قراءة في انتخبات بيرزيت- عمر حلمي الغول
تقريبا كل عام اقوم بقراءة لنتائج انتخابات جامعة بيرزيت، لاني اعتبرها ميزانا لمزاج الرأي العام الوطني، وبالتالي لدلالاتها الشعبية والسياسية. وايضا لمتابعة الكيفية، التي تدار بها الانتخابات، وما مدى مصداقيتها، ومن ثم استخلاص العبر والدروس منها في قراءة مستقبل الحراك السياسي في المدى المنظور.
جاءت نتائج الانتخابات هذا العام، التي جرت الاسبوع الماضي منسجمة مع المزاج الشعبي الوطني العام الداعم للقيادة الشرعية برئاسة محمود عباس وحركة فتح، حيث حصلت حركة الشبيبة الفتحاوية على 23 مقعدا؛ وحصلت كتلة حركة حماس الطلابية على 20 مقعدا، في حين حصلت الجبهة الشعبية على 7 مقاعد والجبهة الديمقراطية على مقعد واحد، في حين لم تحصل القوى الاخرى على اي شيء.
المجموع 51 مقعدا المجموع الكلي لمجلس طلبة الجامعة، حصلت فصائل منظمة التحرير الفلسطينية ما مجموعه 31 مقعدا، وهو ما يؤكد ان الشارع الفلسطيني يقف بقوة مع الخيار الوطني العام. وتشير النتائج إلى ان حركة فتح مازالت تملك القوة رقم واحد في الساحة الوطنية، ليس فقط في اوساط م. ت. ف بل في اوساط الشعب كله. الامر الذي يفرض على القوى السياسية على امتداد الساحة الاقرار بمكانتها القيادية، مع ان حركة فتح تعاني من كم كبير من الازمات والارباكات، غير انها تؤكد حتى اللحظة، انها ممسكة بدفة القرار والمزاج الشعبي العام. وهي الاقدر على التعبير عن مصالح المواطنين.
غير ان هذا الفوز الهام لها (فتح) ليس كبيرا، ولا يسمح لها بالتحكم بالقرار السياسي والنقابي والجماهيري كما تشتهي وترغب، لان الفارق بين ما حصلت عليه من اصوات عن كتلة حماس الطلابية، فارق بسيط لا يزيد إلآ قليلا عن الاربعمائة صوت، وهو رقم غير كبير. كما ان عدد المقاعد في مجلس الطلبة لا يسمح لها بقيادة المجلس إلآ إن تحالفت مع كتلة الجبهة الشعبية دون غيرها، ولهذا التحالف ثمن كبير، مع ان الفصيلين يحتلان الموقع الاول والثاني في المنظمة مع الفارق الواضح في الحجم بينهما، لان حدود التباين في المسألة السياسية كبير بين القوتين، رغم الاتفاق على البرنامج السياسي العام.
كما ان الانتخابات اكدت فقدان عدد من قوى منظمة التحرير الحضور النقابي وبالتالي الجماهيري في اوساط الحركة الطلابية. الامر الذي يفرض على تلك القوى من موقع الحرص عليها وعلى تجربتها، إعادة نظر في اليات عملها لتكريس حضورها في الساحة الوطنية.
والخلل الابرز في الانتخابات، الذي يتكرر كل مرة تقريبا، هو غياب التنسيق بين فصائل المنظمة، او بالحد الادنى بين فصائل اليسار الفلسطيني، الذي افقد العديد من القوى الحضور حتى الرمزي في الساحة الطلابية. ولعل هذه من الدروس المهمة، التي تحتاج الى دراسة معمقة من قبل تلك القوى، لاستخلاص الدرس منها في الانتخابات القادمة. والامر ذاته ينطبق على القوى القومية، التي تحتاج الى استنهاض الذات، من هلال مراجعة مسؤولة لاداءها ودورها ومكانتها في الساحة. لان تمثيلها يحتاج الى نكريس وجودها في اوساط الحركة الطلابية. لا يكفي القول، انها موجودة هنا او هناك، الفصائل الوطنية كي تكون صاحبة تاثير في القرار السياسي، عليها تثبيت نفسها في اوساط كل القطاعات، وليس مطلوبا ان تكون بحجم فتح او حماس او الشعبية، ولكن على الاقل كالديمقراطية.
نتائج الانتخابات، تؤكد على انها انتخابات ديمقراطية نزيهة وشفافة، ولا يوجد فيها تزوير. قد يكون فيها إستقطاب من خلال الحوافز، لكن النتيجة المنطقية للانتخابات نؤكد انها بعيدة كل البعد عن اي عملية تزوير. وهي انعكاس لمزاج الشارع الوطني. الداعم للقيادة الشرعية. لكمها تفرض على الجميع البحث عن الشراكة السياسية، لان المجتمع الفلسطيني لا يقبل القسمة على فصيل لوحده مهما كانت قوته.
مبروك للقوى الفائزة في الانتخابات وخاصة كنلة الشبيبة الفتحاوية، التي تبوأت المركز الاول مجددا في مجلس الطلبة الاهم في فلسطين. والنجاح الاهم في تمكن فتح من الامساك بدفة القرار في المجلس. هل تتمكن؟ الامر متروك للابداع في نسج التحالف، الذي يسمح لها بذلك.
oalghoul@gmail.com
a.a.alrhman@gmail.com