الرئيس ... وقتل المرأة .... وأدوات التغيير - جهاد حرب
شكل القانون بقرار المعدل لأحكام المادة 98 من قانون العقوبات رقم 16 لسنة 1960 نقطة ايجابية للدفاع عن المرأة، وهي بالتأكيد تطور هام لوقف القتل المعنوي للمرأة المغدورة أي المساس بشرفها للحصول على عذر للتخفيف من الحكم.
إن المتتبع لخطوات الرئيس محمود عباس المتعلق بحقوق المرأة، يرى تصاعدا في معالجة الحيف الاجتماعي والقانوني في مكانة المرأة من خلال سلسة القرارات والتوجيهات، منها ما جاء كردة فعل على احداث قتل بشعة مثل الغاء العذر المحل المتمثل بالمادة 340 من قانون العقوبات قبل عامين، أو التعديل الحاصل على احكام المادة 98 المذكورة اعلاة بسبب تصاعد حالات القتل في الاونة الاخيرة. لكن الابرز هي التوجهات والتعليمات التي اوعز بها في يوم المرأة العالمي الى مجلس الوزراء بخصوص تعديل القواعد والنصوص التشريعية التي تميز ضد المرأة، وكذلك التوقيع على الاتفاقية الدولية لمنع التميز ضد المرأة "سيداو". الامران الاخيران يحتاجان الى ترجمة فعلية من خلال فحص وتدقيق التشريعات السارية المفعول من جهة، ووجود وزراء ومسؤوليين قادرين على فهم ارادة التغيير من جهة ثانية، ووضع سياسات وإجراءات ملموسة تتماشى مع التغيير المنشود من جهة ثالثة.
أما بخصوص التعديلات التي جرت على قانون العقوبات على الرغم من الايجابيات التي حملتها، فإنها تبقى منقوصة وغير مجدية لحماية المرأة الفلسطينية من القتل الجسدي والقانوني/ القضائي. إذ يرى العديد من القانونيين ضرورة الابقاء على العذر المخفف وفقا لأحكام قانون العقوبات لضرورات انسانية، وكفاية التعديل الذي شمله القانون بقرار باضافة الجملة "ولا يستفيد فاعل الجريمة من العذر المخفف إذا وقع الفعل على أنثى بدواعي الشرف" على نص المادة 98 منه. إلا أن ابقاء اسقاط الحق الشخصي ملزما للقاضي عند النظر في القضية المرفوعة أمامه تمثل عوارا أكبر وأكثر خطورة من هذه المادة.
فقد أثبتت الدراسات أن 70% من تخفيف العقوبة للجاني في جرائم قتل النساء جاءت بناءً على إسقاط الحق الشخصي وليس بالاستناد إلى المواد المتعلقة بالعذر المخفف في قانون العقوبات الساري. فإسقاط الحق الشخصي عادة يكون وفقا لصك / صلح عشائري. هذا الامر يشير الى أمرين الأول: أن القضاء النظامي يشجع الابقاء على هيمنة العشائرية في المجتمع. والثاني: يظلم الضحية "المرأة" بإسقاط حقها من قبل الوالي من ناحية ثانية.
يبدو أن المؤسسة الرسمية غير قادرة على الذهاب بالتعديلات الضرورية لحماية المرأة بل ايضا السير في مراجعة التشريعات الفلسطينية لتنسجم مع الاتفاقيات الدولية التي صادقت عليها دولة فلسطين. لكن، الى أن تحدث جريمة أو سلسة جرائم تهز المجتمع من اجل الوصول لقناعة بإصدار قانون عقوبات جديد؛ علما أن مسودته لها سنوات تنتظر الاقرار بعد ما انفق على اعدادها أكثر من نصف مليون دولار أمريكي في السنوات الثلاث الاخيرة، يمكن العمل على تطوير سياسة من قبل مجلس القضاء الاعلى تقضي بتشديد العقوبات في جرائم قتل المرأة، وبإحداث تطوير في ثقافة القضاة أنفسهم المتأثرة بالثقافة الشعبية التي في جزئها تجيز قتل النساء بداعي "غسل الشرف"، وبوضع اجراءات لا تتيح اسقاط الحق الشخصي بالطلب من جميع الورثة أو العائلة الممتدة الحضور الى المحكمة لسماع القضاة لهم.