بين الكم والنوعية- محمود ابو الهيجاء
في الحكمة، يقال إن الكم يمكن لك ان تعبئ به الامكنة وتسد به فراغات كثيرة، دون رهان على فائدة أو جدوى، اما النوعية فبوسعك ان تعتمد عليها حتى مع قلتها، والحال ان النوعية معجونة بالخبرة، وقائمة على حسن الانتماء وصفاء النوايا، ولا تعرف شيئا عن التلون والتقلب السلعوي ان صح التعبير، ولا ترى في ما تريد ان تعمل سوى التحديات وان تكون على قدرها، وهي لا تعرف الثرثرة والمظهرية وتصمت كلما تحدث السفيه والجاهل، سأستثني النمل وكائنات اخرى دون شك، من سلبية الكم، لحسن التنظيم عنده وحسن انضباطه وتلاحمه الذي يقيم ممالك من التراب، لكن حتى في هذه الممالك وحدها النوعية تحافظ على السلالة ...!!
وعند البشر والنفوس كثيرة، قال التاريخ لنا: ان الشعوب التي تلاحمت وتوحدت ارتقت الى مصاف النوعية فانتصرت، وسجلت حضورها بين الامم، وما زال الواقع الراهن في امكنة عدة، يقول لنا بوقائع موجعة: ان الفرقة والتشرذم وقتال الخلافات الثانوية ليست إلا وصفة للموت والعدمية والخروج من الواقع والتاريخ معا.
لهذا اردنا المصالحة، ولهذا سنرعى حكومة الوفاق الوطني ونسعى معها لتكون على قدر التحديات والمسؤولية.