موقف وتطلعات - رئيس التحرير
ليس من باب المجاملات الدبلوماسية، وانما من باب القراءة الموضوعية، والواقعية السياسية الوطنية، ان نذهب اليوم الى النظر بعين التقدير، الى موقف الادارة الاميركية الاخير بشأن حكومة الوفاق الوطني الفلسطينية، اذ لا مقاطعة ولا اي اعتراض سلبي، بل اعتراف واستعداد للتعامل مع هذه الحكومة، وبما يخدم المحصلة فرص التقدم في مفاوضات السلام التي ترعاها الولايات المتحدة.
انه موقف يعزز تقدما في السياسة الاميركية لمعالجة اكثر فاعلية لملف الصراع الاساسي في الشرق الاوسط، على اسس نزيهة تحقق تقدما في مفاوضات السلام، وفي هذا الاطار لطالما اعربت القيادة الفلسطينية، وفي اكثر من مناسبة عن تقديرها للجهود الاميركية وخاصة الجهود المتواصلة التي بذلها وزير الخارجية جون كيري، مدعوما من الرئيس باراك اوباما وادارته في تحريك ودفع عملية السلام، وبالتركيز في مواقف ومناسبات عدة، بان الاستيطان يظل هو العقبة الرئيسة في طريق هذه العملية كي تمضي الى نهاياتها المرجوة.
وكانت اسرائيل، وبشكل خاص حكومة نتنياهو الاولى والحالية، ترد باستمرار بتحدي هذا الموقف الاميركي، واحيانا بعبارات وقحة تستخف بالمسؤولين الاميركيين، والى حد الطعن حتى بالسيادة الاميركية بهذا الشأن. ونتذكر هنا ما قاله بنيامين نتنياهو، ابان حكومته الاولى، للرئيس بوش الابن وادارته اذ قال بانه سيشعل الحرائق في واشنطن، وها هو الآن يقول: سأحرك الكونغرس ضد ادارة اوباما ....!!!
إن اسرائيل اليمين المتشدد، اسرائيل نتنياهو، ومن خلال اللوبي المؤيد لها في واشنطن انما تحاول الدفع بالادارة الاميركية لتبني سياساتها كاملة تجاه الموضوع الفلسطيني، وهو امر لا يخدم في المحصلة بطبيعة الحال، مصالح الولايات المتحدة ودورها كساع لتحقيق الاستقرار والامن والحفاظ على القانون الدولي، وعلى ما يبدو فان اسرائيل اليوم باتت تشتهي عزلة دولية لواشنطن، بل انها تدفع بهذا الاتجاه بعد انضمام فلسطين لمؤسسات ومعاهدات دولية، اذ تريد منها ان تخرج من كل هذه المنظمات والمعاهدات التي انضمت لها فلسطين، وربما تريدها ان تخرج حتى من الامم المتحدة ...!! أكثر من ذلك فان مصدر الاستهجان والغرابة في كل هذا السياق ان اسرائيل وباعتراف الاميركيين، لا تتردد بالتجسس على الولايات المتحدة بزرع اكبر عدد من الجواسيس في اداراتها، وبأن عددا من وزرائها واعضاء في الكنيست عندها لا يترددون بتكرار التصريحات المسيئة ليس فقط للوزير كيري ومساعديه، وانما للرئيس اوباما وادارته، ما يؤكد انه اذا كان هناك قانون يقول بالدولة المارقة والدولة الناكرة للجميل فانها ولاشك اسرائيل.
نقول كل ذلك ونحن ندرك كم هي معقدة ومترابطة شبكة العلاقات الاميركية الاسرائيلية، ونعرف كم عملت اسرائيل طوال سنوات كثيرة وما زالت تعمل على توسيع شبكة اللوبي المؤيد لها بالتقرب من كل المرشحين للعمل في الادارة الاميركية بمختلف مواقعهم، وهذا ما يجعلنا ننظر لكل موقف اميركي خارج تطلعات هذا اللوبي، بتصريحاته الايجابية من قبل ممثلي الادارة الاميركية سواء في اسرائيل او لدى فلسطين، بانه موقف يستحق التقدير وتصريحات تلقى لدينا الارتياح والترحيب.
وبالقطع فاننا لن نقف عند هذه النقطة فحسب بل اننا سنسعى بالتفاهم الايجابي وبالعمل المشترك مع الادارة الاميركية وممثليها هنا، على تخليق المزيد من هذه المواقف وترسيخها خدمة لعملية السلام التي مازلنا نراها ممكنة بل انها اليوم كذلك، طالما تتقدم الولايات المتحدة على هذه الطريق، طريق المواقف الايجابية التي تؤمن رعاية نزيهة لعملية السلام من اجل ان يتحقق.