47 عاما من الاحتلال - عمر حلمي الغول
مضى على نكسة الرابع من حزيران 1967 سبعة واربعين عاما، تلك الحرب، التي تمكنت دولة إسرائيل مدعومة من الغرب عموما واميركا خصوصا بهزيمة العرب واحتلال كل فلسطين التاريخية بالاضافة لسيناء المصرية والجولان السورية. في اعقاب اتفاقيات كامب ديفيد مع مصر تم الانسحاب من سيناء، ولكن رغم توقيع الفلسطينيون اتفاقيات اوسلو منذ 21 عاما، إلآ ان الاحتلال الاسرائيلي مازال جاثما على الاراضي الفلسطينية، ولم تسمح حكومات إسرائيل المتعاقبة باقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية، ومازالت ترفض اي تسوية سياسية تقوم على خيار حل الدولتين على حدود الرابع من حزيران 1967. كما ترفض من حيث المبدأ عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى اراضيهم وبيوتهم ومدنهم، التي هجروا منها في عام النكبة 1948. وايضا الجولان السورية مازالت تخضع للاحتلال الاسرائيلي.
تمر الذكرى ال47 لنكسة حزيران والقيادة الاسرائيلية أكثر إصرارا على المضي في خياراتها الاستعمارية المتمثلة اولا بتأبيد الاحتلال؛ وثانيا تعميق سياسة الاستيطان الاستعماري في اراضي دولة فلسطين المحتلة وفي طليعتها القدس الشرقية؛ ثالثا رفض خيار السلام من حيث المبدأ، وبالتالي تدمير خيار حل الدولتين على حدود الرابع من حزيران 1967؛ رابعا اعادة المنطقة برمتها إلى المربع صفر، وإدخالها في دوامة العنف والحروب؛ خامسا تهديد السلم الاقليمي والدولي؛ سادسا تهديد مصالح الغرب عموما واميركا خصوصا.
هذه السياسة الاسرائيلية الاستعلائية والمتغطرسة، ما كان لها ان تكون وتستمر في ظل سياسات عربية ودولية مغايرة، سياسات تدعم فعلا القانون الدولي ومرجعيات عمليات السلام، وتمارس سياسة شجاعة ضد نهج العدوان والاحتلال الاسرائيلي عبر منابر الامم المتحدة في مجلس الامن والجمعية العمومية على حدى سواء، سياسة تكيل بمكيال واحد مع كافة اطراف الصراع، وتخضع دولة التطهير العرقي الاسرائيلية إسوة بدول العالم لتلك المعايير الدولية، وفي حال انتهج العرب سياسة أكثر حرصا على المصالح العربية وخاصة قضية العرب المركزية، قضية فلسطين، من خلال إستخدامهم اوراق القوة المتوفرة بايديهم السياسية والديبلوماسية والتجارية والاقتصادية،
مع ذلك الفرصة لم تضع، ومازال هناك مجال لصنع السلام وازالة آثار العدوان الحزيراني البشع والاخير في العالم، إن شاءت دول العالم قاطبة وخاصة الولايات المتحدة تحقيق التسوية السياسية وفقا لمرجعيات السلام ومواثيق واعراف وقوانين الامم المتحدة، وبذلك تنجز صنيعا استراتيجيا في إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وذات السيادة وعاصمتها القدس الشرقية على حدود الرابع من حزيران 67، وضمان حق العودة للاجئين على اساس القرار الدولي 194، الدولة التي تاخرت ولادتها قرابة سبعة عقود. ولكن كما اشير آنفا، بسياسات مختلفة عما هو متبع من دول العالم والعرب مع دولة الارهاب المنظم الاسرائيلية. والمقصود هنا استخدام المعايير الدولية ذاتها في حل قضايا الشعوب كلها، واستخدام سلاح العقوبات للجم العدوانية الاسرائيلية، واخضاع إسرائيل المنفلتة من عقالها الاستعماري للقانون الدولي.
47 عاما وإسرائيل تجثم على الارض الفلسطينية والعربية في الجولان وبعض لبنان، آن الاوان لهذا الاحتلال ان يندثر ويزول ويعم السلام والتعايش بين شعوب المنطقة على اساس القانون الدولي ومبادرة السلام العربية، وإلا فعلى العالم ان يتحمل مسؤولياته نتاج الاستهتار الاسرائيلي بمواثيق وقوانين الشرعية الدولية وامتهانها واستباحتها للحقوق الفلسطينية والعربية العليا. فهل يدرك العالم ان الوقت آخذ في النفاذ، والصبر الفلسطيني والعربي، رغم كل الجراح يتجه نحو محطته الاخيرة؟