الجنائية الدولية وشرطاً للبدء بأي مفاوضات سلام.
2ـ المستوى العسكري: منذ عام 1948 جرت 36 عملية تبادل للأسرى بين الاحتلال ودول عربية وفصائل فلسطينية، حيث تم تحرير آلاف الأسرى الفلسطينيين والعرب، ولكن ارتبطت عمليات الخطف ونجاح التبادل بأجندة الفصائل وبإرادة الاحتلال، وبخبرة منفذي العمليات ومحتجزي الجنود وخبرة التفاوض، وقد تعمد الاحتلال أن يجعل الثمن فادحاً عقاباً لعمليات الخطف وثمارها طويلة المدى، وأعلن رفضه لمبدأ التبادل مستقبلاً، كما أنه قلص تحركاته مما قلل فرص نجاح الخطف.
3ـ البرامج الحركية للأحزاب: منذ انطلاقتها اهتمت كافة الأحزاب بملف الأسرى، وبعضهم خصص مؤسسات مجتمعية وبرامج حركية تهتم بالأسرى، ولكن في الفترة الأخيرة استحدثت بعض الأحزاب دوائر وأطر حركية تهتم بقضية الأسرى، وكان أوضحها مفوضية الأسرى والمحررين لحركة فتح التي امتدت هياكلها في المستويات القيادية والميدانية للحركة لكنها تبقى غير كافية وتواجه معيقات عديدة، ورغم تزايد هذه الجهود الحزبية لكنها تبقى مبعثرة وغير متكاملة في خطة وطنية واحدة.
4ـ التضامن الشعبي: إن الحشد الشعبي لم يتوقف يوماً عن التضامن مع الأسرى، ولكنه تقلص بشكل كبير نتيجة الانقسام، وتمركز في فعاليات حزبية ومجتمعية موسمية وطارئة، وبرزت مؤخراً مبادرات شعبية تضامنية، نتيجة ضعف البرامج الحزبية والعزوف الشعبي عن المشاركة ببرامج الأحزاب، بينما تزايد التضامن الإقليمي والعالمي مع الأسرى بالسنوات القليلة ولكن بشكل نخبوي محدود ومتباعد زمنياً، ولا زال غير مؤثر بالقرار السياسي الإقليمي والدولي.
5ـ النضال القانوني: الخطاب الإعلامي والشعبي والحزبي والسياسي أصبح يستخدم المصطلحات القانونية ويستحضر المرجعيات القانونية الدولية ويستنفر المنظمات الحقوقية لأجل الأسرى، وقد بدأ الدفاع الحقوقي عن الأسرى أمام محاكم الإحتلال قبل أربعة عقود من خلال نقابة المحامين وبعض المؤسسات الحقوقية المحلية، ومؤخراً حاولت قلة من هذه المؤسسات مقاضاة قادة الاحتلال في محاكم وطنية غربية لكنها استضدمت بمصالح سياسية أوروبية إسرائيلية، وبعد انضمام السلطة الفلسطينية لاتفاقات جنيف تزايد مطلب انضمام السلطة الفلسطينية للمحكمة الجنائية الدولية كمحاولة لتحرير الأسرى، وكآلية ممكنة لمحاكمة الاحتلال على جرائمه بحق الأسرى.
ولكن بجانب الانضمام للمؤسسات الدولية نحتاج لتطوير إمكانيات وخبرات وهيئات وملفات قانونية وهي أحد متطلبات الملاحقة الدولية للاحتلال، كما أننا بحاجة لتنسيق جهود المؤسسات الوطنية والدولية، كاستجابة لاستحقاقات هذه المعركة القانونية، في ظل تزايد جرائم الاحتلال بحق أسرانا.
و بعد ما طغى النمط الاحتفالي ليوم الأسير حاولت بمقالي هذا إيضاح الصورة المؤلمة للإنسانية حول ملف الأسرى وما له وما عليه، لكي نقيِّم ونقوِّم الأداء، وهنا أطالب قياداتنا المنقسمة أن يتوحدوا في ملف الأسرى، وأن يعلنوا عن خطة وطنية تلملم الجهود المبعثرة بكل الميادين، وتخرج للعالم بخطاب موحد وفعاليات مؤثرة ترقى لحجم آلام الأسرى وتضحياتهم.
swar2912@hotmail.com